علاء عبد الكريم
علاء عبد الكريم


كل أسبوع

بين تاريخ نكرهه.. وآخر نحبه

أخبار الحوادث

الأحد، 15 مايو 2022 - 04:34 م

خيانة الأوطان لا تحتمل فرصة أخرى يمنحها الوطن للخائن، حتى وإن قال اخطأت وعملت شرًا..،
هؤلاء تظاهروا بالتدين، اندسوا كالمساكين بين الناس وهم في الحقيقة عصابة من اللصوص حاولوا سرقة وطن، وتعليق لافتة كبيرة كتبوا عليها «والله المستعان»، قبل أن تهب ثورة 30 يونيو لتنقذ مصر والمنطقة كلها من حكم الفاشية الدينية.

مشهد لن يغيب عن البال وعن ذاكرة المصريين، وسوف يظل عالقًا في ذاكرة التاريخ، تفاعلاته ستظل ممتدة مهما تعاقبت الأزمنة، وتغيرت الأجيال فلن يحول ذلك دون تذكرها أو سريان تفاعلاتها؛ في عام الإخوان الأسود شاهدنا أسوأ احتفال بنصر أكتوبر سنة 2012، لأول مرة في التاريخ القديم والحديث نجد القاتل يحتفل بالمقتول، نعم قتلة الرئيس الراحل الشهيد محمد أنور السادات بطل قرار حرب أكتوبر، التي حررت فيها مصر شبه جزيرة سيناء من الاحتلال الإسرائيلي، يجلسون في الصفوف الأمامية، منهم طارق الزمر وصفوت عبد الغني، والأبطال الحقيقيون يختفون، وإذا برئيس عصابة اللصوص يدخل استاد القاهرة بسيارة مكشوفة كما كان الرئيس الراحل السادات يفعل، محييًا أنصاره من أعضاء الجماعة الإرهابية أصحاب الفاشية الدينية والانسداد التاريخي، وفي حضور حشد من جماعات الإسلام السياسي أصحاب الثقافة الظلامية المتخلفة التي – للأسف – لم تؤثر فقط على غير المتعلمين بل وجدت لها أنصارًا من المتعلمين في الأطباء والمهندسين والمحامين والصحفيين والممثلين والممثلات، لذا سوف نظل نكره هذا التاريخ، التاريخ الذي أتى في المعزول بانتخابات جرت في جو من الغموض والريبة، والتاريخ الذي كرم فيه القاتل على إرهابه.
ولكن في المقابل احببنا هذا التاريخ؛ يوم 30 يونيو ذكرى ستظل خالدة في وجداننا ومضيئة بتاريخ شعبنا، لم تنه فقط حقيقة أطماع جماعة الإخوان الإرهابية في إقامة دولة تقوم على الفاشية الدينية، أو كما اطلقوا عليها الفاشية المقدسة، مقابل خدمة المشروع الأمريكى الصهيونى وهو تقسيم العالم العربي إلي دويلات مفككة، وإنما فضحت بصفة عامة تيار الإسلام السياسي بـ «تديين» السياسة و»تسييس» الدين، في محاولة رديئة لاستعادة مشهد ظلامي من العصور الوسطي في أوروبا، حين طغت الكنيسة واعتبرت أن الخضوع لسلطتها هو خضوع لله.
البنا وستالين
من المفارقات الغريبة وكما تؤكد كتب التاريخ عن هذه الجماعة الإرهابية؛ أن حسن البنا نفسه استلهم  فكرة تنظيمه من الفاشي ستالين الشيوعي الملحد، فكان يؤكد في خطاب تلو الآخر: «أن ما يريده هو نظام يماثل لما هو موجود في الاتحاد السوفيتي الذي بنى نفسه من خلال قائد قومي، والحاجة أحيانًا تكون ملحة إلى القمع الفكري والجسدي، وفجأة وبعد التلقين والتدريب وحمل السلاح تبدأ مكاشفة الواحد منهم بأجزاء من الخطط التدميرية التي سيقوم بتنفيذها بهدف نصرة الدين أولاً، وثانيًا أن هذا نوعًا من كفاح الصفوة الممتازة ضد مجتمع الجاهلية»!، فمن الأكاذيب التي كانوا يرددونها مستخدمين فيها التضليل بالدين، ما كان يردده الهضيبي صارخًا في الشباب في نص نادر عثرت عليه في سلسلة كتيبات «قومية» صدرت في ستينيات القرن الماضي قائلاً: «إننا نحن الإخوان لا نعترف بحدود جغرافية في الإسلام، فنحن ننظر الى مصلحة الإسلام ونخوض للذود عنه معركة تشمل العالم الإسلامي بأسره، فمثلاً قد لا يكون من مصلحة الإسلام أن نبدأ معركة في القنال وقد يكون من مصلحة الدعوة أن تكون هذه المعركة في تونس أولاً، إن لنا خططنا وأهدافنا وقيادتنا المستقلة التي تعمل في هذا الأفق المتسع، وأنه لا يجب أن يقيد تفكيره بالأوضاع المحلية في مصر»!، السؤال هنا هل من قبيل المصادفة أن يذكر المرشد الثاني لعصابة الإخوان المستشار حسن الهضيبي في خمسينيات القرن الماضي دولة تونس بالتحديد لتبدأ منها ثورات الربيع العربي؟!
فهذه الجماعة لم تقدم لنا الإسلام السمح، بل وعلى مر التاريخ لم يقدم لنا البنا مؤسس شجرة الإرهاب في العالم وأعوانه إلا الدجل والشعوذة والكذب والضحك على عقول المصريين مثل ادعائهم بأنهم سنة 48، أرسلوا عشرة آلاف مقاتل الى غزة لقطع رقاب الصهاينة، رغم أن كل الوثائق المصرية والأجنبية فضحتهم وكشفت كذبهم.
وكما ذكر اللواء فؤاد علام في كتاب «الاخوان وانا»؛ «من الأكاذيب الكبرى التي اخترعها حسن البنا والذين معه هو أنهم قد نسجوا قصصًا بطولية تتحدث عن تضحياتهم و شهدائهم ودمائهم التي أريقت على أرض فلسطين و صوروا للسذج أنهم هم الذين خاضوا جميع المعارك على هذه الأرض لكن الحقيقة غير ذلك، فهم لم يقدموا شهيدًا ولم يطلقوا رصاصة، ولم يستطع واحد منهم أن يقدم دليلاً على صدق ما يقول إلا العبارات الإنشائية وكلمات الوعظ والدعوة للجهاد بالكلام فقط».
ولعل أبرز من هاجمهم و فضحهم هو رئيس حزب مصر الفتاة أحمد حسين في العدد 142 الذى نشر فى 12 يناير 1948، في جريدة مصر الفتاة في مقال اختار له عنوانا ساخرًا: «أيها اليهود انتظروا قليلاً فإن كتائب الشيخ حسن البنا ستتأخر بعض الوقت». 
38 واجبًا
عندما نذكر الإرهابية، فإننا نذكر تاريخًا طويلاً من العنف وأعمال التخريب والاغتيال والدم منذ نشأتها علي يد مؤسسها حسن البنا، وواضع اللبنات الأولى للتنظيم الخاص الذي قاد أعمال الاغتيال بكل خسة ونذالة، فنقرأ في رسائل التعليم التي كتبها الأب الروحي للإرهاب في العالم وبلغ عددها «38» واجبًا نجده يحدد واجبات «الإرهابي» فيأمره قائلاً: «أيها العضو عليك أن تقاطع المحاكم والمدارس والهيئات التي تناهض فكرتك الإسلامية مقاطعة تامة»، وفي الواجب رقم «37» يأمره قائلاً: «أن تتخلى عن صلتك بأي هيئة أو جماعة لا يكون الاتصال بها في مصلحة فكرتك»، وعلى نهجه سار سيد قطب إمام التكفيريين صاحب مصطلح «العزلة الشعورية» في المجتمع الجاهلي؛ ومن هنا تكوّن الجهاز السري أو كما يطلقوا هم عليه التنظيم الخاص لجماعة الإرهاب الذي يختار أفراده بتحريات دقيقة، بعدها يبدأ الاختبار العملي ومن خلاله يتعلم الإرهابي كيف ينفذ المهمة التي يُعهد بها إليه بثبات وهدوء ويقظة تامة للمفاجآت غير المنتظرة، ثم يُكلف بكتابة وصيته ويؤمر بتنفيذ مهمة دقيقة على جانب من الخطورة للوقوف على مدى استجابته للنظام، حتى إذا قام بها عاد يشرح «لأميره» ما شعر به من احساسات أثناء التنفيذ، وعلى ضوء النتائج التي يصل إليها «الإرهابي» يسلمه رئيس الخلية سلاحًا في اليوم التالي ويكلفه باستعماله في مهمة خطرة، ويذهب هذا المغيب للتنفيذ تحت رقابة دقيقة من المختصين في الجهاز وفي اللحظة الأخيرة يبلغه أحد زملائه بالعدول عن الخطة، وعندئذ فقط يفهم عضو التنظيم الخاص أنه كان موضع اختبار فإذا نجح فيه يُقدم للبيعة وإلا فإنه لا يصلح للعمليات الانتحارية، وتتم البيعة على يد المرشد العام أو من ينيبه عنه، فيقسم عضو التنظيم الخاص على: «تقوى الله في السر والعلن والصلاة والخشوع والتلاوات والتهجد والطاعة والخضوع التام للقيادة»!، أما الطلبة فكان لهم طريقة أخرى في التعامل معهم والتدريب، فهم يتعلمون في أربعة أشهر دروسًا في الإسعاف والفقه والجغرافيا والتجديف وقيادة السيارات والموتوسيكلات ويستغرق كل هذا «17» حصة كما كانوا يتعلمون السباحة والإقامة في المعسكرات أثناء العطلة الصيفية، وأول درس يتلقاه الإرهابي بعد قبوله هو ما الذي يفعله إذا وقع يومًا في قبضة البوليس؟!، فتقضي التعليمات أنه عندما يُعتقل أحدهم، فيجب عليه أن يبادر بالتخلص من الأوراق التي يحملها، ولا يذكر للمحققين غير اسمه وعمله الرسمي، ثم يتظاهر بالهدوء والسكينة ولا يعترف بشيء مطلقًا حتى ولو قيل له أن أحد الأعضاء من زملائه قد اعترف عليه، ومن الوثائق العجيبة التي وجدت عند عصابة المقطم؛ وثيقة تتضمن تقريرًا عن أحد المصارف المعروفة ويحتوي على كيفية مهاجمته بالأسلحة والقنابل اليدوية، وخطة الهجوم عليه بالمسدسات والخناجر بعد قطع التيار الكهربائي عنه لوقف اجراس الإنذار. 
هم أخيرًا وليس آخرًا، يصدق فيهم قول الشاعر والكاتب اللبناني جبران خليل جبران: «أيها المراؤون، توقفوا عن الدفاع عن الله، ودافعوا عن الإنسان كي يتمكن من التعرف إلى الله».

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة