غادة زين العابدين
غادة زين العابدين


عاجل جداً

حق الكد والسعاية

غادة زين العابدين

الثلاثاء، 17 مايو 2022 - 07:41 م

فى ندوة ممتعة تشرفت بحضورها بدعوة من مبادرة «معا لحماية الأسرة»، استمتعت كثيرا بآراء مزيج ثقافى رائع يضم عالما كبيرا من علماء الدين، وفقيها قانونيا عميق الفكر والثقافة، وباحثة تسعى بحماس لتذكرنا بملامح التحضر  والرقى المجتمعى فى حضارتنا المصرية القديمة. 


 أما العالم الأزهرى الجليل، فهو د.عبد الله النجار أستاذ الشريعة وعضو مجمع البحوث الإسلامية، والذى تحدث عن فقه الكد والسعاية، وأكد - بشجاعة وثقافة رجل الدين المستنير - تأييده لحق المطلقة فى الكد والسعاية، فى الثروة التى كونها الزوج خلال فترة الزواج، قائلا: «إذا لم يجد الرجل زوجة ترعى بيته وأبناءه، وتوفر له السكينة والاستقرار، لما استطاع العمل والإنتاج والنجاح، فالزوجة شريكة فيما يحققه الزوج، حتى لو لم تكن هذه الشركة بالمال، فمجرد وجودها بجانبه سنوات، تؤازره، وتشاركه وتحمل عنه هم البيت والأبناء، يجعل لها «حق الكد والسعاية»، إذا ما طلقها الزوج بعد سنوات العشرة الطويلة».


 هكذا تحدث عالمنا الجليل، دون أن يخشى فى الحق لوم اللائمين أو معارضة المتشددين، وهكذا كان رده الحاسم على من يريدون قصر حق المطلقة فى الكد والسعاية على مشاركتها بالمال فقط، ويتجاهلون دور الزوجة التى تتفرغ وتخلص لبيتها وزوجها، وتنعم بحياة زوجية مستقرة سنوات طويلة «دون تخوين»، ثم تفاجأ بعد سنوات طوال، برغبة الزوج فى هجرها أو الزواج بأخرى، لتجد نفسها وقد تقدم بها العمر، بلا مسكن ولا مدخرات ولا عائل.


 أما الفقيه القانونى الكبير د.حسام لطفى أستاذ ورئيس قسم القانون المدنى بحامعة بنى سويف، وعضو مؤسس مشارك للمبادرة فقد صحح لنا معلومات مغلوطة، بأن القانون المصرى مستمد من القانون الفرنسى، مؤكدا أن القانون المصرى القديم هو الذى ألهم الآخرين، وأن المبدأ الذى يطبقه الغرب، بتخصيص جزء من الزيادة فى ثروة الزوج، للمطلقة أو الأرملة، موجود من الأساس فى الشريعة الإسلامية، وروى لنا قصة حبيبة بنت زريق، وهى طرازة للثياب، ذهبت للفاروق العادل عمر بن الخطاب بعد وفاة زوجها التاجر.

تطالبه بأن يحكم لها بالعدل فى تركة زوجها، مؤكدة دورها فى أمواله لكدها وسعايتها مع زوجها، فحكم لها عمر بالنصف من جميع المال جزاء كدها وسعايتها بالإضافة إلى الربع من نصيب الزوج باعتبارها وارثة لأنه لم يترك ولدا، وأكد أن هذا الحق مكفول فقهيا للمطلقة والأرملة أيضا وأننا نحتاج لدعمه قانونيا، كاشفا عن دور القانون فى دعم العديد من مبادئ الفقه والشريعة، مثلما حدث فى وضع مبدأ قانونى يمنح وصية واجبة للحفيد الذى توفى والده قبل جده، ومثل قانون الخلع.


 وتحدث عن معاناة المطلقة التى تطلق بعد سنوات طويلة، خاصة وأن نفقة المتعة تستمر عادة سنتين ولا تتجاوز ٧ سنوات.


 وأما الباحثة المتحمسة فهى  إنجى فايد أستاذة الآثار وكبير الأثريين بوزارة الآثار وعضو مؤسس مشارك للمبادرة، والتى فكرت فى تأسيسها بعد معايشتها لمعاناة نساء مطلقات أو أرامل وجدن أنفسهن بلا دخل ولا عائل فى سن متقدمة بعد حياة مستقرة طويلة، وأنها بالبحث والدراسة وجدت أن وثيقة الزواج عند المصرى القديم كانت أشبه بتسوية مالية يوقع عليها الطرفان، وفى الكثير من البرديات يتعهد الزوج بتقديم جزء من ثروته لزوجته يصل للنصف أو الثلث، إذا قرر هجرها، أو يلتزم يإعاشتها بعد هجرها وطلاقها.


 وأشاد المتحدثون بحرص الرئيس السيسى دائما على تأكيد حقوق المرأة كزوجة وأم، وحرصه على خروج قانون الأحوال الشخصية بصورة مثالية تضمن سعادة الأسرة. 


 كما أشادوا بمواقف شيخ الأزهر الداعمة لحقوق المرأة التى يحاول البعض تجاهلها ومقاومتها. وطالب المتحدثون بتشريع قانونى يحمى هذه الحقوق وعلى رأسها مبدأ الكد والسعاية للمطلقة أو الأرملة، حماية لها من السؤال.


 الجميل فى مبادرة «معا لحماية الأسرة» أنها تتصدى لقضايا أسرية جريئة لم يلتفت لها أحد من قبل، وتسعى لتحقيق التوازن بين طرفى العلاقة الزوجية، وألا يجور طرف على آخر ضمانا لاستقرار وسعادة الأسرة.     


 تحية لكل من ساهم فى الندوة الممتعة التى استضافتها الشقيقة الأهرام.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة