صالح الصالحي
صالح الصالحي


يوميات الأخبار

حـــوار وطـــن

صالح الصالحي

الإثنين، 09 مايو 2022 - 05:46 م

«اكتب يا تاريخ بحروف من نور.. فصلاً جديداً من كفاح شعب وإرادة قائد.. حكاية وطن لا يعرف المستحيل».

لا أعلم لماذا الشماتة فى أحداث مأساوية تصيب الوطن من أعدائه المتربصين به: وما هو الوجه الإنسانى الذى يرتدونه.. ولماذا التشكيك الدائم فى كل إنجاز أو حتى فى كل خطوة إيجابية؟.

إذا كان لنا خيرا كانوا أول المتشككين من جدواه وإذا كان شرا يقفون وراءه محركين وصانعين ومتآمرين يقيمون الحفلات ويوزعون كاسات الفرح.. حزب الشر وأعداء الوطن لا يكفون عن الحديث طوال الوقت.. يجتزئون التصريحات ويمسكون بأطراف الكلام مهللين لزعزعة أمن واستقرار البلاد.. فلا تفوتهم  أى فرصة إلا وتجدهم يطلون برءوسهم ولسانهم المر علينا.. واصبحو يتحدثون مع أنفسهم فى غرف مغلقة لا يسمعهم فيها غيرهم ومع ذلك يكملون المسيرة المشبوهة وإذا ما دُعى لحوار وطنى تلتقى فيه الأطراف لدعم المسيرة السياسية يجلس على طاولته كل وطنى محب لتراب هذا الوطن.. تجدهم يحلمون بالاشتراك فيه وينسون أنهم إرهابيون محرومون حتى من دفن جثثهم فى تراب الوطن الطاهر.. ثم يعودون ويشككون فى جدوى هذا الحوار الذى تمنوا بالأمس القريب أن يكونوا طرفا أصيلا فيه على طريقة «يا فيها يا اخفيها»..

يشوهون الصورة المشرقة للوطن الذى عبر بسلام مرحلة انتقالية كانت فيها البلاد شبه دولة.. وكان الجميع محرومين حتى من السير فى الشوارع آمنين مطمئنين.. وأصبح الكل مهدداً فى سربه وهم يلوحون بميليشياتهم التى ستحيل البلاد لبحور من الدم.. وتآمروا على أبنائنا من رجال الجيش والشرطة الذين نحتسبهم عند الله شهداء.. ومع ذلك يشمتون فى شهدائنا وينسون أنهم صانعو الإرهاب.. وينسون أو ينكرون أن الشعب المصرى لن ينسى من أراق دم أبنائه الطاهر.. فأى حديث يدلون به وبأى منطق سمحوا لأنفسهم بأن يحلموا أن يكونوا طرفا لأى حوار من قريب أو بعيد.. ألا يعلمون أن الشعب المصرى بترهم من جسده وطهره ولفظ بهم خارجه.. أو بمعنى آخر أنتم من فررتم كالفئران ودخلتم فى جحور لكم فى الخارج.. تطلون علينا من أبواقكم المأجورة مدفوعة الثمن مقدما لتفسدوا على المصريين فرحتهم بكل إنجاز دفعوا ثمنه عرقاً وجهداً ودماء من أغلى ما يملكون،  ليكن لنا نصيب في رحلة إصلاح لن تأتى من فراغ.. الكل فيها دفع الثمن وخرج فى مليونيات يلفظهم ويواجه الموت بصدر رحب بعدما ذهبت البلاد فى عهدهم للجحيم.. كل مصرى أدرك أنهم خونة والغريب أنه مازال لديهم أمل حتى الآن.. فلا يرون ما تحقق فى البلاد من إصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية وأن البلاد فى حالة من الصمود والاستقرار لا ينكرها إلا جاحد.. نعانى نعم نعانى.. لكنها معاناة البناء وليست معاناة الهدم والتشريد التى تعانى منها معظم دول المنطقة التى يحيون فيها على جثث أبنائها.. لكن المصريين من اليقظة ما جعلهم لا يقدمون على حب الوطن أى شىء آخر.. الوطن فى المقدمة وحتى النهاية وأى شىء يهون بعد ذلك..

بلادنا تتعرض لصدمات مثل باقى دول العالم التى تتعرض لتداعيات اقتصادية تختلف وطأتها من بلد لآخر حسب قوة اقتصادها حيث أكدت الشهادات الدولية لصندوق النقد الدولى وغيره بأن اقتصادنا أصبح حائط صد للصدمات يقاوم التداعيات ومازال يقف على قدميه وذلك بما اتخذته وتتخذه الدولة من إجراءات كاشفة يشترك فيها كل أبناء الشعب بتحمل وصبر.

يشيعون أن البلاد على وشك أزمة اقتصادية كبيرة وعلى وشك الانهيار وغير قادرة على سداد التزاماتها.. أقول لهم كيف هذا وهى تقوم بصرف الرواتب والمعاشات بمواعيد مبكرة وبزيادة للحماية الاجتماعية.. واستطاع البنك المركزى اجتذاب أكثر من ٥٠٠ مليار جنيه كشهادات بعائد ١٨٪.. ورغم ذلك يشككون فى متانة القطاع المصرفى المصرى كما سبق لهم أن شككوا فى شهادات قناة السويس التى حصل العملاء على أموالهم بالفوائد الكاملة مع تحسن الوضع الاقتصادى وفى موعدها.. يشككون فى حجم الديون على مصر أقول لهم إنها بحسبة بسيطة ما حجمها مقابل حجم الناتج المحلى.. إنها فى الحدود الآمنة ومصر تسدد الأقساط بانضباط شديد.. وكل الشهادات الدولية تؤكد استقرار الوضع الاقتصادى للبلاد حاليا وبنظرة مستقبلية مستقرة مع توقعات بمعدلات نمو جديدة.. يعيبون علينا المشروعات التنموية التى أحالت البلاد لوجه حضارى يحلم به كل شخص غيور على بلاده، بعد ما كان يحلو للقنوات الأجنبية أن تلتقط الصور المسيئة للمشاهد العشوائية والمكتظة بالسكان فى قلب القاهرة.. والآن كل محافظات الجمهورية تتزين للجمهورية الجديدة فى مشروعات حياة كريمة.. الكل يحصل على النصيب الأوفر لا فرق بين صعيد ووجه بحرى ولا ريف ولا حضر للكل نصيب من ثمار  التنمية.. وأصبح لدينا أكثر من ١٤ مدينة ذكية نتباهى بها وشبكة من الطرق والكبارى وفق أفضل مواصفات عالمية.. ومشروعات قومية تنموية كل حلم أهل الشر أن يتوقف العمل بها وتهدر الأموال التى أنفقت عليها.. على الرغم من أن هذه المشروعات وجه تنموى وتولد فرص عمل للمصريين فى نفس الوقت وتحرك الاقتصاد الذى عانى الركود لسنوات عديدة.

فلم تقع القيادة السياسية فى فخ مواجهة المكائد، ولم تسمح لهم باستنزاف موارد الدولة فى هذا الإتجاه، كما لم تسمح بشل حركة الاقتصاد، فكانت يد تحارب وأخرى تبنى.. وأصبح الهدف مضاعفة الإنتاج والدخل القومى.. والإصلاح الشامل فى التعليم والصحة فى مشروعات يعزف عنها القطاع الخاص.. فهى غير هادفة للربح ولكن الدولة تأخذها على عاتقها لتوفير حياة كريمة للمواطنين فأصبحت الحياة الكريمة هى عنوان فترة حكم الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى أخذ على عاتقه ألا يهان مصرى.. فأنفقت المليارات لتحسين جودة الحياة فى كل المجالات.. وإحقاقا للحق فلنعد بذاكرتنا إلى ما كانت عليه البلاد من الفوضى والانفلات الأمنى فى أعقاب ثورة يناير ٢٠١١ وما تبعه خلال فترة حكم الإخوان من تدنٍ لكل الخدمات المقدمة للمواطن وأزمة انقطاع الكهرباء التى دفعت بالقادرين لشراء المولدات الكهربائية.. ثم تأزمت الأمور أكثر مع أزمة الطاقة وعدم توافر العملة النقدية لاستيراد احتياجات البلاد من البنزين والسولار وحتى السلع الأساسية.. الآن أصبح لدينا فائض من الغاز الطبيعى.. وأنفقنا ١٨٠ مليار جنيه لإنشاء محطات توليد وتجديد شبكات توزيع الكهرباء فى أنحاء البلاد.. وأصبحنا نصدر الطاقة الكهربائية.. البلاد تتعافى فى مؤشرات وحقائق.. وقارب الحلم على التحقق بإطلاق الرئيس للحوار الوطنى والدعوة لإصلاح سياسى بأيدٍ وطنية من جميع أنحاء البلاد.. وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية إلا أن القيادة السياسية التى اعتادت على اقتحام كل المشكلات ولا تتقيد سوى بالصالح الوطنى أصرت على إجراء هذا الحوار وبدعم من الرئيس شخصيا.. ولا يسمح بوجود خصوم أو أعداء الوطن فهم لم يدعوا فى الأساس ولن تتم دعوتهم مستقبلا.. فلا يقبل أى مصرى من يريق دم أبنائه.. فهو حوار للدولة المصرية الوطنية ويمثل كل الطوائف التى تشمل كل مواطن على أرض مصر.

الحوار لم يعلن أجندة مسبقة قصيرة له.. ولم يكن دعوة أطلقت لتحقيق شو سياسى.. فالبلاد ليست فى أزمة تحتاج معها لفرقعات فى التصريحات لتهدئة الأجواء وتحقيق مكاسب زائفة.. البلاد بفضل الله استقرت وأصبحت مهيأة لحوار سياسى هادئ تعتمد مخرجاته على الصالح العام ولا تنفرد به فئة أو حزب أو فصيل سياسى.. الكل يدرس ويتدارك ويتهيأ للمرحلة الجديدة للجمهورية الجديدة التى تولد بحق من خضم صعوبات وتحديات مرت بها البلاد ولكنها أبت التعثر أو التأجيل رغم ما نعانى منه.
بلادنا بخير والشعب الطيب بخير.. وستكون احتفالات يونيو المجيدة هذا العام بثوب جديد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا مصنوعاً بعرق وجهد وتضحيات تفتح صفحة جديدة من تاريخ الوطن.

أحياء عند ربهم يرزقون
 ما أشبه اليوم بالأمس.. يغتالون زهرة شباب الوطن فى أول أيام العيد وهم يقفون يحرسون بواباتها الشرقية.. فالأمس لا يبعد عنا كثيرا فى فترة حكم الإخوان الإرهابية اغتالوا جنودنا الصائمين قبل أن تبتلع أفواهم تمر الإفطار.. سفاحون لا يعرفون سوى الدم، ينتقمون من أبنائنا جميعا، فكل بيت مصرى له ابن يقضى فترة الخدمة العسكرية وسام الشرف على صدر كل الرجال..

لكنهم من الخسة ما تجعلهم يعكرون صفو أعيادنا، فقبلها كانت فرحة المصريين بنصرهم بإزاحتهم وطردهم من حياتهم وتوثيقها فى ملحمة مسلسل الاختيار الذى كشف كل حيلهم وألاعيبهم وعاش المصريون معه ذكرى بطولات ما فعلوه بالخونة، بل أرادوا أيضا أن يفسدوا فرحة المصريين بدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى للحوار الوطنى الذى يؤسس لمرحلة جديدة من الإصلاح السياسى يعلمون أنهما خارجه. بل أكثر من ذلك أرادوا أن يشوهوا الجهود التى بذلت على مدار الثمانى السنوات الماضية لإعلان سيناء خالية من الإرهاب والاستعداد لإعادة أهالينا إليها.. لكن المصرى لديه من الوعى ما يدرك أنها محاولات لن تنتهى ولن تشوه الصورة الجميلة التى تحمل فى طياتها نصراً وظفراً بما حققناه.. فمصر الدولة الوحيدة التى قضت على الجماعة الإرهابية فى مظاهرة شعبية مليونية.. ولن تجدى الشماتة فى أى حادث إرهابى يصيب البلاد فمصر دولة كبيرة ومعرضة فى أى وقت له.. وستتوقف هذه الحوادث متى تخلينا عن حجمنا الذى يناطح السحاب.. ستظل البلاد شجرة مثمرة لا يؤثر فيها حجيرات تقذف بها.. وفى النهاية «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ».

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة