عدد كبير مــــــــــــن الكومبارس شارك فى مشاهد تقطيع ونقل الأحجار
عدد كبير مــــــــــــن الكومبارس شارك فى مشاهد تقطيع ونقل الأحجار


بتكلفة 3 ملايين دولار عام 1954.. هوليوود تبنى الهرم فى مصر!

آخر ساعة

الأحد، 22 مايو 2022 - 12:29 م

كتب: أحمد الجمَّال

كانت السينما ولا تزال صناعة مهمة من أجل الترفيه والتسلية وكذلك هى أداة لا غنى عنها لتوثيق مراحل مهمة من تاريخ أى مجتمع، وفى مصر ظهرت السينما مبكرًا مع بدايات انطلاقتها عالميًا، قبل نحو مائة عام، لكن دور العرض السينمائية فى بلادنا كانت مملوكة لأجانب إلى أن بدأت تظهر تجارب واعدة لاقتحام البيزنس هذا المجال من جانب شباب مصريين أقاموا دور عرض فخمة.. تفاصيل الحكاية استعرضتها آخرساعة قبل حوالى ٦٨ سنة.

 

كانت أهرامات الجيزة ولا تزال إحدى عجائب الدنيا القديمة التى شدت إليها الألباب والأفئدة، وألهمت الكثير من المبدعين لإلقاء الضوء عليها وتناول قصة بنائها فى عمل فني، مثلما فعلت ذلك هوليوود قبل نحو 68 عامَا، حيث أنفقت نحو مليونى دولار لإنتاج فيلم ملون بطريقة السينما سكوب بعنوان أرض الفراعنة عن قصة بناء الهرم الأكبر.. وجاءت بالمخرج ومساعديه والمصورين والفنيين واستقرت فى منطقة الأهرامات لتصوير هذا الفيلم المهم، وقد ظهرت حكاية هذا العمل وتفاصيله على صفحات آخرساعة، ونعيد نشر هذا التقرير بتصرف محدود فى السطور التالية:-

 

على بُعد بضعة أميال من أهرامات الجيزة، وفى نهاية الشارع الذى يخرج من حقول قرية ازاوية العريانب إلى الصحراء المتاخمة لها، ويرتفع إلى قمة هضبة رملية، ستجد نفسك واقفًا على صفحة من تاريخ إحدى الأسر فى عهد قدماء المصريين، وتستطيع أن ترى كيف تعيد هوليوود صناعة التاريخ، فى هذا المكان تلتقط عدسات شركة اإخوان وارنرب Warner Brothers بعض مناظر فيلم اأرض الفراعنة، والموضوع فى الواقع هو قصة بُناة الهرم.. وتتركز الناحية التاريخية فى هذا الجزء من القصة، فالفيلم بطريقة االسينما سكوبب، ولذلك كان موضوع بناء الهرم وألوف العمَّال الذين سُخِّروا فى بنائه، من أنسب الموضوعات للشاشة الضخمة.

2000 فلاح

فى ذلك المكان الذى اختاره مخرج الفيلم هاورد هوكس لبناء الهرم الجديد.. هرم هوليوود.. تجد ألفين من الفلاحين المصريين الذين جمعتهم شركة اإخوان وارنرب من القرى المجاورة، يرتدون ملابس قدماء المصريين فى دور بُناة الأهرام، وإذا كان هؤلاء الفلاحون لا يختلفون فى حياتهم الآن كثيرًا عن أسلافهم المصريين القدماء، فإن ذلك لم يفد القائمين على إخراج الفيلم فى شيء، لأن الغالبية العظمى منهم لم تذهب إلى السينما، وبالطبع لا تفقه شيئًا اسمه التمثيل، وقد سبب ذلك متاعب كثيرة، فمثلًا كان على الفريق الذى يشد الحبال لرفع الأحجار الضخمة أن يفهم أن الحجر فارغ من الداخل، ثم هو فى الحقيقة مصنوع من الجبس، ولذلك يجب أن يمثل كل واحد أنه يشد حجرًا ثقيلًا، لا أن يشده بالفعل وإلاطار الحجر.

 

وأكثر من ذلك، مسألة ارتداء ألفـــــين مـــــن الفــــــلاحين الملابـــس التاريخية.. هذه فى نفسها عملية شاقة أخرى.. ثم إنه حدث  قبل انتهاء التصوير أن ظن البعض أن العمل قد انتهى فخلعوا ملابسهم، فما كان من الباقين إلا أن فعلوا مثلهم أيضًا، وبذلك انقلب المنظر إلى فوضى، هذه المواقف وأمثالها كلفت الشركة كثيرًا، ويكفى أنها تكلفت فى إحداها حوالى 1500 جنيه.

سينما سكوب

وقد وضعت شركة وارنر هذا الفيلم بين أيدى نخبة من أشهر الذين يعملون فى صناعة السينما فى هوليوود وفى أوروبا ويبلغ عددهم 175 شخصًا وقبل كل شيء والقصة بقلم اوليام فوكلنزب الكاتب الأمريكى المشهور الذى حصل على جائزة بولتشيزر فى الأدب، ومخرج الفيلم هوارد هــولـــس وهــــو من أشهر المخرجين، وهو رجل تبجله هوليوود وتقدره وهو من الذين يفضلون الأفلام الطبيعية على الملوّنة، ولكن هذه هى المرة الثانية التى  تخلى فيها عن مذهبه، فهذا الفيلم الجديد عن الفراعنة ملون، وهو أول فيلم يصنعه على طريقة السينما سكوب.

 

ونوبل هاورد ساعده الأيمن فى هذا الفيلم، لا يتجاوز الثلاثين من عمره، وهو معروف لدى استديوهات باريس وروما، إذ عاش فيهما زمنًا غير قليل. ومع أن فارق السن بين هوكس ومساعده يقترب من 35 سنة، فإن هوكس لا يدع نوبل يمتاز عليه فى النشاط، فتجد الاثنين يغادران فندق امينا هاوسب فى الساعة الثالثة صباحًا كلما تطلب العمل ذلك، وقد يعودان إليه فى السابعة مساء وأغلب الفنيين يعملون يوميًا لمدة حوالى 18 ساعة، أما امايوب فهو أشهر مصممى ملابس الممثلين فى فرنسا وهو من أصل يونانى، وقد ولد فى مصر وعاش فى فرنسا، وطارت شهرته إلى هوليوود فاختاره هوكس للعمل فى أرض الفراعنة.

هوليوود الشرق

بينما راس هارلاند وزميله لى جرامس يتوليان تصوير هذا الفيلم الضخم، وهما من أشهر المصورين السينمائيين فى هوليوود، ولا شك أن أرض الفراعنةب يعتبر أكبر الأفلام التى صادفتهما حتى الآن، فهو الفيلم الوحيد الذى أخرجته هوليوود وفيه خمسة آلاف شخص، وقد التقط هذا المنظر الذى ضم هذه الآلاف فى محاجر طرة لتصوير قطع الأحجار ونقلها.

 

وإلى جانب هذا الفريق الأجنبى من الفنيين وضعت شركة وارنر يدها على كل من له خبرة فنية فى صناعة السينما المصرية، وكانت هذه فرصة عظيمة للمصريين أتاحت لهم الاشتراك مع عمالقة  فن السينما الأمريكية، ومع التفاوت الواضح بين الفريقين، فإن الفنيين الأمريكيين يشهدون بأنه إذا استمر تمرين الفنيين المصريين، وإذا  أنشأت مصر استديوهات ضخمة، فإن القاهرة  تستطيع  أن تصبح  هوليوود الشرق، بل أكثر من هذا سوف تستطيع هوليوود أن تنتقل إلى مصر لالتقاط عشرات الأفلام.

 

ونظــرًا لضيــق الاســتديوهـات المصرية فإن العمل فى فـيلم اأرض الفراعنةب ينتقل إلى روما لالتقاط المناظر الداخلية فى استديوهاتها التى تناسب هذا الإخراج الضخم.. أما مصر فقد قدمت كل المساعدات الممكنة، فمصلحة الآثار مثلًا وضعت أبرز رجالها فى خدمة هوليوود كلما احتاجت إلى استشارات فى تاريخ مصر القديم أو فى الآثار أو غير ذلك، وحتى الجيش المصرى أعار الشركة ألفين من الجنود للسير بانتظام فى الموكب الفرعوني، ودور الملك خوفو يمثله جاك هوكنيز الممثل الإنجليزى المعروف الذى نال أخيرًا جائزة الأكاديمية للتمثيل، وقامت بالبطولة النسائية الممثلة جوان كولينز.

 

والقصة تدور حول بناء الهرم، فقد انتصر فرعون على إحدى الدول وأسر الآلاف من أبنائها، وفى مقدمتهم مهندس كبير، ثم طلب من هذا المهندس أن يبنى له هرمًا، فقبل المهندس على أن يطلق فرعون سراح الأسرى وحرية بلده، وعلى هذا الأساس سخر فرعون الأسرى وآلاف المواطنين، ولكن بناء الهرم استغرق سنين طويلة واستنزف كثيرًا من قوة البلاد وثروتها، وكان رجال الدين يحببون إلى الناس بناء الهرم من منطلق أنه فريضة دينية، ولكن أعوان فرعون كانوا فى آخر الأمر يضربونهم ويعذبونهم ويسخرونهم فى هذا العمل، ثم يعرف المعذبون أن فرعون يجمع ثروة طائلة ليدفنها معه، فتشب نار الفتنة، ويندلع لهيب الثورة.. الثورة على الاستبداد والاستبعاد.

ميزانية ضخمة

هذا هو ما يدور بجوار أهرامات الجيزة وعلى مقربة من قرية ازاوية العريانب فى الصحراء، وقد أنفقت شركة وارنر على إخراج الجزء الذى تم فى مصر حوالى مليون دولار، والميزانية الإجمالية للفيلم حوالى ثلاثة ملايين دولار، ومما يدل على ضخامة هذا الإنتاج أن الأفلام التى كلفت هوليوود مثل هذا المبلغ لا تزيد على أصابع اليد الواحدة.

والأثر الطيب الذى تتركه شركة وارنر وراءها فى مصر هو شيء غير المليون دولار الذى أنفقته فيها.. ذلك أنها استغلت منطقة أثرية لبناء الهرم الذى صورته، واقتضى الأمر منها أن تزيل الرمال عن مقبرة كانت مصلحة الآثار قد حددتها لها، وقد فعلت الشركة ذلك وكشفت عن المقبرة الجديدة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة