عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

«طوبيا» والجنود

عمرو الديب

الأحد، 15 مايو 2022 - 08:27 م

 

ذاك التحرق شوقًا إلى الثأر، واسترداد الكرامة، وذلك التشوف المتلهف لغسل العار، ونيل الخلاص من شرنقات الذل والمهانة، عكف قلمه المبدع على تجسيد هذه الأحاسيس المتفردة، وتخليد تلك المشاعر المذهلة النبيلة فى نفوس الرجال الذين تمردوا على هوان الهزيمة، فتحولوا إلى طاقات ملهوفة على عبور مستنقعات الذلة إلى مرافئ العزة، وقد برع الأديب الكبير الذى رحل عن دنيانا مؤخرًا «مجيد طوبيا» فى إحدى روائعه الفذة فى تخليد تلك اللحظات الفارقة فى تاريخ أمة، وعمر وطن، وكمبضع الجراح الماهر اخترقت ريشة قلمه الجلد،

وغاصت فى صدور هؤلاء الأبطال الذين استعادوا كرامة شعب بأكمله فى معركة العبور الخالدة، وعبر صفحات نصه الأخاذ.. «أبناء الصمت» تشبث «طوبيا» بنبض تلك الأيام المشرقة، واستطاع -ببراعة- أن يجسد لنا نبض هؤلاء الرجال القادمين من بيئات متباينة، وخلفيات متنوعة، ولكن حلم استرداد الكرامة وحدهم، وجمع بينهم على اختلاف مشاربهم، الانتماء إلى هذا الوطن المعطاء، والولاء لهذه الأرض المطهرة، ولأن «طوبيا»- الذى تحل هذه الأيام ذكرى الأربعين على رحيله - فاق سائر أقرانه فى تخليد ملحمة العبور، وتفوق فى فك رموزها، واستحق اسمه الخلود، فقد نجح فى تفسير المعجزة التى أذهلت الدنيا، فعلى الرغم من تفوق العدو فى السلاح والعتاد فإن السر كمن فى الإنسان المقاتل، وفى ذلك الجيش الوطنى الجسور الذى هو جزء من الشعب الأصيل

ومقاتلوه هم أحفاد هؤلاء الذين زرعوا هذه الأرض الطيبة من آلاف السنين، لذا هم يدافعون عن ميراثهم وأرض أجدادهم بعيدًا عن المرتزقة والمحاربين المستأجرين، فجيش مصر دائمًا يتكون من فلذات أكباد المصريين، ولا يعرف الولاء لطائفة أو لون، لذلك يظل هؤلاء الأبطال البواسل فى كل زمان ومكان هم حماة الأمة، وحراس الأرض المتأهبين دومًا لبذل الأرواح والمهج كى تسلم البلاد، ويأمن العباد، وهنا يكمن سر ذلك الجيش الخالد خلود الوطن، وقد استطاع «طوبيا»  -من دون ضجيج-  أن يبرز تلك الحقيقة، ويجعلها مرفرفة من خلال نص إبداعى راقٍ يُخلد اسمه إلى جانب إبداعاته المتفردة الأخرى: «تغريبة بنى حتحوت» و«فوستوك يصل إلى القمر» و«حكاية ريم الجميلة» و»دوائر عدم الإمكان».. وغيرها من النصوص التى ستعيش طويلًا على الرغم من غياب صاحبها.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة