أحمد منتصر
أحمد منتصر


عن الإنسان

النجوم تعرف كل شىء

الأخبار

الأحد، 08 مايو 2022 - 06:02 م

أشفق دائمًا على كل من يحترف الحزن ويمتهنه، على العالقين فى الأماكن السحيقة والأزمنة البعيدة، على كل من فقد التواصل وانفصل عن الواقع.

 

هناك الكثيرون فى العزلة ولا يعلمون طريقًا للعودة، لا يعلمون لغة للحوار مع أنفسهم وكذلك مع العالم، الممتلئون بالثقوب فى أرجاء القلب والروح من كم الطلقات التي صُوبت نحوهم بدقة شديدة، الذين تعزف على أصابعهم ألحان مختلفة من الحزن، وحدها وسائدهم تحمل أحزانهم التى تسقط عنهم فى نهاية كل يوم، وحدها أذرعهم التي تعلم حرارة أجسادهم، يتقاسمون النجوم فى أسرارهم؛ النجوم تعرف كل شىء، يندسون بيننا دون أن نشعر بهم، لا يشكلون وزنًا، أثرهم كأعمدة السماء التي لا ترى، يعانون من الحساسية المفرطة تجاه الأشياء ولهذا يعتريهم دائمًا الشعور بالذنب الذي لم يرتكب، يُجيدون الحديث عن الخيبات والعثرات وفقدان الأمل بل ويبادلونه الحرية، يمارسون أنصاف الأشياء، تقطعهم الأوقات التي تمر دون الشعور بشىء على الإطلاق، تلك الأوقات أشبه بسكون الحروب الباردة.. تجلس وتشاهد حطامك المتناثر فى الأرجاء، بقايا جدران أمل محطمة، الأفكار المشوشة، لا شىء يعلو غير أسوار فشلك كأسوار بلدتك القديمة التي تحجب عنك السماء.


على حافة الجحيم يقف أحدهم مدركًا أن هناك ثمة أمور يجب معالجتها وأنها تتطلب جهدًا كبيرًا وصراعات أكبر من أن يلقي بنفسه، ويتساءل.. كيف أصبحت الأمور بكل هذا التعقيد؟
نحن نحترق كلما اقتربنا من أهدافنا، عندما نصبح عالقين فى تلك الأماكن المختلفة، يحرقنا الخوف ألف مرة، وربما نحرق أنفسنا خوفًا من أن ننطفئ، بالكاد وصلنا.. وصلنا منطفئين.
يقول كافكا: «نحن مهجورون مثل أطفالٍ ضلّوا الطريق فى الغابة، إذا وقفتَ أمامى وتطلعت بى؛ فهل ستعرف شيئًا من الآلامِ، التى فيّ، وأيُّ شىءٍ سأعرفه أنا، من الآلامِ التى فيك؟.


ويكفى هذا السبب لوحده.. لكى نعرف نحن البشر، أن علينا أن نهابَ بعضنا البعض جدًا، أن نُمعنَ فى التفكير كثيرًا وأن نقفَ إلى جانبِ بعضنا مُتضامنين؛ كما لو كُنا نقفُ عند مدخلٍ يؤدى إلى الجحيم».
لذلك فمن الأفضل أن نتحدث، نتذكر.. ربما تكون الثقوب التى تملأ القلب والروح سببًا فى مرور الضوء من خلالنا.
فى النهاية يبقى لنا الحنين بعد زوال آثار معاركنا وانفعالاتنا والذكريات المشوهة الملطخة بتاريخ خلافاتنا.. يبقى لنا الحنين وحيدًا كوحدتنا.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة