إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد


إبراهيم عبد المجيد يكتب: الإنسان والأديان

إبراهيم عبدالمجيد

الخميس، 02 يونيو 2022 - 07:54 م

موضوع الإنسان والأديان كُتِبَتْ فيه آلاف الكتب، كلها تناقش الأديان وما علمته للإنسان.

تختلف الدراسات فى ذلك ويختلف الباحثون فى كل الأديان بل وفى الدين الواحد. لكن هذا لا أقصده من هذا المقال. أريد أن أشير إلى حدث حقيقى واحد لا يأتى على ذكره أحد. وإذا جاء على ذكره يمر كأنه أمر عادى لا يضيف لقيمة الإنسان شيئا.

ما أقصده هنا هو من الذى كتب ودَوَّنَ الأديان. هل الذى دوّنها جاءه الوحى ليفعل ذلك؟ هل الذين دونوا الديانات كانوا أنبياء؟ بالعودة للتاريخ القديم نجد أن الأديان كانت حكايات عن الآلهة يتلوها الناس قبل التدوين كحكايات شعبية ممتعة لها كثير من المعانى.

المعنى الوحيد الذى تتفق عليه كل الديانات حتى لو تصارعت فيه الآلهة القديمة، هو أن هناك آخرة ويوما للحساب. فكرة يوم الحساب التى توصل إليها الإنسان القديم لإراحة النفس من أيّ ظلم يحيط به، أو من أيّ نجاة للخطائين فى الدنيا.

ليس معقولا أن تمر الحياة دون عدل، وإذ تأخر العدل فسيأتى يوم للحساب. ظلت الحكايات تُتَداول شفهيا حتى عرف الإنسان الكتابة فبدأ التدوين. جعل التدوين على المعابد القديمة التى أقامها للآلهة المتعددة التى صار يعبدها، والتى كانت عبادته لها شيئا طبيعيا باعتباره لا يزال فى مرحلة التفكير التشخيصى أو الطفولى، لم يترقَ إلى مرحلة التجريد ليجعل للدنيا والآخرة إلها واحدا.

لن أحكى عن اخناتون الذى هو أمنحتب الرابع حاكم مصر، الذى وجد كهنة المعابد يتكسبون من عملهم وصاروا مراكز قوة متفرقة وهو الحاكم الأوحد، فقال بعبادة الإله الواحد «أتون» وأغلق المعابد المتعددة الآلهة، حتى إذا مات عادوا إلى عباداتهم واعتبروا موته عودة للعدل فى الأرض، والحقيقة هى عودة لمكاسبهم. انتقلت فكرة التوحيد إلى الديانات السماوية. هذا حديث مهم لكن ليس هو ما أريد.

ما أريد هو القول إنه كان يمكن للإنسان أن يكتفى بالحكايات الشفاهية عن الآلهة ولا يدونها، لكنه يعرف أنها ستتغير مع الزمن وقد تنمحى. دَوَّنَ حكايات الآلهة ليقرر بقاء الدين وخلوده رغم اختلاف الأديان، فمن يدوِّن هنا غير من يدوِّن هناك، لكن الفكرة واحدة هى بقاء الأديان.

هكذا تجد الحضارات القديمة مثل المصرية والسومرية والبابلية وغيرها وقد دونت كل حكايات الآلهة. أما اليهود فدونوا أيضا التوراة بعد السبى البابلى حتى لا ينسوا أنهم أهل دين. المسيحية والإنجيل تم تدوينهما فى أكثر من صورة. أربعة أناجيل دُوِّنَت بعد المسيح. كانت اللغة قد صارت كتابة وليس على الجدران. على ورق البردى أوالحجر أوالجلد أوالورق فيما بعد.

جاء الإسلام ودَوّن المسلمون القرآن والأحاديث. والسؤال هو ماذا لو لم يُدَوِّن الإنسان هذا كله، وهل  دَوَّنَ الإنسان هذا كله لتكون مكافأته تصعيب الدين وإنذاره كل يوم بالجحيم، والتدخل فى كل شئون حياته التى لا تستحق الحديث؟ طيب ماذا لو لم يدون الإنسان الأديان. هل كانت ستبقى؟ لماذا لا يشكر له أحد هذا الفضل؟

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة