صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


رفعت الجلسة| ليس ذنبي أننى «ابنك» (١- 2)

جودت عيد

الخميس، 28 أبريل 2022 - 07:35 م

لم أشعر مع «الأولى» أننى زوجها، فكيف سأتحمل عناء «الثانية» .. أنا شاب، يا أبى، ولست محللًا لإنقاذ العادات والتقاليد، كفى ما حدث، وتكراره مرفوض حتى لو تركت البيت وهاجرت بعيدا.


ليس ذنبى أننى الباقى على قيد الحياة من أبنائك، بعد أن فقدت اثنين منهما بسبب مرض أو حادث، أصبحت الأن مطالبا بستر زوجتيهما وإنقاذ أطفالهما من اليتم، رضيت بالأولى زوجة رغم برود المشاعر بيننا، واستسلام كلينا للأمر الواقع غصباً، لكن محال أن أقبل بالثانية زوجة لى، ليس لكونها صديقتى فى البيت، وشقيقتى التى لم ينجبها أبى وأمى فقط، ولكن لأننى لست دمية، مطلوبًا منها أن تنطق فقط بكلمة حاضر، دون أن تعبر عن مشاعرها، وتعلن فى يوم من الأيام تمردها ورفضها للأمر الواقع.

 

كان البيت الريفى القابع فى إحدى قرى محافظة كفر الشيخ حديث الجميع، الكل يتهامس على ذلك الفتى الصغير، الذى أصبح زوجاً وعمره فى بداية العشرين عاماً، وبعد أربعة أعوام أصبح مطالبًا بأن يتزوج من امرأة ثانية، دون أى تردد أو رفض.

عاش هذا البيت ثلاثة أعوام من المأساة، توفى الأخ الأكبر بعد معاناة مع مرض السرطان، وترك خلفه زوجة وطفلين أعمارهما ما بين الثالثة والخامسة.
لم يكن أمام الأب الذى تجاوز عمره السبعين، سوى الحفاظ على زوجة ابنه وأولادها تحت رعايته وعطفه وبصره، لكن تحقيق ذلك الهدف كان يتطلب تضحية من شخص ما، بأن يرتضى بالزواج من أرملة ابنه ويحافظ على أبنائه اليتامى فى منزل العائلة.

إقرأ أيضاً | رفعت الجلسة| لا يسألون الناس إلحافا (3)

لم يفكر الأب كثيرا، نادى على ابنه الأصغر ذو العشرين عاما، أخبره بما يفكر فيه، لكن الفتى كان سريع الرد «رفض.. وطلب من أبيه نسيان هذا الأمر نهائيا»، كرر الأب طلب الزواح مرة أخرى على ابنه، أخبره أنه فكر فى شقيقه الأكبر قبله، لكنه تراجع، حيث سترفض زوجته أن يتزوج من أرملة أخيه، وقد يثير الأمر المشاكل والغيرة بين الزوجتين.

عاد الشاب وكرر رفضه لطلب أبيه الزواج من أرملة أخيه، أخبره بأنها بالنسبة له شقيقته، ولن يستطيع أن يتقبلها زوجة له، لكن الأب كان شديد القسوة هذه المرة مع ابنه الأصغر، هدده بالطرد من البيت إذا رفض تنفيذ طلبه، فى حين أخبرته والدته بأن جارهما يسعى للزواج من أرملة أخيه، فهل يرضيه ذلك؟
لم يكن أمام الشاب اختيار آخر، الضغوطات تتوالى عليه من كل حدب وصوب، ليمتثل أخيراً، ويتزوج من أرملة أخيه دون عرس أو زفاف، أو حتى ارتداء «بدلة الفرح».

لم يصدق الشاب ما حدث، من كانت زوجة أخيه أصبحت زوجته!، هو لا يعرف ماذا يفعل؟، كل من كان يتحدث معه، يطلب منه الصبر وسيتعود عليها زوجة له، لكن الأيام تمر والوضع كما هو، مازال يعتبرها زوجة أخيه، حتى تدخل أبوه ونهره أكثر من مرة مطالبًا إياه بمعاملة أرملة أخيه كزوجته ومنحها حقوقها الشرعية كاملة.

ارتضى الابن بالأمر الواقع، أخفى ذاكرة شقيقه من عقله، وصورته من أمام عينيه، وعاملها كزوجة له، ومنحها حقوقها الشرعية كاملة.
مر عامان والوضع يسير ببطء، فالمشاعر بين الابن والزوجة مازال يحملها «البرود» حتى استيقظ الجميع على فاجعة جديدة، رن هاتف الأب .. أخبره المتصل بوفاة ابنه الأوسط فى حادث سير.

وقع الخبر كالصاعقة على الجميع، فقد الأب الابن الثانى، وترك له زوجة وطفلة صغيرة لم يتجاوز عمرها الـ4 سنوات، تكرر الوضع مرة أخرى، وأصبح الأب فى حيرة من أمره، خاصة وأن أرملة ابنه «الأوسط» هى ابنة أخيه «الوحيدة» وهو من قام بتربيتها بعد وفاة شقيقه.
احتار الأب، ولم يعرف ماذا يفعل؟، أحداث ما بعد وفاة ابنه «الأكبر» تمر أمام عينيه، لكن هذه المرة، الوضع مختلف، فأرملة ابنه الأوسط من العائلة ولا يجب أن يتركها تغادر البيت، فليس لها مأوى غيره.

قرر الأب إقناع ابنه بالزواج من أرملة أخيه الثانية، شرح له الوضع جيدا، وأكد له أن القدر هو من اختاره لستر زوجات وأبناء شقيقيه، لكن هذه المرة لم ينطق الفتى، ترك أبيه يتحدث وغادر إلى الخارج دون أن يتفوه بكلمة.

مر أسبوعان، والأب والابن يتجاهلان الحديث عن وضع أرملة أخيه الثانية، حتى فوجئ بزوجته «أرملة أخيه الأكبر « تطلب منه أن يوافق على طلب أبيه ويتزوج ابنة عمه.

ثار الابن فى وجه الجميع، أخبرهم أنه استجاب لطلبهم الأول بالزواج من أرملة أخيه، رغم رفضه لهذا الأمر، وأنه لن يقبل بالزواج من امرأة أخرى.
بعدها فاجأ الجميع، كشف لهم اسم الفتاه التى كان يحبها قبل أن يرغم على الزواج من أرملة أخيه، أشار إليهم بابنة طبيب القرية التى توفى زوجها فى حادث بالسعودية.

قال: «هذه هى من أحببتها، وأنا من تركتها بعد زواجى من أرملة أخى .. هى الآن أرملة وتنتظرنى للزواج بها، ورعاية ابنها اليتيم».
أضاف: «أنتم أرغمتمونى على الزواج من أرملة أخى، فهل ستوافقون على الزواج ممن أحببتها؟، قابل والده حديثه بطرده من البيت، لكن الفتى، أصر على موقفه، رأى أنه سيناريو رسمه القدر ويجب ألا يتركه .. تواصل مع أسرة حبيبته الأولى، وافق على شروطهم، تزوجها وعاش بشقة فى مدينة دسوق، وترك عائلته فى القرية وسط مقاطعة من الجميع.

علمت أرملة أخيه بزواجه، تركت البيت وسافرت مع أطفالها الى بيت عائلتها بمحافظة البحيرة، لتتوجه بعدها إلى محكمة الأسرة بدسوق وتقيم دعوى خلع ضد زوجها، الذى رفض تطليقها احتراما للعادات والتقاليد وحتى لا يغضب والده أكثر من ذلك.

حصلت الزوجة على حكم بخلع زوجها، لكن الأزمة مازالت قائمة بين الأب الذى يتمسك بزواج ابنه من أرملة أخيه وبنت عمه، والإبن الذى وافق على شروط أهل زوجته الحالية بعدم الزواج من امرأة أخرى، وإلا سيكون الطلاق هو الحل.
نستكمل العدد القادم.

 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة