علاء عبد الكريم
بداية
الطبيب.. والتضليل بالدين
السبت، 28 مايو 2022 - 11:34 ص
..تجدهم دائمًا في كل وقت بمناسبة وغير مناسبة حالفين باسم الرب، يذكرونه ولكن ليس بالصدق ولا بالحق، عبيدًا لما آمنوا به من ضلالات وأفكار فاسدة.
كلهم مفسدون، تمسكوا بالمكر والشر، اختاروا أن يكونوا عميانًا لإحياء ثقافة التطرف والتخلف والظلام، وماذا ننتظر من نسل كبيرهم الذي علمهم الذبح والقتل والتفجير، وكأن «البنا» و «قطب» يقودان الإرهاب من الآخرة، لم يكفهم أنهم جماعة عاشت مكبلة بالأغلال تحت الأرض مثل الديدان ولكن اختاروا أن يكونوا مثل جماعة من المكفوفين، يأمرهم سيدهم أن يتحسسوا حيوانًا ويشخصوه عن طريق اللمس ويسموه، فمنهم من أمسك ذيله، ومنهم من تحسس ساقه الضخمة، ومنهم من وصل إلى أذنه الطويلة، ومنهم من لمس خرطومه، لكنهم في النهاية لم يجرأوا أن يقولوا أنه الفيل، والسبب أنهم خائفون من سيدهم وأميرهم، فربما قال لهم أن ما لامستوه وتحسستوه لم يكن سوى قط وحشي، وعليكم أن تصدقوني.
من القصص المثيرة التي وردت في التحقيق بإحدى الجرائم الإرهابية، قصة طبيب شاب استطاع الإخوان المجرمون التضليل به وجره إلى طريقهم الإجرامي؛ فقد حضر إليه ذات يوم أحد أصدقائه وراح يناقشه في أمور الدين، وسأله: «ما رأيك في القراءة في التفسيرات للقرآن من كتاب «في ظلال القرآن»- وهو كتاب ضخم يتضمن 6 مجلدات وتصل عدد صفحاته حوالي خمسة آلاف صفحة يوحي من اسمه أنه مجرد تأملات وخواطر في ظلال الآيات، وإنما في الحقيقة مادة خصبة لنشر العنف والإرهاب، اتخذته عصابة الإخوان دستورًا لها ودليلها الإرشادي في التكفير والتطرف، ومنه استلهم العديد من الإرهابيين والمتشددين أفكارهم، مثل تنظيم القاعدة، وتنظيم الفنية العسكرية، وجماعة التكفير والهجرة، وجماعة «بوكو حرام»، وأعضاء «جماعة داعش» وغيرها، الأفكار المسمومة – ورد الطبيب على صديقه قائلًا: «لا مانع لدي»، فطلب منه صديقه الإرهابي أن يشتري الكتاب بمجلداته من إحدى المكتبات، وقال له: «سأخبرك فيما بعد بالخطوة التالية للقراءة والتثقيف الديني».
لم يدرِ الطبيب الشاب أن تلك الخطوة كانت الأولى في سلسلة الخطوات التي شدت به إلى الهاوية التي تردى فيها مع جماعة الإخوان الإرهابيين، فلم يستطع منها فكاكًا؛ خاصة وأن الإخواني الإرهابي طلب منه أن يحفظ تحديدًا عن ظهر قلب 400 صفحة موزعة على الكتاب كله فيها السم الزعاف، حيث دعوة إمام التكفيريين الذي رحل في أواخر الستينيات ولم تنقشع ظلماته، إلى تكفير المجتمعات جميعًا، فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ تقرأ في المجلد الثاني نصًا: «لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله، فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد، وإلى جور الأديان ونكصت عن لا إله إلا الله، وإن ظل فريق منها يردد على المآذن: لا إله إلا الله دون أن يدرك مدلولها... إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية، وارتدت عن لا إله إلا الله، فأعطت لهؤلاء العباد خصائص الألوهية، ولم تعد توحد الله، وتخلص له الولاء.. فالبشرية بجملتها، بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات: «لا إله إلا الله» بلا مدلول ولا واقع.. وهؤلاء أثقل إثمًا وأشد عذابًا يوم القيامة، لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد -من بعد ما تبين لهم الهدى- ومن بعد أن كانوا فى دين الله»، فكل المسلمين فى نظر «قطب» سيد الإرهابيين عبارة عن كفار ومرتدين حتى ولو نطقوا بالشهادتين»!
وتعدد اللقاء بين الطبيب وبين صديقه الذي قال له ذات يوم: «هناك شخص يدعى «عليًا» ويسكن في شارع شبرا وهو متدين ويعرف الله حق المعرفة، ويريد أن يتعرف بك، فهل لديك مانع؟!، وعندما لم يبدِ الطبيب الشاب اعتراضًا صحبه زميله الإرهابي إلى مسكن علي، وهناك وجه الطبيب بالحقيقة المؤلمة التي خُفيت عنه طويلًا؛ إذ قال له علي: «ما رأيك في أن تنضم إلينا؟، إن هناك أشياء كثيرة أكبر من عملية القراءة التي تقوم بها، فيكفي من هذا الكتاب الضخم أن تحفظ عن ظهر قلب الـ 400 صفحة التي نصحك أخي لقراءتها.
وتساءل الطبيب الشاب: وما هي الخطوة التالية؟!
أن نثبت الإسلام على الأرض!
كيف؟!
لا يمكن أن يكون ذلك إلا بالقوة والتدمير والقتل والتخريب!
وسأله الطبيب في سذاجة: ولكن قد يعرضنا هذا للإعدام أو السجن!
ورد الإرهابي عليه قائلًا: «أليس إيمانك بالقوة الكافية لأن تبيع نفسك في سبيل الله، عليك أن تقوي إيمانك حتى تفهم الآية التي تقول: «إن الله اشترى المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة»، وعندها ستصبح قادرًا على تحمل أعباء التكليفات التي ستوكل لك وتكون طريقك للجنة!
ووقع الطبيب الشاب ضحية التضليل بالدين والقرآن، وأصبح عضوًا بالتنظيم الإرهابي الخطير.