جلال عارف
جلال عارف


في الصميم

«بايدن».. إذا جاء للمنطقة

جلال عارف

الجمعة، 03 يونيو 2022 - 05:13 م

ليس واضحاً ما إذا كان الرئيس الأمريكى بايدن سيمضى فى زيارته المرتقبة للمنطقة هذا الشهر، والتى كان قد أعلن أنها ستشمل الكيان الصهيونى وأراضى السلطة الفلسطينية، مع احتمال لقاءات مع زعماء المنطقة العربية.. أم أن الأمر مازال محل مراجعة فى ضوء الاحتمالات المتزايدة لسقوط حكومة تل أبيب؟!


حتى الآن مازال الأمر قيد البحث، وإن كانت واشنطن قد أعلنت عن إرسال وفد عالى المستوى للتحضير للزيارة المحتملة فى ظل أوضاع تزداد تدهوراً فى كل يوم.. آلة القتل الإسرائيلية تواصل نشاطها والجرافات تواصل هدم بيوت الفلسطينيين، والشهداء يتساقطون، والمقدسات الإسلامية والمسيحية تتعرض للانتهاكات المستمرة، والاحتلال الصهيونى يمضى فى ارتكاب جرائمه وسط صمت دولى واستماتة من جانب الولايات المتحدة فى منع أى محاسبة دولية على جرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل حتى ولو كان الضحايا يحملون الجنسية الأمريكية مثلما رأينا مع الشهيدة شيرين أبوعاقلة!!

الرئيس الفلسطينى «أبومازن» كرر التأكيد على أن القيادة الفلسطينية بصدد اتخاذ «قرارات مصيرية» لمواجهة التصعيد الإسرائيلى و«القرارات المصيرية» سبق أن أقرتها قيادة منظمة التحرير وتركت توقيتها فى يد أبومازن، وهى فى مجملها تعنى شيئاً واحداً وهو استخراج شهادة الوفاة الرسمية لاتفاق أوسلو الذى تم قتله بالفعل منذ اليوم الأول على يد إسرائيل!.

التهديد الأخير من القيادة الفلسطينية كان صارماً فى التعبير عن الغضب الفلسطينى. ورد الفعل الأمريكى جاء سريعاً باتصال وزير الخارجية الأمريكية «بلينكن» وتأكيده لأبومازن على «إلتزام أمريكا بحل الدولتين ووقف التوسع الاستيطانى، والحفاظ على الوضع القائم فى الأقصى، وإعادة فتح القنصلية الأمريكية فى القدس العربية».

كلام جميل.. سمعه أبومازن من المسئولين الأمريكيين مئات المرات، لكنه يبقى على الدوام مجرد كلام ترجمته الحقيقية على الأرض هى الدعم الكامل لعدوان إسرائيل على الشعب الفلسطينى، والصمت المدان على جرائم الاحتلال الإسرائيلى، والسير وراء وهم إمكانية تصفية القضية الفلسطينية، وفرض التطبيع المجانى على العرب، والترويج للسلام الإسرائيلى الذى يسمونه الآن «السلام الإبراهيمي» فى محاولة لتجميل ما لا يمكن تجميله!!.

الرئيس «بايدن» ليس جاهلاً بمشاكل المنطقة كما كان سلفه «ترامب».. وهو يعرف جيداً أنه يواجه ميراثاً ثقيلاً من سياسات أمريكية فاشلة فى المنطقة. انحازت لإرهاب إسرائيل، والتزمت بالعداء لكل الطموحات العربية الحقيقية فى التحرر والاستقلال والتقدم. وبدأت مسلسل تدمير دول المنطقة بغزو العراق «الذى لم تعاقب عليه حتى الآن» ثم بالتحالف مع إرهاب رفع زوراً وبهتاناً رايات الإسلام الحنيف لإغراق المنطقة فى الفوضى التى كانت أمريكا تبشر بأنها ستكون «خلاقة».. وربما مازالت تعتقد ذلك رغم افتضاح هذه السياسات وهزيمتها الأساسية فى «مصر 30 يونيو».

ماذا سيقدم «بايدن» - إذا جاء - لإثبات أن أمريكا مع سلام عادل بالفعل وليس بالكلام؟.. هل سيقول لإسرائيل إن دعم أمريكا لها مرتبط بتطبيقها لقرارات الشرعية الدولية؟ هل سيلتقى مع «أبومازن» فى القدس العربية وهو يفتتح القنصلية الأمريكية هناك؟ هل سيعلن أن أمريكا مع توفير حماية دولية للفلسطينيين حتى نهاية الاحتلال، وأن عملية تفاوض جادة وحقيقية ستبدأ تحت رعاية أمريكية ودولية من أجل سلام يقوم على حل الدولتين الذى تقول أمريكا إنها مازالت تؤيده، والذى تكون فيه القدس العربية عاصمة للدولة الفلسطينية على حدود 67؟

للأسف الشديد.. لا شىء من ذلك وارد.. إذا جاء «بايدن» فهو قادم لدعم إسرائيل وطلباً لدعم اللوبى الصهيونى لحزبه فى الانتخابات النصفية فى نوفمبر القادم على الجانب الآخر.. يتم تبديد بعض الأوراق العربية بالتطبيع المجانى، لكن القوى العربية الأساسية تعرف كيف تواجه «بايدن» بالحقائق، وشعب فلسطين الصامد يعرف كيف يفرض كلمته.. وإسرائيل - من جانبها - تمضى فى طريق لا يقود إلا للمزيد من الإرهاب، وإلى حرب قادمة إذا لم تمنعها أمريكا، فستدفع أكبر الأثمان فيها لأنها ستكون إعلاناً نهائياً بأن الرصيد الأمريكى فى المنطقة قد نفد!!

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة