قيثارة السماء الشيخ محمد رفعت
قيثارة السماء الشيخ محمد رفعت


كنوز | ذكرى ميلاد ورحيل «قيثارة» السماء

عاطف النمر

الأربعاء، 11 مايو 2022 - 07:55 م

ولد قيثارة السماء الشيخ الجليل محمد رفعت فى 9 مايو عام 1882، وللمصادفة الغريبة التى رتبتها الأقدار الآلهية أنه أسلم الروح للخالق العظيم فى 9 مايو عام 1950، انتقل الشيخ إلى جوار ربه فى نفس اليوم الذى ولد فيه، ونحن نحتفى اليوم بمرور 140 عاما على ولادته، و72 عاما على رحيله، والمروى عن إنسانيته وخشوعه وتقواه وزهده الكثير، ولهذا نال الكثير من الألقاب التى يستحقها صوته وقدرته التى تسلب القلوب فى التلاوة، فكان من أول من أقاموا مدرسة للتجويد الفرقانى فى مصر، كان قوياً رقيقاً خاشعاً عابداً لله، خشع قلبه فخشع صوته، وعندما أصيب فى عام 1943 بمرض سرطان الحنجرة الذى كان معروفاً وقتها بمرض «الزغطة» وتوقف عن التلاوة، ولم يكن يملك تكاليف العلاج، وقد اعتذر عن قبول أى مدد أو عون ألح به عليه ملوك ورؤساء العالم الإسلامى، وقال وقتها قولته المشهورة «إن قارئ القرآن لا يهان».


ومما يروى عن إنسانيته التى اتسم بها طوال حياته أنه تقابل ذات مرة مع رجل فقير قال له «اليوم سنوية المرحومة أمى يا مولانا وكنت أتمنى أنك تقرأ لها، ودعيت ربنا أن توافق ولا تردنى»، فرد الشيخ قائلاً: «وربنا يا سيدى استجاب لدعوتك»، فقال الفقير: «بس أنا مش معايا غير جنيه واحد وأنت مقامك كبير يا مولانا»، فرد الشيخ قائلاً: «وأنا قبلت أقرا بالجنيه بتاعك»، وذهب الشيخ مع الرجل الفقير وقرأ تلك الليلة كما لم يقرأ من قبل.


عندما سئل الكاتب محمود السعدنى صاحب كتاب «ألحان السماء» عن سر تفرد الشيخ محمد رفعت قال: «كان ممتلئًا تصديقًا وإيمانًا بما يقرأ»، ووصف الموسيقار محمد عبد الوهاب صوت الشيخ محمد رفعت بأنه «صوت ملائكى يأتى من السماء»، أما الكاتب أنيس منصور فقال عنه «سيظل الشيخ رفعت أجمل الأصوات وأروعها، وسر جمال وجلال صوته أنه فريد فى معدنه، قادر على أن يرفعك إلى مستوى الآيات ومعانيها، وصوته الخاشع ليس كمثل أى صوت آخر»، وقال عنه شيخ الإذاعيين على خليل «كان هادئ النفس، تحس وأنت جالس معه أن الرجل مستمتع بحياته وكأنه فى جنة الخلد، كان كيانًا ملائكيًّا، ترى فى وجهه الصفاء والنقاء والطمأنينة والإيمان الخالص للخالق، وكأنه ليس من أهل الأرض»، وقد تحدث عنه الضاحك الباكى نجيب الريحانى فى مذكراته قائلا:


 «عندما قرأت القرآن مترجما بالفرنسية والعربية أردت أن أستمع إليه مرتلاً، حتى استمعت ذات ليلة فى منزل أحد الأصدقاء إلى تلاوة بصوت الشيخ محمد رفعت، فصممت على لقاء الشيخ رفعت وفعلاً التقيت به أكثر من مرة وتصادقنا، صوته هو الخلود بعينه، صوت له نبرات أحتار فى فهمها العلماء، وقد سألت محمد عبد الوهاب يوماً عن سر حلاوة هذا الصوت، فقال لى إنه منحة إلهية وعبقرية لن تتكرر، وكان الشيخ رفعت يقرأ القرآن فى جامع صغير بشارع درب الجماميز، وكنت أذهب إلى هناك فى أيام الجمع لأسمع هذا الصوت الخالد الحنون الذى يهز كيانى، وقلب كل معنوياتى وجعلنى أقدس هذه الحنجرة الغالية الخالدة المرهفة وهى ترتل أجمل المعانى وأرقها وأحلاها، وكانت هناك هواية تربطنى بالشيخ رفعت، فأنا وهو كنا نحب ركوب الحنطور، وكنت أدعوه كثيراً للتنزه فى حنطورى، صوت الشيخ محمد رفعت كما قال لى محمد عبد الوهاب صوت من معدن خاص لن يجود به الزمان بعد ذلك.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة