لويز  إردريك
لويز إردريك


الأديبة لويز إردريك: جدي هو بطل روايتي

أخبار الأدب

السبت، 28 مايو 2022 - 06:22 م

لويز إردريك واحدة من أبرز الأصوات الأدبية فى أدب شعوب أمريكا الأصلية، ولدت عام 1954 فى مدينة ليتل فولز بولاية مينيسوتا الأمريكية. نالت العديد من الجوائز من بينها بوشكارت للشعر، والكتاب الوطنى، ودائرة نقاد الكتاب الوطنى، وبين/سول بيلو للانجاز فى الأدب الروائى الأمريكى. من بين أبرز أعمالها (دواء المحبة)، و(مسارات)، و(قصص حب متقد)، و(وباء اليمام)، و(لعبة الصمت).

يتطرق الحوار التالى إلى العملية الإبداعية لدى لويز، وكذلك ماضى ومستقبل أدب سكان أمريكا الأصليين. بالإضافة إلى عدة موضوعات تناولتها روايتها الجديدة (الحارس الليلى) والتى فازت بجائزة البوليتزر لعام 2021. 


راقنى ترابط كل الموضوعات التى تطرقتِ إليها فى هذه الرواية بدءاً من الواقعى والخيالى، وانتهاءً بالدلالات السياسية الضمنية. ما الذى ألهمك كتابة هذا الرواية؟


يحمل الكتاب بين طياته علاقة وثيقة بجدى باتريك جورنو، والذى كان عضواً بمجلس قبيلة تشيبوا فى منطقة جبل السلحفاة طوال خمسينيات القرن العشرين. قضيت وقتاً طويلاً فى البحث والقراءة عنه فى الأرشيف الوطنى. كما تسلمت خطاباته التى كتبها عام 1954، العام الذى ولدت فيه، والتى تزامنت مع وقت إعلان تصفية قبائل السكان الأصليين، إذ كانت قبيلة تشيبوا من بين أول خمس قبائل كان سيتم تصفيتها. وهكذا تحتم على أفراد القبيلة الذود عن أنفسهم وأراضيهم والذهاب إلى الكونجرس إن أرادوا تجنب هذا المصير. 


تركز الرواية كذلك على الشابة باتريس، كيف طرأت على ذهنك قصتها؟ 

يرتكز الكتاب على شخصيتين رئيسيتين. الأولى، توماس واجاشك، رجل مهذب على خلق، وهو مستوحى من شخصية جدى. إلا أنى استشعرت أنه لا يمتلك صراعات كبيرة. لكنى أدركت أنى لا أرى الصورة بأكملها. ثم طرأت على ذهنى الشخصية الثانية باتريس برونتو، أو بيكسي، والتى تقوم بعمل الأشياء على أكمل وجه حينما يحتدم غضبها. غير أن شخصية جدى كانت الأساس الذى بنيت عليه جميع الأحداث. 


أعجبتنى فكرة الحارس الليلى بصفتها استعارة جوهرية للعمل الذى كرس له جدك جل وقته وانتباهه. كان واعياً بمحاولات الكونجرس لمداهنة القبائل بتلك العبارات التى كانت تضمر الأذى والخراب، كما كان يعمل فى الواقع حارساً ليلياً.


حينما فهمت ما قام به أصابنى الذهول. كان يكتب الخطابات ليلاً مناشداً الكونجرس، وفى النهار يرعى أسرته ويحافظ عليها. لقد كان واعياً ومنتبهاً إلى ما كان يحدث، على النقيض من باقى أفراد القبيلة، إذ كانت لغة التصفية مضللة ومخادعة بشكل بارع، تستعين بعبارات رنانة عن التحرير وإطلاق السراح.

والغريب أنه لم يكن ثمة أحد مستعبد أو مقيد، طالما احترم مواثيق القبيلة وعمل بها. لم يكن ما يعرضه الكونجرس فرصة لمعيشة كريمة، بل إهداراً لحقوق القبائل.


ورغم أن جدى لم يتلق قسطاً عالياً من التعليم، فهم أن بيت القصيد من مشروع قوانين الكونجرس بشأن السكان الأصليين كان الترحيل والتصفية. وعلى الفور بادر بإقناع الناس من حوله بمقاومة هذا الظلم. وإذ أخذنا بعين النظر صغر مساحة الأراضى التى كانوا يعيشون بها سنرى أن التصفية كانت أمراً يسيراً، فمحمية جبل السلحفاة تتكون من بلدتين فحسب. كنت ارتعد وأنا اقرأ ماذا يحدث واستوعب أهمية ما أنجزه جدى. 


استعنت فى الرواية بلغة تشيبوا والتى أضفت حميمة ووعياً على الشخصيات. حدثينا عن الكتابة بلغة تشيبوا ودورها فى الرواية.
اللغة إحدى النقاط المميزة فى الكتاب، فالأحداث تدور فى الخمسينيات. لم يعتد الناس أن يقولوا: «إنه يتحدث الأوجيبوية» أو الأنيشينابية»، مثلما يُقال اليوم. بل كانوا يقولون: «ها قد عاد إلى التحدث بالهندية». لذلك لا ترى «سكاناً أصليين» فى الكتاب، لأنهم لا يطلقون على أنفسهم ذلك أو على لغتهم. وقد استعرضت تلك النقطة مع القائمين على الكلية المجتمعية الخاصة بالقبيلة، والذين يحاولون تعريف الناس وتعليمهم لغات السكان الأصليين ولهجاتهم. 


يبدو أن فكرة الرواية كانت فى ذهنك منذ أمد طويل. معظم الناس لا يدركون مدى الظلم الذى ذاقه السكان الأصليوون على يد الحكومة الأمريكية. هل ثمة دافع بعينه حثك على نشر الرواية الآن؟ 

لقد سمعت، مثل كثير من الناس فى البلاد، بما يحدث فى واشنطون، وكيف أنه يؤثر علينا. ثمة تدمير محتمل للدستور، لذا ينبغى علينا أن نفكر فى المعاهدات التأسيسية، التى أتاحت علاقات فيما بين الحكومات فى بلادنا. وأحسب أن ذلك ما جعلنى أدرك أهمية خطابات جدى. لا أعرف كيف أحلل ذلك بدقة، لكنى أيضاً نظرت بعين الفزع وأنا أتأمل كل ما يحدث فى واشنطن، وأجبرت نفسى على المراقبة بوعى وإدراك. وفى الوقت نفسه لم أرغب فى أن يتملك الناس العجز والقنوط. لقد استنزفتنا فوضى الأوتوقراطية، ومع كل يوم يمر ثمة شىء يدمر كل ما نحبه فى هذا الوطن وحياتنا فيه.


حينما قرأت قصة فيرا (شقيقة بيكسى، التى اختفت فى منيابولِس)، فكرت فى نمو الانتباه والوعى بعمليات اختفاء وقتل نساء السكان الأصليين. كيف كانت الكتابة عن ذلك الموضوع مهمة بالنسبة لك؟
بالتأكيد كان هذا الموضوع محورياً بالنسبة لى. أعنى أنى أخذته على محمل شخصى، فالإحصائيات، برغم حقائقها المخيفة، لا تمثل بشكل دقيق العنف الذى تواجهنه نساء السكان الأصليين على أرض الواقع. وبناء على ذلك أردت التحدث عن الركائز التاريخية. لقد صار الناس أكثر تعبيراً ووعياً. هناك مسيرة حاشدة تخرج فى عيد القديس فالنتاين من أجل نساء مفقودات أو قتيلات. حرصت على إيضاح أن أحد أسباب حدوث ذلك كانت عمليات الترحيل التى أفضت إلى نزوح أعداد هائلة من نساء السكان الأصليين إلى المدن.


كيف ترين مستقبل أدب سكان أمريكا الأصليين؟ هل العالم يعامل كُتّاب السكان الأصليين بشكل مختلف عبر العصور؟

تغمرنى سعادة كبيرة فى الوقت الحالى لعدة أسباب. أولاً، بصفتى مالكة لمتجر كتب، والذى يركز بالطبع على أدب السكان الأصليين وتاريخهم وكل الكتابات المتعلقة بهم. ثانياً، العديد من الناس يكتبون، والعديد من السكان الأصليين ذوى الخلفيات والآراء واللغات المتباينة نما لديهم الوعى والإدراك. وقد أسعدنى هذا التدفق والذى صار يُطلق عليه «الموجة الثالثة». إننا فى خضم فترة قوية وعظيمة، وهذا يجعلنى أشعر بالامتنان العميق. 

اقرأ ايضا

شعر ميس الريم قرفول تكتب: بلا سقوف حتى تتخيلوا!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة