الجد الأكبر كان زعيمًا لثورة 19 في الصعيد 
الجد الأكبر كان زعيمًا لثورة 19 في الصعيد 


حكايات| أسرار الساحة الشرقاوية.. الجد الأكبر كان زعيمًا لثورة 19 في الصعيد

أبو المعارف الحفناوي

السبت، 28 مايو 2022 - 02:22 م

بيوت شاسعة بمواصفات خاصة لا يمتلكها أحد غيرهم، تطل على النيل بمدينة نجع حمادى، ومسج وقرية تحمل اسمهم في فرشوط، لهم تقاليد وعادات خاصة، أكسبتهم حب واحترام الجميع.

 

عندما تمر على ساحاتهم ومنازلهم، تشم رائحة التقوى والإيمان، غالبيتهم قضاة ووكلاء نيابة وضباط واطباء ومهندسين، عندما يذكر اسمهم وصفاتهم، تشعر أنك تستمع لدروس في التقوى والعمل الصالح، وأيضا السياسة إذ كان جدهم الشيخ أبو الوفا الشرقاوي، زعيما لثورة 19 في الصعيد.

 

اقرأ ايضا:حكايات| «فارس» بلا حدود.. رسام بالتراب والشاي وورق الشجر  

 

كان أبناء الساحة الشرقاوية، يمتلكون 5000 متر في المدينة المنورة، وقبل 3 سنوات مضت، قبل دخولها ضمن توسعة الحرم هناك، ويمتلكون عادات وتقاليد ، ما زالوا يحافظون عليها حتى الآن، فضلًا عن أن منازلهم تحمل عبق التاريخ.

 

رغم أن العارف بالله فضيلة الشيخ أبوالوفاء الشرقاوي، رحل عن دنيانا في مطلع الستينيات من القرن الماضي، وبكته كل طوائف صعيد مصر، إلا إنه ما زال حيًا بسيرته، في القلوب تشع صوفيته، وفي العقول ترسخ وطنيته ونضاله، تجد صوره في المتاجر والأماكن العامة والخاصة لتخليد ذكراه الطيبة.

 

 

أبوالوفاء الشرقاوي وُلد في سنة 1879 في قرية "دير شرقاوي" بمحافظة قنا، كان صوفيًا نقيًا يميل إلى العزلة، محاولًا إيجاد علاقة أكثر خصوصية مع خالقه تلك العلاقة الشفافة للغاية التي غاية المنى عند كل السالكين في هذا الدرب. 

 

استكمل الشيخ أبوالوفاء الشرقاوي رسالة أبيه الشيخ أحمد بن الشرقاوي، في نبذ البدع والضلال في التصوف، وهي رسالة كانت تؤكد على حتمية استقاء التصوف من كتاب الله والسنة النبوية، وألف كتابه “مصباح الأرواح في سلوك طريق الفتاح” لتكون نصيحة للذاكرين وقد طبعها مرتين في حياته لاهتمام المريدين بها.

 

 

أيقظ ذلك الصوفي الهمم وألهب المشاعر الوطنية، فبينما كانت البلاد مكبلة بأغلال الاستعمار وأصفاده القوية التي طوقت المصريين جاء العارف بالله الشيخ أبوالوفاء الشرقاوي من ظلال الحضرة النبوية، حيث كان قد قرر الإقامة بالمدينة المنورة، في المملكة العربية السعودية، ليحرر المنطقة من كل ذلك.

 

لعب الشرقاوي دورًا بارزًا في الكفاح ضد الاستعمار البريطاني في صعيد مصر كان هو المرجعية لكل النفوس الوطنية الثائرة ضد الاستبداد والظلم في نفس الوقت، وقت مطالبة الزعيم سعد زغلول بالاستقلال عن بريطانيا.

 

 

كان الزعيم سعد زغلول مؤسس الوفد المصري، وذلك المصباح الذي يضيء للأرواح “الشيخ الشرقاوي” يسيران في نفس الدرب، هذا يقود الأمة في الشمال، والآخر يقودها في الجنوب، ومعه الكثير من الوطنيين، وكان لابد من اللقاء بين القطبين.

 

زار سعد زغلول الصعيد، حيث تلك الصورة الشهيرة على ظاهرة "نوبية" العائمة النيلية التي حملت سعد ورفاقه إلى عواصم الصعيد، لجمع التوكيلات من المصريين المطالبة بالاستقلال، وكان اللقاء حارًا بين محاربين من طراز فريد، تبنيا قضية مصر للمصريين، قال سعد “الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة” وانشد العارف بالله “إذا جاء نصر الله والفتح يا مصر / فما مثل هذا الفتح فتح ولا نصر”.

 

جاهر العارف بالله بدعوته الوطنية نحو تحرير البلاد، رغم عنفوان الموالين للوجود البريطاني في مصر وأخذ ينشد القصائد الجليلة ويحث المصريين على مجابهة المستعمر، وخاض حروبا ضد البدع التي كانت متفشية في عصره والتي تخلط الدين بالضلال، ودعا علماء المسلمين اتخاذ موقف تجاه مجتمعاتهم التي يعيشون فيها.

 

 

أنجب الصعيد كثير من العلماء، ولكن يبقى الشيخ أبوالوفاء الشرقاوي، علامة فارقة في تاريخ الصعيد، ليس كقيمة روحية صوفية فقط، بل كمناضل وطني تصدى بكل جرأة للقوى الاستعمارية، ورغم رحيله فإنه بيننا، فالساحة الشرقاوية الرحبة تحتضن الزائرين والمصباح الذي يضيء للأرواح ما زال يشع نورًا للطالبين.

 

 

وكشف الشيخ إبراهيم أبو الوفاء الشرقاوي، أحد أحفاد العارف بالله الشيخ أبو الوفاء الشرقاوي، أسباب زيارة فرانسيس ريتشارد دوني، سفير الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق للساحة الشرقاوية في سنة 2007.

 

 

وأوضح الشرقاوي، في تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، قبل وفاته، أن زيارة "دوني" للساحة الشرقاوية، شمال شرقي مدينة نجع حمادي بمحافظة قنا، لم تكن بدعوة منه، وإنما رغبة من السفير الأمريكي للتعرف على رموز المنطقة من المسلمين والأقباط والقيادات السياسية والتنفيذية والدوائر القبلية والشعبية.

 

 

وقال حفيد العارف بالله "لم تكن تقاليد الضيافة تحول دون الإعراب عن أسفنا وتحفظنا عن نهج أمريكا تجاه القضية الفلسطينية والحرب في العراق، وفي قضايا عديدة بالعالم"، موضحًا أن الإعلامي الكبير فهمي عمر، رئيس الإذاعة المصرية الأسبق، كان علي رأس حضور حفل استقبال السفير الأمريكي.

 

 

وزار السفير الأمريكي الأسبق ووفد كبير من السفارة الأمريكية الساحة الشرقاوية في مارس 2007، ودعت الأسرة الشرقاوية وقتها، الدوائر الرسمية والقبلية والشعبية لحضور حفل الاستقبال ومأدبة الغذاء التي أقيمت في الساحة، وأحدثت الزيارة جدلا واسعًا.

 

 

وعُرف عن السفير الأمريكي الأسبق شغفه بمعرفة تفاصيل الحياة الاجتماعية في مصر، والتعرف على العائلات الكبرى، وزيارة المقامات والأديرة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة