أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

المناطق الرخوة

أسامة عجاج

الثلاثاء، 03 مايو 2022 - 06:11 م

من الطبيعى أن ينتج عن (الدولة الرخوة) ،(مناطق أكثر ضعفا)، قد تكون على حدودها ، نتيجة غياب علاقة متوازنة بين المركز والإقليم، لأسباب تتعلق بالتنوع الثقافى أو العرقى او حتى الدينى، ولعل أول ظهور لمفهوم الدولة الرخوة جاء فى كتاب الاقتصادى السويدى جونار ميردال الحاصل على جائزة نوبل فى الاقتصاد لعام 1974 (الدراما الآسيوية-بحث في فقر الأمم) والذى نشر فى ستينيات القرن الماضى، وحدد فيها مواصفات تلك الدولة، تذكرت كل هذه التفاصيل، وأنا أتابع بحكم العمل والتخصص، ماجرى فى كردستان العراق خلال الأسابيع القليلة الماضية ، وأن أدخل فى تفاصيل طبيعة العلاقة بين الحكومة المركزية فى بغداد والإقليم، فهى متاحة لمن يريد المزيد، ولكن يستوقفنى فى هذه المجال، أن الإقليم الذى تتجاوز مساحته حوالى 40 ألف كيلو متر بقليل، وهى تمثل عشر المساحة الكلية للعراق، تحولت إلى ساحة مستباحة لجيرانها، وموضع لصراع إقليمى، بين كل من إيران وإسرائيل، وتصفية حسابات مع واشنطن فى ظل التنازع على النفوذ، أو غزو مؤقت، وتوسيع وإنشاء مناطق آمنة، بفعل القوة من تركيا .

ففى منتصف مارس الماضى، قام الحرس الثورى الإيرانى، بإطلاق 12 صاروخا بالستيا على أربيل عاصمة الإقليم، ولم يخف الحرس مسئوليته عن العملية، مشيرا إلى أنها استهدفت مركز إسرائيليا استراتيجيا للتجسس الذى هناك، بينما نفت سلطات الإقليم وجود أى مواقع غسرائيلية، وأشارت إلى ان الهجوم اصاب القنصلية الأمركية في المدينة، وبدون الدخول فى التفاصيل-لمحدودية المساحة-نحن أمام جهة هى ايران، اختارت ساحة عراقية، لإرسال رسائل إلى أعدائها التاريخيين، سواء كانت قاعدة إسرائيلية، كما تقول طهران، أو قنصلية أمريكية كما تشير سلطات الإقليم، لماذا؟ الاجابة ببساطة انها منطقة رخوة في دولة ضعيفة، فقدت قدراتها علي السيطرة علي جزء منها، حتي لو تمتع بحكم ذاتي.

لم يمر سوى شهر واحد، حتى دخلت تركيا علي الخط، هذه المرة بعملية عسكرية تحت اسم (المخلب) تستهدف عناصر حزب العمال الكردستاني، التي تصنفه انقرة جماعة إرهابية، وفى المحصلة اقامة منطقة آمنه لها، كما هو الحال فى سوريا، التى تعانى من نفس ظروف العراق، فى استباحة لدولة مستقلة ذات سيادة.

ماسبق هو رصد فقط لوقائع، دون تحليل الظاهرة وأسبابها والسياق السياسى والتاريخى لها، ولكنها فى كل الأحوال (جرس إنذار) (وصرخة) لما ستعانيه الدول العربية مستقبلا، إذا لم تتكاتف شعوبها، للحفاظ على الدولة الوطنية وتمسكها ووحدتها.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة