آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

جزيرة عبد الرحيم كمال

آمال عثمان

الجمعة، 29 أبريل 2022 - 04:42 م

 

يستقى من الواقع أحداثه وشخوصه، ليعيد تشكيلها وصياغتها، بخيال مبدع لديه موهبة استثنائية، وثقافة واسعة تُمكِّنه من الخوض فى القضايا الشائكة ببساطة وعمق، وطرح أهم وأخطر الأفكار بسلاسة ووعي، وأسلوب فنى وفكرى ممتع ومشوِّق يصل سريعاً إلى الوجدان الإنساني، ويحلِّق بالأفئدة بعيداً عن المباشرة والوعظ والخطابة.

ولطالما فاجأنا الكاتب عبد الرحيم كمال بالأماكن التى يختارها لتكون مسرحاً لأحداثه وأبطاله، وهذا العام اختار «جزيرة غمام» فى صعيد مصر، لينسج بداخلها عالماً ينتمى إلى بداية القرن الماضي، ويصيغ رؤيته وأفكاره، ويصنع من ذلك الخيال الأسطورى عملاً درامياً شديد الصدق والواقعية، نعيش معه جراح وأوجاع واقعنا الحالى بأدق تفاصيله، ونرى شخوصاً وأنماطاً بشرية رُسمت بمهارة وإحساس واعٍ، تجسد نماذج إنسانية تعيش بيننا، وشخوصاً موجودة فى كل مكان.

قدَّم عبد الرحيم كمال مع المخرج المبدع حسين المنباوى تحفة فكرية وبصرية، وعملاً فنياً يغرِّد خارج السرب، دراما شديدة التميز فى كل عناصرها الفكرية والبصرية، تعكس اهتمام المخرج بأدق التفاصيل، بداية من مواقع التصوير، الديكور، الملابس، والمكياج، مروراً بالإضاءة، التصوير، الموسيقي، والمونتاج، أما التمثيل فحدِّث ولا حرج، جاء اختيار الممثلين بمنتهى البراعة والذكاء، وكل منهم أتقن الشخصية التى يؤديها بامتياز، كل مشهد مباراة ممتعة فى التمثيل، تُضفى على الحوار مزيداً من التألق والوهج، الفنان طارق لطفى أو «خالدون» صورة للشيطان الذى يستخدم كل الأساليب للإيقاع بالبشر، ويؤكد من خلالها قدرته على التلوّن والتنوع فى الأداء ببراعة مذهلة، النجمة مى عز الدين «العايقة».. المرأة الغجرية الفاتنة، راهنت على البطولة الجماعية، وكسبت الرهان وقدمت أفضل أدوارها. الفنان فتحى عبد الوهاب أو «محارب»، كعادته السهل الممتنع، نموذج للتطرف والغلو الدينى دون مبالغة أو تحذلق، ومحمد جمعة «يسرى» الإنسان الذى يستغل الدين فى الدجل وخداع البسطاء لتحقيق مكاسب مادية.

أما المبدع أحمد أمين فكان بحق مفاجأة العمل بأدائه السلس البسيط لشخصية «عرفات»، المسلم الوسطى المحب للحياة والجمال الذى أبدعه الخالق على الأرض، والمتصوف الزاهد فى الجاه والمال، الطامع فى الرضا ومحبة الله، والإنسان الصادق الذى يمتلك قلباً عامراً بالنور والحب، ولا يمكن أن نغفل عظمة أداء «العجمي» رياض الخولي، المعلمة «هلالة» وفاء عامر، «بطلان» محمد البزاوى، و»الخالة مليحة» عايدة فهمي، وغيرهم ممن أمتعونا.
لقد أعاد لنا الكاتب المبدع عبد الرحيم كمال زمن الكتَّاب الكبار، الذين كانت أسماؤهم على أى مسلسل تضمن مشاهدة عمل فنى متميز، يحترم عقل الجمهور ويُمتعه فكرياً وبصرياً ووجدانياً.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة