آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

الهاربون.. والفائزون

آمال عثمان

الجمعة، 06 مايو 2022 - 05:32 م

 

افتقدنا لسنوات طويلة التقييم الموضوعى الصادق للأعمال الدرامية والبرامج، لكن المنصات الرقمية التى سحبت البساط من تحت أقدام القنوات التليفزيونية، بدأت مؤخراً تعكس أرقام ونسب المشاهدات الحقيقية، واتجاهات الجمهور البعيدة عن الأهواء ومنظومة المصالح، وعن مراكز بحوث تحكمها توجهات واعتبارات مضللة، مشكوك فى مصداقية نتائجها المنحازة لصالح نجوم وشركات إنتاج بعينها، ويظل للنقاد رأى آخر، معياره الأساسى القيمة الفنية والفكرية للأعمال، وليس فقط حجم المشاهدة. 


وتعكس أرقام المشاهدة على المنصات الأضرار البالغة، التى أصابت القنوات التليفزيونية بسبب كثرة الإعلانات التى أفقدت الجمهور متعة المشاهدة، والزيادة السنوية الكبيرة فى أعداد المشاهدين الهاربين إلى المنصات الرقمية فى رمضان، حيث زاد عدد المشاهدين فى مصر للمحتوى الترفيهي- وهى خدمة مشاهدة المسلسلات والأفلام من خلال التطبيقات والمنصات الرقمية-  ووصل لنحو 33 مليون مشاهد، بإجمالى عدد ساعات مشاهدة 12.9 مليون ساعة يومياً، وهى زيادة فى حجم الاستخدام بنسبة 76% عن رمضان الماضي.


 وإذا كانت كل نتائج إحصائيات المنصات الرقمية قد أشارت إلى ارتفاع حجم ونسبة المشاهدات على أعمال أكثر من غيرها، فإن تلك الأرقام لا تعكس بالضرورة مدى قدرة وصول الأعمال الدرامية للجمهور، ولا تحدد المستوى الفنى والفكرى للعمل الدرامي، أو أهمية القضية التى يطرحها، وأتحدث هنا عن مسلسل «جزيرة غمام» المسلسل المتكامل فنياً وفكرياً، من حيث عمق الفكرة الفلسفية والإنسانية، والسيناريو الذى يغوص فى أعماق النفس البشرية، ويرسم أنماط الشخصيات باقتدار، ويبدع حواراً يسمو بالروح ويحلق بالوجدان، إلى جانب الإضاءة وكادرات التصوير، والإخراج والتمثيل والديكور.


لذا أعتبر أن «جزيرة غمام» هو الأفضل رغم تراجع نسب مشاهدته، وعبد الرحيم كمال أفضل كاتب سيناريو، وحسين المنباوى أفضل إخراج، وأحسن ممثل مناصفة بين «أحمد أمين» لتجسيده شخصية «عرفات» باقتدار ووعي، والمبدع «طارق لطفي» الذى أدى دور «خلدون»، تلك الشخصية الشيطانية المجسدة فى صورة بشر، بعبقرية أداء مدهش، ومع ذلك يصعب أن نغفل أداء ياسر جلال المميز لشخصية الرئيس السيسى فى مسلسل الاختيار. 


وإن كان مسلسل «الاختيار» الجزء الثالث من الملحمة المصرية، الذى يوثق ويؤرخ بالصوت والصورة لحظات فارقة فى تاريخنا، قد حقق أعلى نسب مشاهدة، إلا أن المستوى الدرامى لا يرقى إلى مستوى الجزأين السابقين، حيث جاءت الدراما غير متماسكة، والشخصيات أقل عمقاً بسبب تداخل القصص، وتفرع الأحداث فى جهات مختلفة، إلى جانب خط الجماعة الإرهابية الذى فضح مخططاتها بالصوت والصورة.
  وللحديث بقية.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة