شريف رياض
شريف رياض


فوق الشوك

١٥ مايو.. بين تاريخين

شريف رياض

الثلاثاء، 17 مايو 2022 - 07:55 م

١٥ مايو الذى صادف الأحد الماضى يوم لا يمكن أن ينساه العرب فهو ذكرى نكبة فلسطين وقيام دولة إسرائيل عام ١٩٤٨.. ٧٤ عاماً من الاحتلال والذل والمعاناة التى يعيشها الشعب الفلسطينى دون أية بادرة أمل فى الخلاص من هذا الهوان واستعادة الأرض المسلوبة أو على الأقل إقامة دولة فلسطينية على جزء منها فيما يعرف بحل الدولتين.. وكلما مر الوقت يتراجع اهتمام العالم بالقضية الفلسطينية وسط صمت عربى غير مبرر!.


 على المستوى الشخصى يمثل ١٥ مايو تاريخا فارقا مفرحاً فى حياتى ففى هذا اليوم عام ١٩٧٦ اقتحمت الحياة البرلمانية حينما حضرت أول جلسة لمجلس الشعب وأنا ضمن فريق المحررين البرلمانيين لـ «الأخبار»..

لا أنسى هذا اليوم بالطبع خاصة أنه وافق عيد مجلس الشعب الذى لا يعرف شبابنا عنه شيئا وهو ذكرى ثورة التصحيح عام ١٩٧١ التى أطاح فيها الرئيس الراحل أنور السادات بمراكز القوى فى عهد عبد الناصر.. فى هذا اليوم من كل عام كان مجلس الشعب يحتفل بذكرى ثورة التصحيح من خلال أحاديث النواب.


 الأحد الماضى أكملت ٤٦ عاماً ارتبطت فيها بالبرلمان ارتباطاً كاملاً..

عايشت أجواءه وقياداته ونوابه وتابعت المناقشات الصاخبة والهادئة التى دارت تحت القبة حتى أصبح البرلمان كيانا مهما لا أتصور حياتى بدونه وعلى غرار قول البابا شنودة «إن مصر ليست وطنا نعيش فيه بل وطن يعيش فينا» لم يكن البرلمان بالنسبة لى كياناً أو مؤسسة أمارس فيها عملى وأقضى فيها أغلب ساعات يومى بل أصبح كيانا يعيش فىّ حتى أننى ضحيت بمواصلة دراستى العليا وانسحبت من السنة التمهيدية للماجستير عندما تعارضت مواعيد المحاضرات مع مواعيد جلسات ولجان البرلمان.


لهذا حزنت.. أشد الحزن عندما آثرت الابتعاد عندما وصل الإخوان للحكم عام ٢٠١٢ فلم أكن مستعداً أبداً للتعامل مع قيادات هذه الجماعة التى احتلت البرلمان بعدما عايشتهم عن قرب منذ دخول الإخوان مجلس الشعب فى انتخابات ٢٠٠٥ ممثلين بـ ٨٨ نائبا فى صفقة سيكشف التاريخ أسرارها.. عايشتهم مثيرين للقلاقل والاضطرابات المنظمة تحت القبة وفى نفس الوقت رأيت التناقض الكامل فى تعاملهم على المستوى الشخصى مع قيادات الحزب الوطنى ونظام مبارك.. منتهى الخنوع واللطف فى المعاملة عكس تماما أحاديثهم أمام الميكروفون فى القاعة!!.


 السنوات الخصبة التى عايشت فيها حياة برلمانية حقيقية تحت القبة من ١٩٧٦ حتى ٢٠١٠ بدأت بمجلس ٧٦ الذى جاء بعد أنزه انتخابات عرفتها مصر منذ ثورة يوليو وأدارتها حكومة ممدوح سالم..

عايشت قيادات وطنية حقيقية فى صفوف المعارضة وحتى بين نواب الحزب الوطنى وتابعت خطباً رنانة وأحاديث دستورية وقانونية فى غاية الرقى.


أين نحن الآن من هذا المستوى فى إدارة الحياة البرلمانية؟ كلما صادفت لقطات على شاشة التليفزيون لقاعة مجلس النواب أشعر بحزن شديد عندما أرى شرفة الصحافة التى عشت فيها عمرى خالية بعدما تقرر تخصيصها للنواب لمواجهة الزيادة الكبيرة فى عدد النواب بعد دستور ٢٠١٤ وتم نقل الصحفيين إلى قاعة كبيرة مزودة بعدة شاشات تنقل لهم ما يدور فى القاعة فماذا حدث؟ باستثناء الجلسات التى يتحدث فيها رئيس الجمهورية أو تعقد اجتماعات مشتركة لمجلسى النواب والشيوخ تظل شرفة الصحافة خالية لا النواب شغلوها ولا الصحفيون استمروا فيها لتتحقق لهم المتابعة الحية للجلسات.


 لهذا أتمنى أن يسفر الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس السيسى عن منهاج عملى يعيد للحياة البرلمانية والديمقراطية رونقها ودورها فى الرقابة على الحكومة وتصحيح مسارها..

الديمقراطية لها دائما جناحان.. الأغلبية والمعارضة الوطنية، فإذا انطوى أحد الجناحين سقطت الديمقراطية وعجزت عن تحقيق الإصلاح الشامل الذى ينشده.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة