كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

الخروج من الكهوف !

كرم جبر

الأربعاء، 25 مايو 2022 - 05:48 م

من أوائل التحقيقات الصحفية التى كتبتها فى روزاليوسف فى الثمانينات كان عنوانه "حفرة فى قاع المدينة" فى منطقة الزبالين أسفل جبل المقطم.
كانت الحياة فى هذه المنطقة أشبه بالكهوف فى أفلام عن القرون الوسطى، الشوارع ضيقة ومتعرجة مثل الثعابين، والبشر لم تمس المياه أجسادهم أياماً وربما شهوراً، بجانب الدخان والحرائق المشتعلة فى الزبالة فى كل مكان.

ولم تختلف الحياة كثيراً فى كثير من المناطق العشوائية التى تحيط بالقاهرة وعواصم المدن، وتهدد بالانفجار فى أى وقت.
 مناطق يصعب أن تدخلها سيارة إسعاف أو عربة مطافئ، فالشوارع ضيقة والبيوت متلاصقة، ويكاد الجار أن يرى ما يحدث تماماً فى شقة جاره المواجهة.
يسكنها مواطنون شرفاء ضاق بهم العيش، و"إيه اللى رماك على المر"، خصوصاً إذا وُجد ساكن "رزل"، لا يحترم خصوصية جيرانه وينتهك سترهم ويؤذى مشاعرهم، وكم من البيوت ينطبق عليها هذا الوصف.

بيوت لا تدخلها الشمس ولا يزورها الهواء، وتخترق أمطار الشتاء أسقفها، ويغزو الحر جدرانها، وغرفها ضيقة مثل علبة الكبريت، وليس فيها أى متنفس للحياة.

كان تخطيط البناء فى مصر يتضمن ظهور حى عشوائى بجانب الأحياء الراقية، فالمعادى بجوارها العرب، وجاردن سيتى تحاصرها عشوائيات فى المنيرة التى كانت سكن سعداء الحظ، والزمالك بجوارها بولاق، ومدينة نصر تحاصرها عشوائيات فى كل اتجاه.
لم يسأل أحد نفسه: لماذا تنمو العشوائيات بجوار الأحياء الراقية؟

والعشوائيات ـ أيضاً ـ لها موسم ازدهار فى أيام الانتخابات، فتنتشر المبانى على أراضٍ مغتصبة ودون تراخيص وبعدها كان الحزب الحاكم يدفع الرشوة للمخالفين بإدخال المياه وعدادات الكهرباء.

"لو" استمر الأمر لأصبحت مصر كلها بلدا عشوائيا، لا احترام لقانون أو نظام، وكل من يريد أن يفعل شيئاً مخالفاً، لا يجد من يوقفه عند حده.
وبدأت بشائر الأمل فى السنوات الأخيرة، عندما أعاد الرئيس عبد الفتاح السيسى الهيبة لسلطات الدولة وأنجزت مشروعات عظيمة، ينبغى الحفاظ عليها من زحف العشوائيات.

وكان الرئيس واضحاً وهو يكلف المحافظين بتنفيذ القانون واحترام سلطات الدولة، ومحاسبة المخالفين والتعامل الصارم مع المخالفات، وأن ينال كل مخطئ عقابه دون هوادة.

وحدثت المعجزة وتحولت الخرابات إلى مساكن راقية لسكان العشوائيات، فتحولت حياتهم من اليأس والبؤس إلى الأمل والتفاؤل، فى أحد المشروعات الكبرى التى تم تنفيذها فى كل مكان.
السؤال لمن ينتقد: هل كان يمكن استمرار الحياة فى العشوائيات دون أن تنفجر وتهدد الجميع؟

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة