د.سعيد أبو على خلال حواره مع «الأخبار»
د.سعيد أبو على خلال حواره مع «الأخبار»


بايدن لم يلتزم بوعوده الستة..

الأمين العام المساعد للجامعة العربية: مصر السند والداعم للقضية الفلسطينية

أسامة عجاج- نادر غازي

السبت، 28 مايو 2022 - 09:29 م

 

«لا ينبئك مثل خير» فما بالك عندما يجتمع فيه التحصيل العلمى مع ممارسة النضال والعمل على الأرض، فنحن إذًا أمام شخصية استثنائية.. أتحدث هنا عن د. سعيد أبو على الأمين العام المساعد للجامعة العربية لشئون فلسطين، والذى تولى المهمة من سبتمبر ٢٠١٦ بعد رحلة طويلة من الدراسة التى بدأت بالإعلام فى عام ١٩٨٩والعلوم السياسية وانتهت بالدكتوراه فى القانون والمنظمات الدولية من فرنسا قبل عام من توليه منصبه فى الجامعة العربية، التحق بالعمل النضالى السياسى الفلسطينى مبكرًا عندما التحق بمنظمة التحرير فى تونس.

كما أن إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية أتاحت له التماس مع العمل التنفيذى على الأرض من خلال مناصب عديدة كمحافظ فى العديد من المدن الفلسطينية ووزير للداخلية فى العديد من الوزارات منذ عام ٢٠٠٩ وحتى يونيو ٢٠١٤. وفى ظل الظروف الدقيقة التى تمر بها القضية الفلسطينية كان من الضرورى التعرف عن كثب من شخصية بهذا الثراء والخبرة على التحديات التى تواجهها على كل الأصعدة داخليًا مع فشل إتمام المصالحة الفلسطينية أو فى صياغة علاقة مع إسرائيل قائمة على قرارات الشرعية الدولية ومخاوف من استمرار المشروع الاستيطانى والتقسيم الزمانى والمكانى للمسجد الأقصى وسقوط الرهان على إمكانية إحراز تقدم بعد تغيير القيادات فى واشنطن وتل أبيب بعد غياب الثنائى الأخطر على القضية الفلسطينية ترامب - نتنياهو وتصدر بايدن - بينت المشهد ولكن المحصلة الحفاظ على نفس السياسات ولكن بأشكال وآليات أخرى حتى صفقة القرن عنوان فترة ترامب - نتنياهو يتم تنفيذها بأساليب مختلفة بعيدًا عن الفجاجة وممارسة الضغوط التى حفلت بها تلك المرحلة.

الحوار مع د. سعيد أبو على اتسم بالصراحة والمكاشفة وسعى إلى وضع الأمور فى نصابها من تحمل الفلسطينيين جزءًا كبيرًا من أزمتهم إلى التغيير الحاصل على صعيد الملف سواء فى مواقف الأطراف الفاعلة أمريكا وإسرائيل والاتحاد الأوربى والعالم العربى، كما تحدث عن سياسات بايدن فى الإبقاء على الهدوء فى المنطقة بدليل أن التماس الحقيقى مع القضية كان فى رمضان قبل الماضى عندما بدأت عمليات «سيف القدس» بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، دون تنفيذ لأى من تعهداته قبل دخوله إلى البيت الأبيض ولا يملك رؤية أو مبادرة للتحرك باتجاه إيجاد حل للقضية بذريعة هشاشة التحالف الذى يحمى الحكومة الحالية فى إسرائيل.

عول العرب كثيرًا على أن تغيير النظام الأمريكى من ترامب إلى بايدن وتغيير النظام الإسرائيلى من نتنياهو إلى بينت سيُحدث تغييرًا فى مسار القضية الفلسطينية. ولكن الحصيلة خلال تلك الفترة تبدو صفرًا وإن تغيرت الأساليب والوسائل؟
كان الرهان هو الخلاص من ترامب ومن نتنياهو، وكأن الخلاص منهما يفتح الآفاق ويقرب الاستحقاق ويضع المنطقة كلها أمام مرحلة ووضع جديد.. هكذا كانت توقعات ورهانات لدى فريق وليس لدى الجميع فيما يتعلق برحيل ترامب، ارتباطًا بما لحق بالقضية الفلسطينية من أذى وتهديد رافق كل الفترة لولاية ترامب بمسمى «صفقة القرن» التى رفضها الفلسطينيون بشدة ودفعوا أثمانًا كبيرة مقابل هذا الرفض.

وفى قراءتى كانت سيفًا مصلتًا على رقاب الكثيرين وليس الفلسطينيين فقط، ورافقها الكثير من الضغوط والقليل من التمنيات والأحلام بانتعاشة اقتصادية، بتغيير الوضع الاقتصادى وإحداث اختراق فى جمود عملية السلام.

ولكن كل هذه الرهانات فى النتيجة لم تكن فى محلها، وكان حتى فى داخل المجتمع الأمريكى مثل هذا الصراع بين خيار إدارة ترامب ووعود إدارة بايدن. وهذه الوعود التى كانت تنسجم مع طموحات أعلى ومستوى حقوق أفضل، على الأقل بتجاوز صفقة القرن ومفاعيلها، فكان الهدف أو التطلع والطموح هو إسقاط صفقة القرن، حتى لو لم تأتِ إدارة بايدن بوعود أو باستحقاقات جديدة مغايرة بسقف أعلى.

ولكن أيضًا تم رسميًا من جانب إدارة بايدن الكف عن الحديث فى صفقة القرن.. ومن نتائج صفقة القرن التى بدأ تنفيذها فى ظل الرفض والتصدى الفلسطيني، مثلاً القدس، والاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل موحدة ونقل السفارة الأمريكية إليها.

ولم يكن مطروحًا أن يتم التراجع عن ذلك بقدر ما كان هناك تأكيد من فريق حملة بايدن الانتخابية أثناء المعركة الانتخابية وحتى بعدها، بأن القدس عاصمة للدولتين، ومع حل الدولتين، ومع وقف الاستيطان.

ومع إعادة الدعم والمساعدات للسلطة الفلسطينية، وإعادة تنظيم العلاقات، ومازالت العلاقات مقطوعة حتى الآن، فهناك اتصال سياسى ولكن مكتب منظمة التحرير الفلسطينية مازال مغلقًا والقنصلية مازالت على حالها فى القدس.

وهذا معناه أن كل هذه الوعود لم تحدث. والأدهى والأمَرّ بالنسبة لى أن صفقة القرن، وهى اتفاق تعاقدى ومشروع وخطة نُفذ جزء منها المتعلق بالقدس، مازال على الأرض نفس سقف التباعد لصفقة القرن هو السائد، ولم يتم وضع بدائل تتجاوز حتى الآن رغم الوعود، ولم تتحرك الإدارة الأمريكية فعلياً من أجل حل الدولتين وحماية حق الدولتين. وعلى الأقل يمكن أن تُفتح القنصلية فى القدس واستئناف العلاقات الثنائية بين السلطة الفلسطينية والأمريكان بصورة رسمية.


مواقف تكاملية
بحديثكم عن صفقة القرن، حدثنا عن الدور المصرى فى دعم القضية الفلسطينية بشكل عام، ورفض مصر لصفقة القرن الأمريكية.
بالتأكيد لن تقبل مصر شيئًا يرفضه الفلسطينيون، وهذه مسألة بديهية، فمصر تقبل ما يقبله الفلسطينيون وتُعارض ما يعارضه الفلسطينيون. ولن تقبل فلسطين الرسمية والشعبية حلًا سواء صفقة قرن أو غيرها، يتعارض أو يمس بالحقوق المصرية أو بالأمن القومى المصرى.

فهناك وحدة موقف تكاملية تدعم القضية الفلسطينية والعربية، والتى تعزز أيضاً من المصالح العربية.


مصر ضمانة للقضية الفلسطينية، حتى فى بعض المواقف الصعبة. فمصر تكون درءًا للمفاسد بتقديمها على جلب المنافع.


الحفاظ على الهدوء
مر عام على أول تماس بين إدارة بايدن مع القضية الفلسطينية، وكانت مرتبطة بالاشتباكات التى تمت فى عملية «سيف القدس»، ومن الواضح أن التوجه الأمريكى العام هو السعى إلى استقرار الوضع الفلسطينى وليس تحريكه.. كيف ترى ذلك؟
هناك محددان للموقف الأمريكى، الأول: هو الحفاظ على الهدوء وخفض التوتر والحفاظ على الوضع القائم كما هو عليه، والثانى: هو التحلل من القيام بمبادرة أو فعل لتحريك ما هو ساكن، ويتعلق بخطوات من شأنها إعادة إحياء عملية السلام أو التعاطى مع القضية الفلسطينية من منظور سياسى ومتابعة جهد الحراك الدولى لعملية السلام.

وهذا الأمر ليس مطروحًا. فقد اكتفت الرؤية الأمريكية بأنه تم تغيير الحكومة الإسرائيلية، وبذريعة أن الظرف غير مواتٍ، والآن نبدأ بخطوات من أجل استعادة الثقة، كما أن وضع الحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة بينت هش لا يمكنّا من الضغط.

والرؤية بالنسبة للجانب الفلسطينى وكذلك العربى، أننا لسنا مع تصعيد يفجر الأوضاع، وإن حدث فهذه مسئولية الجانب الإسرائيلى من خلال استمراره ومواصلته لمخططاته الاستيطانية أو التطهير العرقى والقتل اليومى وجرائمه التى تستمر وتتصاعد. نحن مع تنظيم وإعادة ترتيب العلاقات الثنائية بين السلطة الفلسطينية والإدارة الأمريكية بما يمكّن من إعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن وبما يمكّن من استئناف التمويل سواء للسلطة أو «الأونروا» التى تعانى.

وبما يمكّن أيضاً من تنفيذ الوعود الأمريكية بإعادة فتح القنصلية فى القدس. والجانب الفلسطينى لا يطلب أكثر من الالتزام بالقضايا الست التى وعد بها بايدن، مع إجراءات بناء واستعادة الثقة التى وصلت إلى حد القطيعة فى عهد نتنياهو، على ألا تكون على حساب المحتوى السياسى واستئناف عملية سلام جادة تحقق أهدافها. ومع ذلك لم ترجع العلاقات.

ولا هناك محددات فى الموقف الأمريكى وخاصة فيما يتعلق بالاستيطان. وتكشف مؤخرًا فى شهر رمضان الماضى أن المخطط الاستيطانى الإسرائيلى الجديد يتضمن بناء 4 آلاف وحدة استيطانية جديدة.

وتداولت وسائل الإعلام أن الأمريكان عارضوا مشروع الاستيطان، والمعارضة كانت مطروحة بين الأمريكان والإسرائيليين على عدد الوحدات الاستيطانية، وتنازل الإسرائيليون للأمريكان بأن يقللوا عدد البؤر الاستيطانية من 6 آلاف إلى 4 آلاف. والاستيطان فى الأصل غير شرعي، فأين الموقف الأمريكى الرافض للاستيطان؟!.


وفى الوقت الذى لم تلتزم فيه أمريكا بتعهداتها بوقف الاستيطان أو حل الدولتين أو موقف السفارة بالقدس بحجة أن حكومة بينت ضعيفة وهشة، تستمر حكومة بينت بارتكاب الجرائم لتصعيد الحرب ضد الشعب الفلسطينى.

وليس ضد حقوقه فقط وإنما ضد وجوده، بما يمثل استمرارية لتكريس صفقة القرن التى أكدت إدارة بايدن أنها ضد هذه الصفقة، فكيف يكون هذا؟!. فصفقة القرن يتم تنفيذها بهدوء.

بينت وجه آخر من نتنياهو
نعود من جديد الى مسألة توقع تغييرات جذرية مع غياب نتنياهو عن المشهد الإسرائيلى ما الجديد فى النظام الإسرائيلى الجديد؟ فحكومة بينت على نفس مستوى خطورة حكومة نتنياهو بالنسبة للقضية الفلسطينية، هل كان هناك رؤية «رومانسية» للمشهد بأن تُحل القضية الفلسطينية برحيل نتنياهو؟
المتابع للشأن الإسرائيلى وللصراع الفلسطينى الإسرائيلي، يجد أن بينت هو جزء من تكتل نتنياهو، «فهو على يمين نتنياهو»، وخروجه من هذا التكتل الكبير عن نتنياهو يأتى فى سياق الصراع الداخلى لإسقاط نتنياهو.

وبينت يرفض من حيث المبدأ الاعتراف بوجود شريك فلسطينى، وبالتالى هو غير مستعد لإجراء أى تواصل بالمعنى السياسى مع السلطة الفلسطينية، وهذه سياسته التى يفرضها على الحكومة

. وأقصى ما يمكن أن يفعله هو تحسين الظروف المعيشية، وهذا يتفق مع إحدى المقاربات المطروحة بصورة غير رسمية فى المنتديات والنوادى السياسية لكسر حالة الجمود والمساهمة بطريقة غير مباشرة فى خفض التوتر ونزع فتيل الانفجار والإبقاء على الوضع الحالى وتمكين الجانبين من صياغة خطوات وإجراءات لاستعادة الثقة وتعزيزها.

والتى يقودها وزير الدفاع الإسرائيلى بيلى جانتس. ولكن كل هذا يدخل فى منظور القناعة الأيديولوجية، فحكومة بينت حكومة مستوطنين، بينت نفسه مستوطن.

وأقصى ما يمكنه فعله هو تقليص الصراع. كما أن هناك مقاربات إسرائيلية أخرى ترى أن الحل فى الكونفدرالية الفلسطينية الإسرائيلية، والمضى قدمًا فى تطبيق صفقة القرن بمحتواها بصورة صامتة وبدون ضجيج يتم تطبيقها على الأرض.

وإنما مقاربة بينت هى استمرار الاستيطان والتهويد واستمرار الضغط على الشعب الفلسطينى فى حرب فى المقام الأول بالقدس وتحديدًا فى المقدسات.


جولة بايدن
هل زيارة الرئيس الأمريكى جو بايدن المقررة خلال شهر يونيو القادم مقصورة على إسرائيل فقط؟
مدرج أيضًا زيارته للسلطة الفلسطينية، وسيلتقى الرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبو مازن»، ولا أعلم هل سيقابله بيد فارغة أو مليئة!.


وهل من الممكن أن يُعول على زيارة بايدن تلك؟
على هامش زيارة بايدن، هناك تخطيط أمريكى لعقد قمة إقليمية. ويرفض بينت انعقاد هذه القمة إذا دُعيت لها فلسطين. وما معنى قمة بدون فلسطين؟!.


الموقف العربي
هل الموقف العربى على نفس مستوى المخططات الإسرائيلية، وخاصة اجتماعات اللجنة الوزارية العربية المعنية بالقضية الفلسطينية؟
لا شك أن التمنيات والطموحات العربية أعلى، ولكن الأمر يتعلق بالقدرة والآفاق والأدوات. فنتحدث عن أداة دبلوماسية أو أداة قانونية أو عمل سياسى، من خلال التفاعل مع المجتمع الدولى بقنواته المتعددة.

والمشهد الدولى يزيد التعقيدات ولا يسمح بحالة أكثر نشاطًا أو تأثيرًا للدور العربى فى المجتمع الدولى، وكانت انشغالاته مرتبطة أكثر بتداعيات فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية جراء الحرب الروسية الأوكرانية.


وماذا عن الدعم المالى لموازنة السلطة الفلسطينية؟
الدعم المالى للموازنة أحد التحديات الكبيرة التى تواجه السلطة الفلسطينية منذ عامين أو ثلاثة، وأصبح تهديدًا للسلطة بشأن مستوى قدرتها على الوفاء بالتزاماتها والقيام بواجباتها، وهو أقرب ما يكون إلى كونه حصارًا ماليًا إلى جانب الحصار السياسى.

وهذا الحصار المالى يبدأ أولًا من خلال وقف التمويل والدعم الأمريكى، وكان مجموع الدعم الأمريكى السنوى بمختلف مجالاته يتجاوز 600 مليون دولار، ويشمل تمويلًا للسلطة الفلسطينية ومشروعات للوكالة الأمريكية ولوكالة «الأونروا». وتم وقف هذا التمويل المهم فى عهد ترامب.

وكان فى إطار المقايضة مع صفقة القرن، فإذا قبل الفلسطينيون الصفقة يستمر التمويل. كما بدأ الدعم الأوربى أيضاً بالتقلص إلى أن تجمد منذ عامين.
وبالنسبة للموارد الذاتية الفلسطينية، فوفقًا لاتفاقيات أوسلو تجبى الحكومة الإسرائيلية الضرائب لأنها تسيطر على المعابر الخارجية وحركة الاستيراد والتصدير والعبور، وفى إطار الضغط الإسرائيلى على السلطة الفلسطينية، يتم نهب صريح ومباشر ومعلن ورسمى من خلال اقتطاع مبالغ مالية منذ ثلاثة أعوام، قيمة مدفوعات السلطة لأسر الشهداء وعائلات الأسرى، ويصل هذا المبلغ إلى 100 مليون دولار شهريًا، بالإضافة إلى عبث الإسرائيليين فى ديون مستحقة على السلطة من خلال تزويد السلطة بخدمات الكهرباء والصحة، فيقتطعونها بصورة مباشرة.


وللأسف، كل هذا يتم فى ظل عدم انتظام الدعم المالى العربى، وتؤكد السلطة الفلسطينية دائمًا على تنفيذ قرارات القمم العربية بتوفير شبكة أمان مالى بقيمة 100 مليون دولار لموازنة السلطة حتى تتمكن من القيام بواجباتها.

وعدم توفير شبكة الأمان هذه وتراجع الدعم المالى الدولى وتجميده والسطو الإسرائيلى على الموارد الفلسطينية، ينعكس على موازنة السلطة إلى اليوم حيث تعانى من أعباء كبيرة فى مقدمتها قدرتها على تسديد الرواتب الشهرية، فمنذ حوالى عامين يتقاضى الموظفون بين 60-80% من رواتبهم.


إتمام التقسيم الزمانى للأقصى
نحن فى أى مرحلة من مراحل الرؤية الإسرائيلية للتقسيم المكانى والزمانى للمسجد الأقصى؟
هذا الموضوع المهم جدًا الذى بدأ منذ سنوات، يتكثف اليوم مع حكومة بينت. وهو أقرب إلى مرحلة الترسيم بكل ما يمثله من تقويض للوضع التاريخى والقانونى القائم للوصاية الهاشمية على المقدسات.

والمخطط الإسرائيلى بتنفيذ التقسيم يجرى منتهكًا كل الالتزامات بما فيها الالتزامات الثنائية والتعاقدية إضافة إلى القانون الدولى، فى مسألة الحرم القدسى.


وعمليًا، نستطيع أن نقول إنه تم التقسيم الزمانى للأقصى، وأعنى هنا أنه بدأ تنظيم دخول المستوطنين الإسرائيليين إلى الحرم منذ السابعة صباحًا حتى منتصف النهار، وتنتهى صلاة الظهر، ثم يُعاد فتح الحرم لزيارات المستوطنين حتى صلاة العصر، وهذا يتم يوميًا.


هل يتحمل الفلسطينيون جزءًا من مسئولية أنه حتى اليوم مازال هناك انقسام فلسطينى قد يتم الاستناد إليه لتصفية القضية؟
الوحدة الوطنية الفلسطينية هى الضمانة الأساسية لمواجهة عدوان ومخططات إسرائيل. والانقسام مشكلة كبيرة، ولا شك أنه يلقى بظلال سلبية ويضر بالمصالح الفلسطينية ويضعف الموقف الفلسطينى.

ولكن إذا كانت هناك عوامل ذاتية فلسطينية، فكذلك لا نستطيع أن نتجاهل التدخل الخارجى بالداخل الفلسطينى بحكم طبيعة القوى وخاصة فى إطار المشروع الإسلامى ورؤية قطاع غزة وحركة حماس. فتأثيرات العوامل الخارجية فى حال الانقسام الفلسطينى مازالت عوامل مؤثرة.


وما الحل من وجهة نظرك لإنهاء الانقسام الفلسطينى؟
عندما تتوافر الإرادة، وتوفيق الله سبحانه وتعالى.


وفاق عربى أوربى
وماذا عن عمل اللجنة الرباعية الخاصة التى تضم مصر والأردن وفرنسا وألمانيا؟
مازالت موجودة وفعالة، فى غياب عمل اللجنة الرباعية التى أصبحت جزءًا من الماضى مع تداعيات الحرب فى أوكرانيا وسعى الغرب لمحاصرة روسيا ووجودها فى المنظمات الدولية، أما الرباعية التى تضم مصر والأردن وفرنسا وألمانيا فهى آلية موفقة لاستمرار تأكيد الثوابت وأسس الحل والمبادئ.

ولا نحمّل هذا الرباعى أكثر من قدرته على الإنجاز. والمنجز الحقيقى هو الحفاظ على الجوهر. فنحن أمام صراع لا يمكن حله وتسويته بصورة عادلة ودائمة تطمئن أطرافه، إلا إذا قام وبنى على هذه الأسس التى تفضى إلى دولة فلسطينية. هذا وفاق عربى أوربى ونواة صلبة لابد من الحفاظ عليها.


الصمود الفلسطينى متواصل الآن فى وجه المشاريع الإسرائيلية، وأعتقد أن هذا أمر حتمى وبديهى. وبالتدقيق فى المشهد الفلسطينى، فهناك حرب إسرائيلية شاملة على الوجود والحقوق الفلسطينية بتحدٍ لكل العالم.

ولكن أيضًا هناك صمود فلسطينى رغم كل الحصار السياسى والمالى ورغم ضراوة العدوان، وهناك تشبث بالحقوق والبقاء.


شيرين ودموية إسرائيل
فجر اغتيال إسرائيل للصحفية شيرين أبو عاقلة مؤخرًا موجة غضب عارمة فى معظم أنحاء العالم ضد بشاعة جرائم الاحتلال الإسرائيلي، ومثلت الشهيدة رمزًا جديدًا لصمود الشعب الفلسطينى.. هل نجح الجانب الفلطسينى فى الاستثمار السياسى والقانونى لتلك العملية؟
شاهد العالم كله وتابع فاجعة اغتيال شيرين أبو عاقلة، التى جرت بالمكان والزمان والكيفية، على مرأى من هذا العالم بكل بشاعتها (جريمة متكاملة الأركان) منذ طلقة الاحتلال القاتلة بمخيم جنين.

ومحاولاته تسويق رواية مخترعة يكذبها الواقع والحقيقة، للتحلل من المسئولية، وصولًا الى جريمة الاغتيال الثانية بالمستشفى الفرنسى بالقدس لجثمان الشهيدة.

وكان الإجماع على مهنية شيرين وتميزها، إنسانيتها، وموضوعيتها، وكان استفتاء لقيم النضال، لوطنيتها والتزامها كمدافعة عن الحق والحقيقة، عن قضية شعبها، تفضح جرائم الاحتلال، بكشفها عن الرواية الحقيقية.

وكانت باستشهادها توحد صفوف شعبها بكل فئاته وقواه وأديانه وطوائفه وأجياله، تقدم الهوية الوطنية الفلسطينية الجامعة، وتزكى روح الصمود والمقاومة، وتؤكد العمق العربى القومى لقضية شعبها، وتعزز أوسع تضامن عالمى مع هذه القضية العادلة، وتعيد طرح الموضوع الفلسطينى، ملتهبًا على جدول أعمال العالم.


ما أعمق الرسائل، وأبلغ المعانى، التى صاغها استشهاد شيرين، تلحق العار والهزيمة بقاتلها، وتفضح طبائعه ومخططاته، بل تضيف إلى موازين الحق والعدالة والإنجاز، لقضية شعبها، على طريق النصر والحرية، والاستقلال القريب.


لم تكن شيرين، شهيدة الإعلام الأولى، وهى تنضم لأكثر من ثمانين شهيدًا من فرسان الكلمة، تضاف إلى سجلات الخالدين، لأكثر من مائة ألف شهيد فلسطينى منذ النكبة، التى نعيش هذه الأيام ذكراها الرابعة والسبعين.

وفى مخيم جنين أحد عناوين النكبة والإصرار على العودة، استشهدت بجنين الأبية لتوارى ثرى القدس، مدينتها، عاصمة دولة فلسطين الأبدية، فكانت القدس تعيش مع جنازة شيرين يومًا من أيام عروبتها انتصارًا على التهويد.


لقد أكدت سلطة الاحتلال بهذه الجريمة طبيعتها الدموية العنصرية الاستعمارية، وكشفت مدى استهتارها بالروح الإنسانية وحجم مخزونها من الحقد والكراهية، كما أكدت استمرار حربها الممنهجة على الوجود والحقوق والمقدسات الفلسطينية،

ومحاولاتها البائسة لتصفية القضية، واغتيال الحق والحقيقة، شهودها ورواتها، لمحاولة تغييب الرواية الأصلية الحقيقية، لهذا الصراع الطويل.


دور مصر تاريخى
حدثنا عن الجهود المصرية ودور الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الدفاع عن القضية الفلسطينية وتبنى الحوار الفلسطينى؟
دور مصر تاريخى فى دعم القضية الفلسطينية، وبحكم إمكاناتها وقدراتها والعلاقة  بينها وبين فلسطين هناك تاريخ من التلاحم الكفاحى. ولم تكن فلسطين غائبة عن الاهتمام والتركيز والمصالح المصرية منذ عهد الفراعنة.

وهناك قناعات قومية مترسخة ومتجذرة فى الشعب المصرى والقوى المصرية والرئيس المصرى حول القضية الفلسطينية.


ورغم سوء المناخ وتعقد العلاقات الدولية والصراع العربى الإسرائيلى، تظل مصر توفر السند والدعم للشعب الفلسطينى، وتظل القضية الفلسطينية فى مقدمة أولويات واهتمامات مصر فى مسألة توفير الدعم والحماية للقضية.

حتى على مستوى النشاط السياسى، فالحراك المصرى الفلسطينى الأردنى المشترك وآلية التنسيق الثلاثية القائمة هى المظهر السياسى الأهم على الأقل فى المشهد العربى للتعاطى مع القضية الفلسطينية.


ويؤكد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كل المناسبات التزام مصر بالقضية الفلسطينية كأولوية، وهو التزام راسخ. وقوة الدور المصرى على المستوى الداخلى والإقليمى والدولى تعد قوة للموقف الفلسطينى.

اقرأ ايضا | فلسطين: طرح إسرائيل مشاريع استيطانية جديدة عشية زيارة بايدن يثير الشكوك

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة