« مثلث الحزن» - «قرار الرحيل» - الكورى الموهوب سونج كانج
« مثلث الحزن» - «قرار الرحيل» - الكورى الموهوب سونج كانج


عن اختيارات «كان» وجوائز دورته الـ ٧٥| السياسة واللغة وأشياء أخرى تحكم

هويدا حمدى

الثلاثاء، 31 مايو 2022 - 06:01 م

رغم أنها دورة مميزة لمهرجان كان السينمائى الدولى باعتبارها تحمل الرقم ٧٥، إلا أن الدورة «الماسية» للمهرجان العريق لم تحصل على أفضل أفلام العام كما هو متوقع، غابت أسماء كبيرة ربما لم ينجح المهرجان فى إقناعها بالمشاركة، أو أنها لم تنجز النسخة النهائية لأفلامها قبل موعد المهرجان بوقت كاف، أو ربما لأنها فضلت المشاركة فى مهرجان آخر، لا أحد يدرى السبب الحقيقى، لكن النتيجة النهائية كانت أن ما عرض فى كان لم يصل لطموحات وتوقعات كثيرين، وكانت النسبة الأكبر من العروض لأفلام فرنسية أو ناطقة بالفرنسية ومعظمها لا يستحق العرض، لكنه الانحياز غير المقبول فنيا.

لم يكن الانحياز فى هذه الدورة للسينما الفرنسية أو الفرانكفونية فقط، وإنما لوجهة النظر السياسية والرؤية الاجتماعية، فكان دعم المهرجان بلا حدود لأفلام بعينها ترصد الواقع من زاوية أو زوايا خاصة تتفق مع توجهات فرنسا وإدارة مهرجانها العريق..

المثير للدهشة، أن هذا الانحياز لم يقف عند اختيار الأفلام فقط، ولكن تغلب على لجان التحكيم التى راعت توجهات المهرجان ورغباته، فكانت الجوائز دليلاً صارخاً على هذا، فذهبت بعض الجوائز لمن لا يستحق!  اليوم السابق للختام، أعلنت جوائز مسابقة نظرة ما، فاز فيها فيلمان عربيان بجائزتين، ذهبت جائزة أفضل سيناريو لفيلم «حمى البحر المتوسط» للمخرجة الفلسطينية مها حاج وهو إنتاج فرنسى ألمانى قبرصى، والغريب أن السيناريو أضعف ما فى الفيلم المتواضع أصلا، ولم يعبر الفيلم عن المجتمع الفلسطينى بشكل واقعى وصادق، فقد اختارت شريحة تنعم برفاهية قد لا تكون متاحة لمعظم الشعب الفلسطينى، ولم يثر الفيلم تعاطفا كنا نتوقعه فى الفيلم ذى الرؤية المرتبكة.

الجائزة الثانية لفيلم عربى فى مسابقة نظرة ما كانت أفضل ممثل لآدم بيسا عن دوره فى فيلم «حرقة» للمخرج لطفى ناثان، ولعب بيسا دور شاب فقير بائع متجول للغاز، تثقله الهموم بحثا عن لقمة العيش بتونس، حتى تضيق به الحياة ويحرق نفسه فى الطريق ليذكرنا بمحمد بوعزيزى مفجر الثورة التونسية والربيع العربى، الحقيقة لم يكن الأداء التمثيلى هو الأفضل فى الفيلم المهم، ولا الأفضل فى المسابقة، لكن كان للجنة التحكيم رأى آخر ربما تعاطفا مع وجهة النظر السياسية للفيلم.

«الأسوأ» أفضل فيلم!

وانحازت لجنة تحكيم نظرة ما للفيلم الفرنسى «الأسوأ» - الأسوأ اسم الفيلم وليس تعبيرا عن مستواه الفنى وإن لم يكن الأفضل بالتأكيد -  فمنحته جائزة أفضل فيلم، والذى تدور أحداثه حول اختيار ممثلين من المراهقين لعمل فنى، وتمسكت لجنة التحكيم بتوجه خاص يحكمها، بغض النظر عن قيمة العمل، ولذلك منحت جائزتها الخاصة للفيلم الباكستانى «أرض الفرح» لصايم صادق والذى يعزف على التيمة المفضلة للغرب حاليا، كسر القوالب النمطية للنوع  ودعم المتحولين جنسيا، وأين ؟ فى باكستان! ويبدو أنه كان سبباً كافياً للجائزة الخاصة!.

السعفة الذهبية الثانية لأوستلوند

في جوائز المسابقة الرسمية لم يختلف الأمر كثيرا، رغم  البهجة التى سادت لفوز الفيلم الرائع  «مثلث الحزن» بالسعفة الذهبية لتصبح المرة الثانية التى يفوز فيها المخرج السويدى روبن اوستلوند بالجائزة الرفيعة بعد فيلمه الأكثر روعة «The Square» والذى نال السعفة الذهبية عام ٢٠١٧. الفيلم الكوميدى الساخر، تشريح رائع لطبقة الرأسماليين والأثرياء بشكل عام، وسلوكهم المتعالى واللاأخلاقى، بدأت أحداثه بمواجهة بين كارل ويايا، عارضى أزياء، تسود علاقتهما جدل طويل من يدفع فاتورة المطعم، تتوقع يايا المدللة أن يقوم بذلك كارل، لكنه لا يرى سببا لذلك، فالنساء فى هذه المهنة يتقاضين أضعاف نظرائهن من الرجال، ويبرز الحوار تفاهة الشريحة وقصورها الفكرى والنفسى، إلى أن تدعوه يايا لرحلة بحرية على متن سفينة فاخرة منحت لها كهدية مقابل ترقيتها فى العمل، تستعرض جسدها فى الصور المتكررة بشكل مبالغ فيه، إلا للتركيز على سلوك الشريحة التافهة، وفى المقابل يتسبب كارل فى طرد أحد العمال، لمجرد تصريح بسيط أنه لا يشعر بالأمان فى وجوده، يتم فصله وترحيله فورا!

ويبدأ المخرج فى رصد غرور وتعالى وسخافة هذه الطبقة، من خلال نماذج متعددة لنزلاء السفينة، وكلهم من الأثرياء وأصحاب النفوذ، وفى المقابل نرى العمال وطاقم السفينة فى القاع، غير مسموح لهم برفض الأوامر ولا رغبات النزلاء مهما كانت، ويبدو هنا معنى آخر لمثلث الحزن فهو ليس فقط منطقة التعبير عن الحزن التى تبرز تجاعيد الوجه، ولكن التسلسل الهرمى الذى يبدو واضحاً فى السفينة التى تمثل نموذجاً للعالم الذى نعيشه..

يضجر قبطان السفينة الاشتراكى الذى لا يمل من تكرار عبارات لماركس خاصة وهو يواجه تفاهة النزلاء الأثرياء، تتصاعد الأحداث ويزداد الحوار سخرية من الحالة العبثية التى يرصدها الفيلم على السفينة التى يهاجمها قراصنة، ولا ينجو إلا عدد قليل من النزلاء، يهبطون إلى شاطئ جزيرة، وتبدأ حياة جديدة بقوانين مختلفة تفرض نفسها على الجميع، تنقلب الآية، فتصبح عاملة النظافة هى القائد، تأمر فتطاع، وتمارس نفس الاستبداد على الناجين فى الجزيرة، وكأنها دورة حياة لا مفر منها.

تفوق السينما الآسيوية

وتسيطر السياسة على معظم الجوائز، فمنحت اللجنة جائزة أفضل سيناريو لفيلم « صبى من السماء « للمخرج السويدى من أصل مصرى طارق صالح، الذى يرصد صراعاً على منصب الإمام الأكبر للأزهر، وتبدو الجائزة للسيناريو الضعيف والمباشر، وكأنها دعم لفيلم أثار جدلاً كبيراً، وأصبح مرفوضًا فى بعض الدول..

وسارت الأمور بنفس المبدأ مع جائزة أفضل ممثلة للإيرانية زارا الإبراهيمى، المطرودة من بلدها بعد فضيحة شريط جنسى، فازت بالجائزة عن دورها فى «عنكبوت مقدس» لعلى العباسى، ولم تكن هى أفضل عناصر العمل، ولم تكن أفضل ممثلة فى المسابقة، لكن يبدو أن المهرجان فضل أن يدعم زارا فى مواجهة تعنت إيرانى..

وتبقى أجمل الجوائز بعيدا عن الحسابات، جائزة أفضل مخرج للكورى الموهوب بارك تشان ووك عن فيلمه الرائع «قرار الرحيل»، وجائزة أفضل ممثل للكورى الموهوب أيضا سونج كانج عن دوره فى فيلم «وسيط»..

وكان تفوق السينما الآسيوية لافتاً للإنتباه.

إقرأ أيضاً|مناصرات حقوق المرأة يطلقن الغاز الأسود على سجادة كان الحمراء

 

 

 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة