علاقة النبي محمد بأمه قبل رحيلها
علاقة النبي محمد بأمه قبل رحيلها


حكايات| بكى عليها طفل.. كيف كانت علاقة النبي محمد بأمه قبل رحيلها؟

هناء حمدي

السبت، 04 يونيو 2022 - 04:39 م

 
قد تكون أسمى العلاقات وأكثرها تعقيدا وغموضا فكيف لشخص أن يرتبط بآخر ويشعر به ويتضاعف حبه له دون أن يراه.. أمر يبدو من الخارج عجيبا ولعل هذا ما يرتبط بعلاقة النبي محمد صلى الله وعليه وسلم بأمه.

 إذا سألت أي أم عن هذا الشعور ستجدها تمتلك الإجابة فهي الكائن الوحيد الذي يكون مشاعر وأحلام مع طفلها قبل أن تراه عينيها فتجدها تشعر بما يريده ويزداد حبها له حتى قبل أن يقوم بأولى حركاته داخلها.. فكيف كان ذلك مع النبي محمد؟

كنتيجة طبيعية لهذا الحب تجد الابن الذي يتعرف على أمه منذ لحظة ولادته فهو يعرفها سمع صوتها وتعرف على قلبها واختبر صبرها وشعر بحبها قبل أن تتفتح عيناه على الدنيا ليكون هو الابن الصالح الذي يدعو لها بعد وفاتها لتستمر العلاقة بينهما حتى بعد الوفاة فتفرح بزيارته لقبرها وتسعد بتذكره لها والدعاء إليها.

لقد صار سيد الخلق سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم- على خط مستقيم يراعي قدسية العلاقة وقيمة الأم وتعلمنا كيف يكون الوفاء لها والطاعة إليها فعلى الرغم من أن سيدنا محمد لم ير أمه آمنة بنت وهب إلا في سنواته الـ 6 الأولى إلا أنه ضرب أعظم الأمثلة عن كيف تكون العلاقة بين الأم وابنها.

فعلى الرغم من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لم يجتمع بأمه طويلا إلا إنك يمكن أن ترسم في ذهنك كيف كانت العلاقة بينهما بعد أن تسمع كلام النبي - صلى الله عليه وسلم- عن الأم فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: "جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-  قال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن الصحبة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك ثم الأقرب فالأقرب"  (صحيح مسلم).

وعن المقدام بن معد يكرب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "إن الله يوصيكم بأمهاتكم إن الله يوصيكم بأمهاتكم إن الله يوصيكم بأمهاتكم إن الله يوصيكم بآبائكم إن الله يوصيكم بالأقرب فالأقرب" .. هكذا تعلمنا من صاحب الخلق الكريم قيمة الأم التي لا يضاهيها في مكانتها شىء ومنه يمكن أن تتخيل علاقة رسول الله بأمه آمنة.

وكأي أم يدخل الفرح والسرور على قلبها بمجرد علمها أنها تحمل قطعة منها بداخلها فرحت آمنة بنت وهب بحملها لطفلها الذي اعتبرته عوض من الله على وفاة زوجها وحبيبها عبدالله بعد فترة قصيرة من زواجهما وتمر الأيام حتى جاء عام الفيل وأنارت الدنيا فرحا وسرورا بقدوم سيد الخلق سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وكما هو المعتاد استقبلته حليمة السعدية لترضعه ثم أعادته إلى حضن أمه لترى آمنة بنت وهب طفلها المبارك فتبكي عينيها فرحا لرؤيتها له.

فهو من كانت تتحدث معه وتغدق عليه بحنانها دون أن تراه ليزداد هذا الحب مع رؤيته فمن أسعد منها الان ولكن في العام الـ 6 لرسول الله قررت آمنه أن تأخذه في زيارة إلى قبر أبيه وإلى أخوال أبيه بني عدي بن النجار بعد أن استأذنت من جده عبدالمطلب الذي كان لا يطيق فراق حفيده وبعد أن انتهت الزيارة وفي طريق العودة من يثرب - المدينة- إلى مكة أحست آمنة أن التعب اشتد عليها.

توقفت السيدة آمنة عن السير ويبدو عليها ملامح الوداع وبنظرات المودع بكى محمد - صلى الله عليه وسلم- وهو يرى أمه تموت أمام عينيه لتكون لحظة حفرت لنفسها مكانا في القلب وودع سيدنا محمد أمه بقلبا حزين ونفسا راضية وعيون تملأها الدموع لتدفن آمنة بنت وهب في مكان موتها بـ "الأبواء" بين مكة والمدينة ويعود سيدنا محمد مع أم أيمن خادمة جده عبدالمطلب إلى مكة يتيم الأب والأم.

ورغم هذا الوداع وصغر السن إلا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-  لم ينس أمه يوما فكلما مر بـ "الأبواء" حتى وإن كان في وقت استعداده لغزوة أصر على زيارتها والجلوس على قبرها ومناجاتها والبكاء على فراقها.

 وعن ابن بريدة عن أبيه قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فنزل بنا ونحن معه قريب من ألف راكب فصلى ركعتين ثم أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان فقام إليه عمر بن الخطاب ففداه بالأب والأم يقول: يا رسول الله ما لك؟

 فقال النبي: إني سألت ربي عز وجل في الاستغفار لأمي فلم يأذن لي فدمعت عيناي رحمة لها من النار وإني كنت نهيتكم عن ثلاث: زيارة القبور فزوروها لتذكيركم زيارتها خيرا ونهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاث فكلوا وأمسكوا ما شئتم ونهيتكم عن الأشربة في الأوعية فاشربوا في أي وعاء شئتم ولا تشربوا مسكرا".

وعن سليمان ابن بريدة عن أبيه قال: "انتهى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى رسم قبر فجلس وجلس الناس حوله فجعل يحرك رأسه كالمخاطب ثم بكى فقيل: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: هذا قبر آمنة بنت وهب استأذنت ربي في أن أزور قبرها فأذن لي واستأذنته في الاستغفار لها فأبى علي فأدركتني رقتها فبكيت فما رأيته ساعة أكثر باكيا من تلك الساعة".

هكذا ودع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أمه وهكذا تذكرها وهكذا بكى على فراقها ورقتها معه لتكون الـ 6 سنوات كافية لأن يضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- خير مثال عن قيمة الأم ليعلمنا أن طلب الجنة مرهون برضاها.

 وعن معاوية بن جاهمة السلمي قال: "جاء جاهمة - رضي الله عنه - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو وجئتك أستشيرك فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : هل لك من أم؟ فقال: نعم قال: فارجع إليها فالزمها فإن الجنة تحت رجليها".

اقرا أيضا

فريق طبي ينجح في زراعة أول أذن بشرية ثلاثية الأبعاد

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة