د. أسامة السعيد
د. أسامة السعيد


خارج النص

صحافة «لا تقربوا الصلاة»!!

د. أسامة السعيد

الثلاثاء، 31 مايو 2022 - 07:17 م

تعلمنا فى سنوات الدراسة ورحلة العمل أن العنوان الصحفى يجب أن يحمل معنى مكتملا ونقلا أمينا للمعلومة، أى لا يستخدم أسلوب «لا تقربوا الصلاة» من أجل صناعة إثارة زائفة، أو خداع القارئ بدلا من تنويره، وأعلم تماما أن بعض مدارس الصحافة المعروفة بـ»الصحافة الصفراء» تعتمد على العناوين المبتورة والمضللة كنوع من «البهارات» لجذب القارئ بأى ثمن، لكن هذا الأسلوب كان دائما أقل قيمة وأضعف أثرا، فالقارئ سرعان ما يكتشف الخدعة.
لكن عندما يتحول الخداع إلى حرفة، والإمعان فى التضليل إلى مهارة، والاستمرار فى الخطأ إلى منهج، فنحن لسنا أمام أسلوب أو وجهة نظر، بل أمام عملية نصب وتزييف تقودنا إلى كوارث لا تُحمد عقباها!!


وبينما تعانى الصحافة اليوم أزمات تهدد وجودها، إذا ببعض أبنائها، وبخاصة فى زمن التحول الرقمي، ينزعون عن الصحافة ورقة التوت الأخيرة، وهى المصداقية، فيذبحون قيم الدقة والموضوعية والصدق تحت أقدام «التريند» طمعا فى رضا «أباطرة» التواصل الاجتماعي!!


نعم، هذا الأسلوب ليس بجديد، لكنه يزداد انتشارا وخطرا، ويتسبب فى إشعال أزمات لرجال دين ومثقفين ومفكرين وشخصيات عامة، ويفتح عليهم حملات من الهجوم والسخرية والكراهية دون سبب إلا النقل المحرف لكلامهم، وانتزاع جملة من هنا أو كلمة من هناك، ثم إعادة تقديمها فى قالب مثير، فيندفع آلاف «السوشيالجية» للتعليق وإشعال الجدل، دون أن يكون بينهم رجل رشيد يتأنى أو يتحقق.


ولا أستطيع أن ألوم القارئ، إذا كان كاتب ومحرر المادة الصحفية نفسه لم يتحل بـ»الرشد» المهنى الكافى ليقدم مادة موثوقة وذات مصداقية، رغم أن ذلك هو صلب مهنته التى يتقاضى راتبه ليؤديها!!


إن هؤلاء الذين يعبدون «التريند»، و يقدسون «الترافيك»، ويلوون عنق الحقيقة بحثا عن إثارة دون النظر إلى العواقب، لا يختلفون كثيرا عن ذلك الإرهابى الذى حاول قتل العملاق الراحل نجيب محفوظ ذات يوم، لأنه اقتطع بعض العبارات والأفكار وأخرجها من سياقها الأدبي، ولا أستبعد تكرار المأساة، فما أكثر المُحرفين والموتورين فى أيامنا هذه!!


أقول بكل أسف وأسى .. بعض أبناء الصحافة أخطر على المهنة من أعدائها!!

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة