تسونامى أدى إلى اختفاء أفلام الكاميرا فى اليابان عام 2011
تسونامى أدى إلى اختفاء أفلام الكاميرا فى اليابان عام 2011


بينها جثث وأفلام وزبدة والموز

أزمات ضربت الأسواق أخطرها ورق «التواليت»

آخر ساعة

الثلاثاء، 03 مايو 2022 - 12:32 م

دينا توفيق

من تفشى وباء وتحذير من آخر قادم إلى اشتعال صراعات مثلما يحدث بين أوكرانيا وروسيا ناهيك عن التغييرات المناخية والكوارث الطبيعية التى تضرب كوكب الأرض من فيضانات وزلازل وتسونامى.. إغلاق اقتصادى وتوقف الإنتاج وحركة الشحن، كان له آثاره البالغة على الإمدادات وسلاسل التوريد، ومن ثم نقص السلع من غذاء ومصادر للطاقة وغيرها من احتياجات المعيشة التى لا غنى عنها.. وبينما يعمل العالم للتغلب على هذه المشكلات وإيجاد طرق لتجنبها، يجد أنها ليست جديدة؛ مرات عديدة عبر التاريخ كان هناك نقص ليس فقط فى المواد الأساسية ولكن بعض الأحيان يكون لأشياء غريبة ولأسباب مختلفة.

 

لقد كان للنمو السكانى السريع، وتغير المناخ، وارتفاع الطلب على الغذاء، وتفشى الأوبئة والأزمات الاقتصادية عام 1920 و2008 أثرها؛ حيث جعلت العالم يعانى من نقص حاد فى عدد من الأمور الضرورية للحياة كالماء والمضادات الحيوية والبعض الآخر كالقهوة، والشرائح الإلكترونية التى جعلت صناعة التكنولوجيا حول العالم تمر بمنعطف حرج بسبب جائحة كوفيد-19، خاصة أن جميع الأجهزة الكهربائية والسيارات والهواتف الذكية تعتمد عليها. وامتد تأثير الجائحة إلى أزمة عالمية متوقعة فى اورق التواليتب، بسبب اضطرابات كبيرة فى حركة السفن تزامنا مع ارتفاع حدة الطلب، وعدم توافر السفن المخصصة لنقل المادة الخام المصنعة لهذا المنتج. كما كان الإقبال شديدا على التسوق داخل المتاجر الكبرى، فيما أدى إلى أزمة بيئية وإرباك نظام الصرف الصحى فى أوروبا بعض الشيء مع زيادة الطلب ونقص المعروض.

 

ولم تكن المرة الأولى التى يحدث فيها أزمة فى ورق التواليت، فى ديسمبر عام 1973، ألقى مقدم البرامج الشهير اجونى كارسون نكتة خلال برنامجه The Tonight Show حول النقص القادم فى ورق التواليت، فى حين أن كارسون لم يكن أول من يعلق على الموقف، فقد تم إلقاء اللوم عليه بعد أن تسبب فى ذعر أدى إلى زيادة على عملية الشراء ومن ثم نقصه لفترة وجيزة، لكنه لم يكن المسئول الوحيد، فى 11 ديسمبر 1973، أصدر عضو الكونجرس الجمهورى اهارولد فروليش، بيانًا صحفيًا يحذر فيه من نقص محتمل فى ورق التواليت فى غضون بضعة أشهر، واصفًا الأمر بأنه ليس مزحة بل مشكلة تمس كل أمريكى. لكن عام 1973 شهد عدم توافره بسبب حظر أوبك النفطى ضد الولايات المتحدة، ووجد جمهور كارسون النكتة مخيفة أكثر من كونها مضحكة، فى الأسابيع التالية، امتلأت المتاجر بالبشر الذين يتطلعون لشراء آخر لفات ورق التواليت المتبقية؛ نظرًا لأن المتاجر لم تكن مستعدة للزيادة المفاجئة فى المبيعات، وجد العديد من المتسوقين أنفسهم أمام أرفف فارغة، ما عزز فكرة أن ورق التواليت فى أمريكا ينفد حقًا.

 

ولقد شهد القرن الحادى والعشرون بالفعل نقصًا فى طبق الملفوف الكورى االكيمتشىب واختفاءً لأفلام الكاميرا؛ نفدت بعض المنتجات من العالم نتيجة سوء الأحوال الجوية والتقلبات المناخية مثل الزبدة النرويجية عام 2011، كان هناك نقص حاد فى إنتاجها، بعد هطول الأمطار الغزيرة غير معتادة على أوروبا الشمالية خلال فصل الصيف، ما أدى إلى تقليل وقت الرعى وانخفاض جودة الأبقار؛ ومن ثم تأثير ضار على إنتاج الحليب وضعفه، حتى أصبحت الزبدة سلعة نادرة وقيمة لبقية العام.

 

وفى عام 2010، فقدت شبه الجزيرة الكورية مساحات شاسعة من حقول الملفوف أو كما يعرف بـابرندب، مع هبوب الرياح الموسمية، على الرغم من أنه ليس مصدرًا أساسيًا للغذاء، إلا أنه يحمل أهمية ثقافية كبيرة كمكون رئيسى فى وصفة الكيمتشى الكورية الشهيرة، وهو طبق جانبى يعشقه سكان شبه الجزيرة وخارجها، ما دفع حكومة كوريا الجنوبية لاتخاذ خطوات للتخفيف من وطأة النقص فى الملفوف من خلال تعليق رسوم الاستيراد مؤقتًا من الصين، المصدر الرئيسى للملفوف، ونتيجة لهذا القرار ارتفعت الأسعار لدرجة أن السكان المحليين بدأوا يطلقون على الكيمتشى االذهب الكوري.

 

ومن سوء الأحوال الجوية إلى الزلزال الذى ضرب اليابان عام 2011، وأعقبه موجات تسونامى التى كان لها آثار كارثية على البلاد، ومنها على صناعة السينما والتلفزيون، فى ذلك الوقت، كان المعيار العالمى لشريط الفيديو هو HDCAM-SR من سوني، والمستخدم فى جميع أنحاء العالم، بما فى ذلك هوليوود. عندما ضرب الزلزال، تم إنتاج الشريط فى منشأة واحدة فقط، التى تصادف وجودها فى مدينة مياجى الساحلية، تسببت أخبار الزلزال فى تضخم فلكى فى الأسعار، وبقى الوضع على هذا النحو لفترة.

 

وبالعودة إلى القرن العشرين ونتيجة تداعيات الحرب العالمية الثانية، اختفى الموز من المتاجر، نظرًا لأن السفن التى كانت تنقل الفاكهة عادةً من المناخ الأكثر دفئًا فى العالم إلى أوروبا وأمريكا الشمالية قد تم إشراكها جميعًا فى المجهود الحربي، وعلى الرغم من أنها كانت بالفعل واحدة من أكثر الفواكه شعبية فى العالم، استطاع الجنود العائدون من الحرب جلب بعض من الموز معهم، وظل الموز غير موجود حتى عام 1946.

 

ونتيجة للحرب أيضًا، أصبح النايلون ضحية أخرى؛ حيث تم تخصيصه لإنتاج المظلات، ما أدى إلى نقص المعروض من الجوارب، بعد أن ظهرت بقوة فى معرض نيويورك العالمى عام 1939، وتم بيع الملايين على مدار العامين المقبلين، حتى دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية فى عام 1941. كانت الجوارب المصنوعة من النايلون تُباع فى السوق السوداء خلال زمن الحرب، وعندما انتهى التقنين أخيرًا، نزل الناس إلى الشوارع مطالبين بأن تصبح جوارب النايلون متاحة فى الحال.

 

ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية دخلت أستراليا فترة من النمو الاقتصادى وطفرة إسكان عام 1946 بإنشاء مساكن جديدة بمعدل غير مسبوق، ورغم ذلك كانت المشكلة الوحيدة هى وجود نقص حاد فى فرش الطلاء فى البلاد، وترك العديد من هذه المنازل الجديدة غير مطلية. تولى هذا العبء السلاح الجو الأسترالى، وتم إرسالهم إلى الصين، حيث تم تكليفهم بإعادة 25 طنًا من شعيرات الخنازير، وهى مادة أساسية لإنتاج الفرش؛ كانت المهمة العسكرية عرفت باسم عملية Pig Bristle أو شعيرات الخنزير.

 

كما شهد القرن ذاته وبالتحديد عام 1958 أسوأ نقص فى غاز الهيليوم شهده العالم على الإطلاق. فى حين أن الكثيرين يفكرون فقط فى بالونات أعياد الميلاد والأصوات عالية النبرة عندما يفكرون فى الهيليوم، إلا أنه مورد طبيعى هام وله استخدامات مفيدة للبشر، يستخدم فى كل شيء من الوسائد الهوائية للسيارات إلى أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي، كان الاستخدام الرئيسى والأكثر أهمية للهيليوم فى الخمسينيات من القرن الماضى بمثابة سائل تبريد لوقود الصواريخ، وقد تم استخدام كل الهيليوم المتاح لهذا الغرض عندما حدث النقص، تاركًا العديد من البالونات مفرغة من الهواء، ربما كان النقص أكثر وضوحًا للجمهور خلال موكب عيد الشكر السنوى الذى تقيمه سلسلة محلات مايسيز المتخصصة فى بيع مستلزمات الاحتفال فى نيويورك، وكان نقص الغاز واضحًا عندما امتلأت المناطيد العملاقة التى تشبه الشخصيات الكارتونية بالهواء الطبيعى وتم حملها فى الشوارع المعلقة بواسطة الرافعات.

 

وخلال العام الحالى، شهد العالم نقصا فى الهيليوم نظرًا لوجود 14 مصفاة لتكرير الهيليوم السائل فقط فى العالم، أكبرها فى الولايات المتحدة ومملوكة للحكومة الأمريكية، حيث شهدت أماريلو فى ولاية اتكساسب، التى تمتلك واحدا من أهم الحقول، انخفاضًا فى الإنتاج فى السنوات الأخيرة، مما تسبب فى ارتفاع الأسعار بشكل مطرد.

 

وفى القرن الخامس عشر الميلادى، كان الحطب على رأس قائمة الضروريات لأى منزل إنجليزى. لم يكن هناك حينها أى نظام تدفئة آخر، والحطب كان هو الوسيلة الوحيد للتدفئة فى الشتاء الإنجليزى القارس. ولسوء الحظ، لم يتم التعامل مع الحفاظ على الغابات تمامًا بعد، ورغم تقدم الصناعة، استنفدت الغابات الإنجليزية بالكامل فى نهاية المطاف، ومن المؤكد أن عدم وجود الحطب تسبب فى هلاك الكثيرين خلال فصول الشتاء، ويعزو بعض المؤرخين النقص الكبير أيضًا فى حطب وقود التدفئة إلى دفع العديد من المستعمرين البريطانيين وعبر المحيط الأطلسى إلى غزو الأمريكتين، للسيطرة على الغابات هناك من أجل توفير احتياجاتهم خلال الشتاء.

 

وفى أسكتلندا فى القرن التاسع عشر، سُمح لكليات الطب فقط بتشريح جثث المجرمين الذين تم إعدامهم؛ وبمجرد أن توقفت عمليات الشنق والإعدام عن كونها أمرًا يحدث يوميًا، سرعان ما بدأ إمداد المجال الطبى بالجثث ينفد؛ الذى عانى منه بشدة طلاب كليات الطب. حيث جاء التوقف نتيجة تعديل القانون الاسكتلندى عام 1823 الذى قلل بشكل كبير من عدد الجرائم التى يعاقب عليها بالإعدام، رأى اثنان من سكان أدنبرة، اويليام بيركب واويليام هيرب، فرصة فى هذا النقص، حيث قاما بخنق ما لا يقل عن 16 ضحية، وبيعهم إلى الأقسام الطبية وإلى طبيب يدعى اروبرت نوكسب لتدريس التشريح للطلاب مقابل ما يتراوح بين سبعة إلى 10 استرلينى لكلٍ منهما. لا يزال التاريخ حافلا بالأزمات التى أدت إلى نقص وربما ندرة فى أشياء نحتاج إليها، ولكنها مرت وعرف الإنسان التأقلم ومحاولة سد احتياجاته.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة