محمد بركات
محمد بركات


بدون تردد

الخامس‭ ‬من‭ ‬يونيو

محمد بركات

السبت، 04 يونيو 2022 - 07:27 م

فى‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬منذ‭ ‬خمسة‭ ‬وخمسين‭ ‬عاما‭ ‬أى‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬كنت‭ ‬طالبا‭ ‬فى‭ ‬كلية‭ ‬العلوم،‭ ‬وكانت‭ ‬مصر‭ ‬كلها‭ ‬والشباب‭ ‬بالذات‭ ‬من‭ ‬أبنائها،‭ ‬يعيشون‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التوهج‭ ‬الوطنى‭ ‬المتدفق،‭ ‬يتابعون‭ ‬فيها‭ ‬أنباء‭ ‬الصدام‭ ‬المرتقب‭ ‬بيننا‭ ‬وبين‭ ‬دولة‭ ‬الصهاينة‭ ‬التى‭ ‬احتلت‭ ‬فلسطين‭ ‬وطردت‭ ‬شعبها‭ ‬من‭ ‬أرضه‭ ‬وحولت‭ ‬الكثير‭ ‬منه‭ ‬الى‭ ‬لاجئين‭.‬


وكنا‭ ‬جميعا‭ ‬ننتظر‭ ‬ونتوقع‭ ‬بحماس‭ ‬شديد‭ ‬دخول‭ ‬قواتنا‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة‭ ‬وطرد‭ ‬المحتلين‭ ‬الغاصبين‭ ‬منها،‭ ‬وفقا‭ ‬لما‭ ‬كنا‭ ‬نسمعه‭ ‬ونعايشه‭ ‬من‭ ‬معلومات‭ ‬غير‭ ‬دقيقة‭ ‬بل‭ ‬وغير‭ ‬صحيحة‭ ‬عن‭ ‬ميزان‭ ‬القوى‭ ‬بيننا‭ ‬وبينهم‭ ‬واستعدادنا‭ ‬الكامل‭ ‬لهذه‭ ‬المهمة‭ ‬المقدسة‭.‬
ولكن‭ ‬للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬لم‭ ‬تستمر‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬من‭ ‬التوهج‭ ‬والحماس‭ ‬طويلا،‭ ‬فقد‭ ‬جاءنا‭ ‬المساء‭ ‬بما‭ ‬لايسر‭ ‬على‭ ‬الاطلاق،‭ ‬على‭ ‬أثر‭ ‬تواتر‭ ‬بعض‭ ‬الأنباء‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬الاذاعات‭ ‬الأجنبية‭ ‬تشير‭ ‬الى‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬كنا‭ ‬نتصور‭ ‬وخلاف‭ ‬ما‭ ‬كنا‭ ‬نأمل‭ ‬ونتمنى‭ ‬على‭ ‬الاطلاق‭.‬
‭ ‬كانت‭ ‬الاخبار‭ ‬المشئومة‭ ‬تقول‭ ‬وتؤكد‭ ‬أن‭ ‬قوات‭ ‬الصهاينة‭ ‬قد‭ ‬تجاوزت‭ ‬منطقة‭ ‬العريش‭ ‬فى‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬قناة‭ ‬السويس،‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬تدمير‭ ‬السلاح‭ ‬الجوى‭ ‬المصرى‭ ‬وصدور‭ ‬قرار‭ ‬بانسحاب‭ ‬قواتنا‭ ‬من‭ ‬سيناء‭.‬
ورغم‭ ‬الصدمة‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الذهول‭ ‬وعدم‭ ‬التصديق‭ ‬التى‭ ‬انتابتنا،‭ ‬نحن‭ ‬الشباب‭ ‬بل‭ ‬وأيضا‭ ‬كل‭ ‬المصريين،‭ ‬إلا‭ ‬إننا‭ ‬اضطررنا‭ ‬لابتلاع‭ ‬الحقيقة‭ ‬المرة،‭ ‬التى‭ ‬تؤكد‭ ‬الواقع‭ ‬الأكثر‭ ‬مرارة‭ ‬من‭ ‬العلقم‭ ‬الذى‭ ‬يقول‭ ‬بأننا‭ ‬تعرضنا‭ ‬لهزيمة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬متوقعة‭ ‬وأننا‭ ‬أصبحنا‭ ‬فى‭ ‬محنة‭ ‬الاحتلال‭ ‬نعانى‭ ‬الانكسار‭ ‬والمهانة‭.‬


ولكن‭ ‬مصر‭ ‬التاريخ‭ ‬والحضارة‭ ‬لم‭ ‬تستسلم‭.. ‬وعلى‭ ‬قدر‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬المهانة‭ ‬ثقيلة‭ ‬والانكسار‭ ‬كبيرا،‭ ‬والمرارة‭ ‬شديدة،‭...‬،‭ ‬كان‭ ‬الإصرار‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬المحنة‭ ‬هائلا‭ ‬وكان‭ ‬التصميم على‭ ‬هزيمة‭ ‬الهزيمة‭ ‬واستعادة‭ ‬الكرامة‭ ‬وتحرير‭ ‬الأرض‭ ‬بلا‭ ‬حدود‭.‬


فلم‭ ‬تمض‭ ‬غير‭ ‬ست‭ ‬سنوات‭ ‬كى‭ ‬تنهض‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬رجل‭ ‬واحد،‭ ‬وتنطلق‭ ‬قواتها‭ ‬المسلحة‭ ‬لعبور‭ ‬القناة‭ ‬وتدمير‭ ‬حصون‭ ‬العدو‭ ‬فى‭ ‬خط‭ ‬بارليف،‭ ‬وتهزم‭ ‬الجيش‭ ‬الذى‭ ‬قالوا‭ ‬عنه‭ ‬إنه‭ ‬لايقهر،‭..‬،‭ ‬وتحقق‭ ‬النصر‭ ‬وتحرر‭ ‬الأرض‭ ‬وتستعيد‭ ‬الكرامة‭.‬

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة