نوال مصطفى
نوال مصطفى


حبر على ورق

تلك الجميلة

نوال مصطفى

الأربعاء، 11 مايو 2022 - 09:05 م

عرفت الآن السر، وضعت يدى على المفتاح السحرى لشخصية متجددة، نابضة بالحياة، مصنع إبداع، خلطة مواهب، دينامو شغل، تراه أهم أسباب السعادة، شغوفة بأن تترك بصمة واضحة وعميقة فى حياتها، وأن تؤكد فى كل ما تقدمه لجماهيرها العريضة أن الحياة تحب من يحبها، وتعشق من يعيشها بكامل حقيقته وإحساسه حتى النفس الأخير. السعادة ينعم بها من لا يندم على شىء فات، ولا يشغل باله بما هو آت. بل من يعيش كل يوم كأنه حياة كاملة بكل الحب والتسامح والرغبة فى التفاعل مع الحياة والبشر.


شجرة كبيرة، وارفة، مثمرة، مزهرة كانت وراء تفرد هذه الشخصية، أم شابة، فائقة الجمال ترملت فى شبابها، فقررت أن تحتضن ثلاث نبتات خضر كن ثمرات تلك الزيجة القصيرة، رعتهن بحب، احتوتهن تحت ظلالها الممتدة بوعى وفهم، مهدت لهن طريق الحياة بكل ما أوتيت من ذكاء عقلى وعاطفى لتصبح كل نبتة شجرة ثابتة بذاتها، تقف شامخة فى وجه التحديات، تحقق نجاحات كبيرة وإنجازات لافتة فى مجالها.


الكبيرة بين البنات الثلاث كانت إسعاد يونس، التى أصبحت الآن صاحبة السعادة، ومنبعها بالنسبة لملايين المصريين الذين يرون فيها النموذج الراقى، الدافئ، الحميم، القريب من قلوبهم وعقولهم معا. وهى ليست مذيعة ناجحة ولامعة فحسب، بل هى فنانة كوميدية قدمت عشرات الأفلام والمسلسلات الناجحة، مذيعة راديو من طراز رفيع، ناشطة اجتماعية تتبنى قضايا إنسانية وتخوض حملات دعائية لدعمها ومساندتها آخرها حملتها الرائعة لـ«مستشفى الناس». أما الشيء الذى ربما لا يعرفه الكثيرون عنها فهو موهبتها العالية جدا فى الكتابة ولونها المميز فى التعبير عن آرائها والأفكار التى تتحدث عنها. أسلوب يتسم بالصدق الشديد، البساطة، العمق، والسخرية، إنها الخلطة الخاصة التى تخرج فى النهاية أسلوب إسعاد يونس فى كتبها المسلية، الممتعة، التى تحمل الحكمة، وخفة الدم معا.


فى أحدث كتبها وعنوانه «لسه الحياة ممكنة» اختارت أن يكون النص الأول بعنوان «تلك الجميلة» وتحكى فيه عن أمها رحمها الله، التى توفاها الله فى عام 2002 . فى الحقيقة لم استطع أن أمنع دموعى طوال قراءتى للنص الإبداعى الجميل الذى يحكى تجربة حقيقية، صادقة بكل تفاصيلها. ربما لأن أم إسعاد يونس من نوعية الأمهات «السوبر» اللاتى يعطين لأولادهن أشياء أكثر من الحب والرعاية والحماية، يتدخلن فى تكوين الشخصية، ويعبِدْن بإصرار وقوة مسارات الحياة بما يناسب كل طفل، وما يتوافق من استعداده الفطرى، ومواهبه.

ولأن أمى -رحمها الله-كانت كذلك، شعرت بكل كلمة، وكل موقف كتبته إسعاد عن»تلك الجميلة». الأم فى بعض الحالات الصعبة تجد نفسها أما وابا فى نفس الوقت، فتجدها صارمة، وحنونة، قوية جدا فى مواجهة الظروف، تخفى ضعفها ومخاوفها ولا تظهره لصغارها حتى تسرى الإيجابية فى حياتهم، ويتعلموا فن الحياة كما يجب أن تعاش.


تقول الكاتبة إسعاد يونس» يوم ما كان بابا بيحتضر فى المستشفى نزل واحد من العيلة.. قريب مش بعيد الله يسامحه ويرحمه بقى.. باع نصيبه فى الأراضى والعقارات بتوقيع مزور. دخلنا المستشفى أغنيا.. خرجنا يعلم بحالنا السميع العليم.. يومين عزا والتالت انفض المولد واتفقل الباب والشباك وكل وسائل المواصلات.. و واجهنا الصمت».


الكتاب ممتع جدا، يحتوى على مقالات عديدة كتبتها إسعاد فى مجلة الشباب فى مراحل مختلفة من مشوارها الفنى، الثقافى، والإعلامى، فى كل مقال حكمة وخبرة وحكاية تضحك معها وتقهقه، ومع ذلك تترك معنى، فكرة، قيمة إنسانية عميقة ومؤثرة داخلك. شكرا إسعاد يونس إنك «تلك الجميلة» وإبنتها أيضا !.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة