القضاء في عهد أبي بكر الصديق
القضاء في عهد أبي بكر الصديق


لماذا طلب «الفاروق» إعفاءه من منصب القضاء في عهد أبي بكر؟

أخبار الحوادث

الأحد، 01 مايو 2022 - 01:50 م

أحمد الإمام

القضاء في كل عصر من العصور يمثل أحد الركائز الأساسية لاستقرار الدولة وتحقيق العدالة بين جميع فئات الشعب بدون تمييز لأحد بغض النظر عن عرقه ودينه ومستواه المادي، واستقرار منظومة القضاء تضمن تحقيق السلم الاجتماعي في أي مجتمع لشعور أفراده بأن هناك من يحميهم ويرفع عنهم المظالم ويرد إليهم حقوقهم المسلوبة، وكان القضاء منذ فجر الدولة الإسلامية من الدعائم الرئيسية للامبراطورية الوليدة التي خرجت من حدود جزيرة العرب لتصل إلى أوروبا غربًا والصين شرقًا.

 

وكانت تجربة القضاء في عهد الخلفاء الراشدين أساسًا لبقية الحضارات التي استلهمت المبادئ السامية للحكم الإسلامي في التشريع القضائي وفي السطور التالية يتحدث فضيلة الدكتورأحمد عمرهاشم رئيس جامعة الأزهرالأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية عن أهم ملامح القضاء في عهد سيدنا أبي بكرالصديق أول خليفة للمسلمين بعد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.

 

في البداية يقول الدكتور أحمد عمر هاشم؛ إن القضاء في عهد الخلفاء الراشدين هو أول تجربة قضائية للمسلمين بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم، فعهد النبوة تميز بالوحي والتشريع وعهد الخلفاء الراشدين هو المرحلة التطبيقية للقضاء تأسيسًا على نصوص الشريعة، وتأصيلاً للأحكام على مافُهم من سنن الرسول الكريم ،

-------------------------------------  ؟

و كانت الأحكام  تحتاج إلى إعمال نظر وتأمل ومقايسة، ولذا فقد كان  من أهم  مناهج الخلفاء - رضي الله عنهم - في قضائهم : هو  كتاب الله و سنة نبيه  و المشاورة وطلب الرأي فيما يعرض لهم من القضاء ابتغاء للحق

-------------------------------------  ؟

سيدنا أبو بكر الصديق عندما تولى الخلافة قام بتعيين سيدنا عمر ابن الخطاب قاضياً على المدينة  ومكث سيدنا عمر بن الخطاب سنة و لم يفتح جلسة أو يختصم إليه أحد، و احتار سيدنا عمر بن الخطاب في الأمر وكان يتابع أحوال المسلمين وأخيرًا  ذهب لأبي بكر الصديق و طلب إعفاءه من منصبه في القضاء و الحكم بين المسلمين،  و قال له : يا عُمر أمن مشقة القضاء تطلب الإعفاء؟

 

فقال ابن الخطاب : لا  يا خليفة رسول الله، و لكن لا  حاجة لي عند قوم مؤمنين عرف كل منهم ماله من حق فلم يطلب أكثر منه،  وعرف ما عليه من واجب فلم يقصر في أدائه، أحب كل منهم لأخيه ما يحبه لنفسه إذا غاب أحدهم تفقدوه و إذا مرض عادوه و إذا افتقر أعانوه و إذا احتاج ساعدوه و إذا أصيب واسوه – دينهم النصيحة و خلقهم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر – ففيم يختصمون يا خليفة رسول الله

و يضيف الدكتور أحمد عمر هاشم، المسئولية الأولى تقع على الاب في تربية الأبناء تربية صالحة  ولو كان كلا منا حكماُ و قاضيًا على نفسه

لما كان هناك شكاوى أو بغض أو خلاف

------------------------------ ؟

سيدنا ابو بكر كانت ولايته قصيرة عامين و بضعة أشهر و عقب طلب سيدنا عمر إعفاءه من منصبه  كان  يقضي بنفسه إذا عرض له قضاء ولم تفصل ولاية القضاء عن الولاية العامة في عهده ولم يكن للقضاء ولاية خاصة مستقلة  كما كان الأمر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ كان الناس على مقربة من النبوة، يأخذون أنفسهم بهدي الإسلام، وتقوم حياتهم على شريعته، وقلما توجد بينهم خصومة تذكر

-------------------------------------  ؟

مصادر القضاء كانت  القرآن الكريم  و السنة النبوية  فالإجماع باستشارة أهل العلم والفتوى ثم الاجتهاد

و كان سيدنا أبو بكر عندما يقضي في أمر و إذا أعياه شيء دعا رؤوس المسلمين وعلماءهم فاستشارهم ، فإذا اجتمع رأيهم على الأمر قضى به و هنا نرى أن سيدنا أبو بكر الصديق يرى الشورى ملزمة إذا اجتمع رأي أهل الشورى على أمر فلا  يجوز للإمام مخالفتهم  وهذا ما قال  عنه في القضاء فإنه كان إذا اجتمع رأي المستشارين على الأمر قضى به

-------------------------------------  ؟

الأمثلة كثيرة فعن قبيصة بن ذؤيب أن  سيدة جدة جاءت إلى أبي بكر تلتمس أن تورث فقال : ما أجد لك في كتاب الله تعالى شيئًا، وما علمت أن رسول الله  ذكر لك شيئًا، ثم سأل الناس فقام المغيرة فقال : حضرت رسول الله يعطيها السدس فقال أبو بكر: هل كان معك أحد ؟

( شاهد يعني  ( فشهد ابن مسلمة بمثل ذلك فأنفذه لها أبو بكر ، وكان يرى أن القاضي لا يحكم بعلمه الشخصي، إلا إذا كان معه شاهد آخر يعزز هذا العلم و يضيف د : عمر هاشم قائلا 

روى الإمام مالك عن نافع أن صفية بنت أبي عبيد أخبرته : أن أبا بكر الصديق أتى برجل قد وقع على جارية بكر فأحبلها و اعترف على نفسه بالزنا ولم يكن أحصن  فأمر به أبو بكر فجلد الحدَّ  ثم نُفي إلى فدك  وفي رواية بأنه لم يجلد الجارية ولم ينفها لأنها استكرهت، ثم زوجها إياه أبو بكر وأدخله عليها

و سأل أحد المسلمين  أبي بكر الصديق :  عن رجل زنى بامرأة  ثم يريد أن يتزوجها قال: ما من توبة أفضل من أن يتزوجها، خرجا من سفاح إلى نكاح

-------------------------------------  ؟

أبداً  لم يعرف  أبي بكر المجاملة في القضاء بشرع الله و أبرز مثال على ذلك ما حدث مع عمر بن الخطاب عندما طلق امرأته الأنصارية-أم ابنه عاصم- فلقيها تحمله بمُحَسِّر  ولقيه قد فُطم ومشى، فأخذ بيديه لينتزعه منها، ونازعها إياه حتى أوجع الغلام وبكى، وقال : أنا أحق بابني منك. و اختصمها إلى أبي بكر، فقضى لها بالطفل  وقال : ريحها، وحِجْرُها وفرشها خير له منك حتى يشب ويختار لنفسه  وفي رواية: هي أعطف وألطف وأرحم وأحْن وأرأف، وهي أحق بولدها ما لم تتزوج

و هو ما يعرف الآن بالحضانة ---

-------------------------------------  ؟

نعم كانت هناك آداب للقضاء تنص على  حماية الضعيف  ونصرة المظلوم، والمساواة بين الخصوم وإقامة الحق و الشرع على جميع الناس  ولو كان الحكم على الخليفة أو الأمير أو الوالي، وكان القاضي في الغالب يتولى تنفيذ الأحكام  إن لم ينفذها الأطراف طوعًا واختيارًا، وكان التنفيذ عقب صدور الحكم فورًا و لا يتهرب أحدًا من تنفيذ حكم القضاء لكونه حكما ارتضاه بشرع الله

-------------------------------------  ؟

إذا رحم كلا منا أخاه وعامله بما يرتضي أن يعامله الناس به بمعنى حب لأخيك ما تحبه لنفسك  -- هل يكون بيننا مظلوم

-------------------------------------  ؟

أعاده الله علينا وعلى أمة المسلمين أجمعين باليمن و البركات وهو شهر  انتهاز الفُرص  للتوبة وللتراجع عن كل ما يغضب الله.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة