الجماعات الإرهابية
الجماعات الإرهابية


مصر مقبرة الجماعات الإرهابية دائمًا.. تفاصيل وحقائق

أخبار الحوادث

السبت، 28 مايو 2022 - 04:30 م

تقرير يكتبه: عمرو فاروق 

تتمتع الدولة المصرية بتجربة تاريخية في التعامل مع الجماعات الأصولية، منحتها الخبرة والتفوق في قراءة العقلية الحركية والفكرية لتلك الكيانات وتحجيم تمددها في البقاع الجغرافية المختلفة، وسعيها في محاولة بناء تجمعات تنظيمية استغلالاً للسيولة السياسية والأمنية في أعقاب ما عرف بأحداث «الربيع العربي».

 

اشتبكت الأجهزة الأمنية المصرية منذ خمسينات القرن الماضي وما تلاها، مع التيارات الإسلام السياسي، وأوقفت محاولاتها الدائمة في اختطاف المجتمع فكرياً، وتطويع مؤسسات الدولة لأهدافها، ابتداء من جماعة الإخوان، والتيارات السلفية، والجماعة الإسلامية، والتنظيمات الجهادية، وغيرهم. 

مثلما كانت مصر مقبرة للغزاة، فواقعها المعاصر يبرهن على أنها مقبرة للجماعات الأصولية التي فشلت في انتزاع هويتها الفكرية والثقافية على مدار أكثر من 90 عاماً، رغم تغلغها في مؤسساتها وبنياتها الاجتماعية، نيلاً من أمنها وسلامتها وعقيدتها ووسطيتها السمحة، وتحولت إلى صخرة صلبة أمام مشاريع الإسلام السياسي ومروجيها ومموليها.

 

خروج الدولة المصرية عن دائرة التبعية السياسية للغرب الأمريكي، في الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، يدفع لتهديد استقرارها الداخلي على أيدي وكلاء وممولي التنظيمات الإرهابية، الذين خططوا الأيام  الماضية للهجوم على "محطة المياه" في الغرب السيناوي، لصناعة بروبجندة إعلامية تمنح التنظيم الداعشي "قوة وهمية"، من خلال علميات خاطفة ومدروسة، توحي بقدرته على البقاء والمواجهة.

 

خاضت الدولة المصرية وأجهزتها حرباً شرسة ضد معاقل الإرهاب، في عمق الاتجاهات الشرقية والغربية والجنوبية، خلال السنوات الماضية، وتمكنت من تفكيك أكثر من 20 تنظيماً مسلحاً، أبرزهم جماعة "أنصار بيت المقدس" الموالية لتنظيم "داعش"، وجماعة "أنصار الإسلام" التي أسسها عماد عبد الحميد، وتنظيم "أجناد مصر" الذي أسسه همام عطية، وتنظيم "أنصار الشريعة"، الذي أسسه محمد عبد الرحيم، وسيد عطا، وتنظيم "المرابطون" الذي أسسه هشام عشماوي، وجماعة "جند الإسلام" القاعدية، وكذلك الأجنحة المسلحة التابعة لجماعة الإخوان، مثل حركتي"حسم"، و"لواء الثورة".

 

القضاء على فكرة التمركز الجغرافي للتنظيمات الإرهابية، واستهداف خلاياها النائمة تحت مسمى "الذئاب المنفردة"، ووقف عملياتها العشوائية، كان في مقدمة الأجندة الأمنية التي انتهجت أحدث طرق جمع المعلومات حول تحركات العناصر المتطرفة، ووجهت إليها ضرباتها الاستباقية، ويعتبر تفوق الاستراتيجية المصرية في تفكيك هياكل الجماعات الأصولية المسلحة، ليس حديثاً محلياً إقليمياً، لكنه إشادة دولية رسمية صادرة عن الأمم المتحدة في 11 فبراير 2022، معبرة عن تقديرها للجهود المصرية في وقف تمدد الجماعات المتطرفة، وتراجع نشاط تنظيم "داعش"، وتنظيم "القاعدة"، وعجزهما عن تنفيذها أية عمليات مسلحة.

 

ركز تقرير الأمم المتحدة على دور الأجهزة الأمنية المصرية في العمق السيناوي، (الذي يشهد حالياً حالة من التنمية الشاملة)، في تفكيك جماعة" أنصار بيت المقدس"، التي تمثل إمتداد لجماعة "التوحيد والجهاد"، المسؤولة عن تفجيرات "شرم الشيخ" و"دهب" و"نويبع" بين عامي 2004، و 2006، واندمجت عام 2011 في تحالف ''مجلس شورى المجاهدين "، الذي أعلن بيعته لـتنظيم "داعش" في نوفمبر 2014، تحت مسمى "ولاية سيناء".

 

في إطار المواجهة المباشرة، نفذت قوات إنفاذ القانون مجموعة من العمليات المسلحة، ضد التنظيمات التكفيرية، بداية من "العملية الشاملة" في فبراير 2018، وسبقها "العملية نسر (1)"،  في 12 أغسطس 2011، عقب عدة تفجيرات استهدفت أنابيب الغاز، وتبعها "العملية نسر 2"، في 5 أغسطس 2012، ثم عملية "عاصفة الصحراء"، في 27 يوليو 2013، تبعتها عملية "حق الشهيد"، في سبتمبر 2015، التي نفذت داخل مناطق رفح والشيخ زويِّد والعريش، واستمرت المرحلة الرابعة منها حتى نهاية 2017 .

 

ومنذ فبراير 2018، عملت الأجهزة الأمنية على تجفيف منابع التمويل للتنظيمات الإرهابية، وهدم الأوكار والخنادق والأنفاق، وتدمير مخازن الأسلحة والذخائر، والمراكز الإعلامية ومراكز الإرسال، التي كانت منتشرة بكثافة في شمال ووسط سيناء، وعثر  بداخلها على العديد من أجهزة الحاسب، والوثائق المتعلقة بالفكر التكفيري، بجانب القضاء على القيادات الفاعلة والمؤثرة في التنظيم الإرهابي الداعشي، مما أثر على بنيته الهيكلية وفاعليتها.

 

من نتائج العملية "سيناء 2018"، القضاء على أكثر من (1000) إرهابي، وضبط أكثر من 7970 آخرين، بينهم عناصر أجنبية تسللت للداخل المصري عقب أحداث 25 يناير 2011، وحكم جماعة الإخوان الإرهابية، إذ تم القبض على  أكثر من (889) أجنبياً، وتدمير أكثر من (2500) هدفاً للاختباء، فضلاً عن أجهزة الاتصال اللاسلكية، ومخازن المواد الكيميائية المُستخدَمة في صناعة العبوات الناسفة.

 

لم تتوقف ضربات العملية الشاملة 2018 على الاتجاهات الشرقية بسيناء، لكنها إمتدت إلى الظهير الصحراوي الغربي المتاخم للحدود الليبية، وشملت العمق القاهري، ومناطق الدلتا والوادي، ومنها إلى جبال الصعيد والحدود السودانية جنوباً، من قبيل عرقلة الدعم اللوجيستي للجماعات المتطرفة، شددت الأجهزة الأمنية الرقابة على التحويلات المالية القادمة من الخارج، فضلًا عن التحفظ على أغلب المنشآت الاقتصادية والتجارية التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية وأعوانها، لمحاصرة الأموال الساخنة التي يتم ضخها في العمليات الإرهابية.

 

وفقاً لتقرير مؤشر الإرهاب العالمي، الصادر عن مركز "السلام والاقتصاد" للدراسات، (أحد المراكز البحثية الكبرى المعنية برصد ومتابعة مؤشرات الإرهاب حول العالم)، خرجت مصر من قائمة الدول العشرة الأكثر تأثراً بالإرهاب، حيث جاءت في المرتبة الحادية عشر لعام 2018، بينما كانت في التاسعة عام 2017، بعد أن شهدت تقدماً ملحوظا في مكافحة الإرهاب.

 

لم تنته جهود الدولة المصرية في مكافحة الإرهاب،على أعتاب الداخل القاهري، لكن إيماناً بدورها الإقليمي والإفريقي، فَعَّلت في نوفمبر 2021، "مركز مكافحة الإرهاب لتجمع دول الساحل والصحراء"، لدعم قدرات الدول الإفريقية، وفي 18 إبريل الماضي أقر البرلمان المصري، اتفاقية مكافحة الإرهاب بين مصر ودول الساحل والصحراء، وفي فبراير 2020 اقترحت إنشاء "قوة إفريقية لمكافحة الإرهاب"، خلال مشاركتها بالقمة الإفريقية، وفي مارس 2015 وافقت جامعة الدول العربية، على مطلب القاهرة بتأسيس "قوة عربية مشتركة"، تهدف إلى حفظ الأمن القومي العربي ومجابهة الإرهاب، وقدمت بروتوكولاً يتضمن 12 مادة تحدد مهام هذه القوة.

 

كذلك انضمت القاهرة كعضو فاعل في "التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب"، الذي أعلنته المملكة العربية السعودية في ديسمبر 2015، وضم 41 دولة، بهدف تنسيق الجهودها في الحرب على التطرف والإرهاب. 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة