نسرين موافي
نسرين موافي


‏فخ الكراهية في طُرق المحبة

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 29 مايو 2022 - 05:21 م

 

هو بحق "عالم فوق صفيح ساخن"..

جملة أكثر من معبرة،تصف بدقة حال عالمنا المعاصر … صراعات ، حروب و كوارث في كل بقعة تجعل عالمنا في حالة من الاستنفار الدائم  ، تنتشر فيه طاقات تعدت مرحلة السلبية و العدائية للعنصرية و التطرف في كل النواحي  و انتشرت لتملأ الكرة الأرضية قاطبة .
و في كل هذا تظن أنك بعيد .. ناجٍ بنفسك ، بعيد جغرافياً و نفسياً ، متقوقع بذاتك و تدور في روتين حياتك غير آبه بما يحدث حولك و هو كثير بالمناسبة  و فوق استطاعتك حتى على فهمه أو التماشي معه ، تظن أنك في مأمن من هذه الحالة إلا أن هذا وهم .. فالجميع مكون من مكونات هذا الكوكب يؤثر و يتأثر 
فحالة الغضب و ارتفاع معدل الادرينالين و العصبية و العنصرية المتأججة ، حالة -استطيع أن ادعي انها - تكاد تكون عالمية ، حالة من الخوف ظاهرًا كان أم مستترا تعم الأرض مما يحمله المستقبل للجميع اقتصادياً و سياسياً مما يؤثر علي الجميع اجتماعياً ، كلنا مستفزون نرقص علي صفيح ساخن .
كل يوم أخبار تعيدنا  لماضٍ سحيق .. طلق ناري هنا ، عنصرية هناك ، حروب كلاسيكية و عصابات ،منع و منح علي خلفية عرقية و كأن العالم قد دخل في نفق ردة حضارية طويل طالت كل اطراف الارض
في مجتمعاتنا لا يسعك الا ان تندهش و تنبهر بل و تدخل في صدمة من كم التناقض فيه .فهي بطبيعتها مجتمعات عاطفية جدا بل و متطرفة المشاعر و التوجهات …تقدس معتقداتها و تبجلها ، تتحدث بكل حماس عنها و عن حبها له بل و تقدس رجاله .. تنسج أجمل العبارات عن مدى سمو هذه المعتقدات و تتكلم عن الكثير من الحب الذي يملؤها ، لكنها لا تنتهج الا الكراهية … كراهية الآخر و استحالة احترام الاختلاف 
و كأن الدين وجِد ليؤجج نار الصدور لا ليطفئها ، يحلمون بالجنة و نعيمها و لا يتحلون بصفات أهلها (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ) يعملون في الدنيا بعمل أهل النار و ينتظرون الجنة لانهم متدينون بطبعهم.لا يلحظون أن الكراهية و الغل و الحقد و كل هذه المشاعر السلبية تؤثر علي صاحبها ، علي ملامحه علي تعاطيه مع حياته ، بل و علي رزقه أيضاً  .. نعم علي رزقه المكتوب في السماء ! لأنها ببساطة تنزع منه البركة ، الرضا ، تجعله ناقم حتي و ان كان رزقه وفير 
ناقم علي كل ما حوله لا يرضي الا عن القتل و الحرب و الغضاء فالنار لا تزكيها الا النار و المشاعر السلبية لا تكتفي من نارها 

بدون مقدمات بدأت تتعالي خطابات الكراهية في كل مكان ، و كأن طاقة من الحجيم فتحت علينا ، منابر لكل فئة تعيد القديم و تستحضر أرواح فتن ماتت و دُفنت تريد أن تبدأها من جديد .
حركة هنا و حركة هناك … فتن كلاسيكية بين المصريين علي خليفة اختلاف الدين و أخري فتن تضرب الحرية في مقتل 
فتن متلاحقة لا نكاد نؤد احداها حتي تولد اخري 
افراد عاديين غير مؤهلين حتي لتحمل مسئولياتهم ، يمنحون صكوك الرحمة و الغفران لمن يشبهوهم و إن اسرفوا ، و يلقون  اللعنات و الويل و الوعيد علي من يخالفونهم  و إن أصلحوا .
لا يطلبون الرحمة الا لمن يمثلهم و يعتقدون بركوبه معهم في نفس القارب … قارب الفئة الناجية 
يحددون من يُرحم و من لا و الأدهي انهم  يتكلمون بكل ثقة ، يعيشون حالة من المؤامرة الكبري فالكون كله يتآمر عليهم  و يريد تدميرهم

خطابات الكراهية تملأ محيطنا تطل علينا من منابر عدك ،  بل و نمارسها ضد بعضنا البعض ، حالة من عدم تقبل اي راي مخاف و لو بنسبة بسيطة ليتحول عدم التقبل الي معاداة و تحد ،  صراع يضيع معه كل ما هو جميل 
ضاع معني ان تنتهج نهج و تؤمن به و لا تحاول فرضه فاستحالت المناقشات لساحات قتال و تحولت الاحداث العالمية و المحليه لساحة صراع علي سلامة الراي و نفاذ البصيرة
ضاعت حلاوة العيش و رضاه في دوامة هذه الطاقات الساحبة للحياة و الأمل ، كل ذلك لأننا استبدلنا البغض ، الكره و الإقصاء  مكان الود و الحب و التراحم 
فضلنا الإقصاء علي الإدماج و التقبل ، ابعدنا مخالفينا و تناسينا ان بأيدينا نحن الحل … بداخلنا مفتاح الحياة قلي صافٍ متقبل …نسينا ان الضال قد يجد في سماحتنا ما يهديه لطريقه الذي ليس بالضرورة طريقنا المهم ان يكون طريق يملؤه التفاهم و التقبل و الحب
الا تستحق ان تريحوا  أرواحكم بالرضا و المودة و الحب ؟!

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة