أميمة كمال
أميمة كمال


عندما ترى التاريخ وهو يُصنع

أخبار اليوم

الجمعة، 29 أبريل 2022 - 05:14 م

بقلم: أميمة كمال

 

وجدت الوقت مناسبا لكى أعيد قراءة كتاب فى غاية الأهمية، فى ذات الوقت الذى أتابع فيه اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، والتى اختتمت منذ أيام. متعة ذهنية أن تقرأ سطور الاقتصادى جوزيف إستجليتز، الحائز على جائزة نوبل فى الاقتصاد. أهمية كتابة (ضحايا العولمة) أنه يقص تجربته عندما كان النائب الأول لرئيس البنك الدولى.. الاقتصادى الأشهر وصف نصائح الصندوق للدول بأنها تجاوزها الزمن. ويقول أنه عندما كانت الأزمات تضرب بلدا ما كان الصندوق يقدم وصفته الجاهزة، دون الأخذ فى الاعتبار تأثير ذلك على الفقراء، أو إمكانية إحداث قلاقل اجتماعية. وعندما تأتى تلك السياسات بمكاسب، كانت تذهب عوائدها إلى الفئات الأكثر ثراء.

وكان أصحاب القرار فى الصندوق ينظرون إلى تلك السياسات باعتبارها مريرة، ولكن لاغنى عنها. وستيجليتز كتب تجربته ليس من على كرسيه الوثير فى مقر المؤسسة الدولية، ولكن من خلال زياراته، ومناقشة الآلاف من المسئولين، والوزراء، ورجال أعمال، ومزارعين، ورجال حرب عصابات فى حالة تمرد فى الفلبين، وطلبة مدارس نائية فى الهيمالايا، وأصحاب مشاريع رى فى نيبال، لكى يرى تأثير برامج خفض الفقر. «لقد رأيت التاريخ، وهو يُصنع» هكذا يلخص تجربتة. وضرب مثلا بأندونسيا حيث أصر الصندوق على إلغاء دعم الغذاء والكيروسين، فى ذات الوقت الذى تسببت سياسات الصندوق فى حالة من الركود، صاحبها تراجع الأجور وارتفاع البطالة. مما أثر كثيرا على حالة التماسك الاجتماعى. وهذا نتاج لتجاهل السياق الإجتماعى والسياسى. وهنا يلفت النظر إلى أن العدل أحد مكونات العقد الإجتماعى.

بحيث يتحتم أن يحظى الفقراء بنصيب من مكاسب النمو الاقتصادى ولكن الصندوق لايشغله كثيرا قضايا التوزيع، وهو ما استخلصه من تجربته. والآن يمتلا موقع صندوق النقد برسومات بيانية حول حالة عدم المساواة فى العالم. وكيف أن أغنى 10% من السكان، يحصلون على نصف الدخل العالمى، بينما الـ50% الأفقر لاينالون سوى 8.5%.  وتتحسر مدير الصندوق كريستالينا جورجييفا فى كلمتها فى اجتماعات الربيع على ملايين الفقراء، الذين ستنخفض دخولهم، ويتحملون المشقة بسبب الحرب والجائحة. فهل يحاول الصندوق أن يكتب تاريخا مغايرا، لما رآه ستيجليتز يُصنع داخل أروقته؟.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة