دراما « المستريح »
دراما « المستريح »


دراما « المستريح ».. أعمال ترفع شعار « حتى لا يطير الدخان »!

أخبار النجوم

الأحد، 05 يونيو 2022 - 04:16 م

كتبت: ريزان العرباوي

تتصدى الدراما والسينما لمهمة وضع قضايا معينة تحت مجهر المشاهدة، في محاولة منها لعلاج بعض أوجه القصور التي تهدد البناء المجتمعي, وخضعت الجرائم الاقتصادية وما يندرج تحت هذا المسمى من جرائم مختلفة، مثل توظيف الأموال والنصب والاحتيال لبيع وهم الثراء السريع, وكشف كواليس الفساد من محاولات لاضفاء صفة المشروعية على الأموال المشبوهة التي جمعت بطرق غير شرعية أو ما يعرف بغسيل الأموال, وانتشر في الفترة الأخيرة مصطلح “المستريح” مع تكرار جرائم النصب تحت مسمى توظيف الأموال، وكان آخرها قضية مصطفى البنك الذي عرف بـ”مستريح أسوان”, مما أعاد إلى الأذهان قضية الريان والسعد وغيرهما.. في هذا التحقيق نبحث في أرشيف الدراما عن الأعمال التي عالجت تلك الظاهرة والوقوف عند دور الفن في لفت الأنظار لتلك الجرائم الاقتصادية وفتح نوافذ الوعي، حتى يطير الدخان الفاسد.

 

سلطت الدراما المصرية الضوء على قضايا توظيف الأموال  أوتبيضها, لتغذي فضول المشاهد في تتبع مختلف تفاصيل وكواليس قضايا الفساد, وجاءت في مضمون العمل أو ضمن سياقه, وكان آخر تلك الأعمال مسلسل “ملف سري” بطولة هاني سلامة, الذي دارت أحداثة حول قضايا الفساد ومنها غسيل الأموال، والمسلسل تأليف محمود حجاج وإخراج حسن البلاسي, وشارك في البطولة ماجد المصري والتونسية عائشة بن أحمد ونضال الشافعي.

تم تناول القضية بشكل كوميدي ضمن أحداث مسلسل “الكبير 6” في جزئه السادس، حيث جسد الشخصية حمدي المرغني - الذي ظهر كضيف شرف في إحدى الحلقات - بشخصية “الدكتور مدكور”، ويحاول النصب على أهالى قرية المزاريطة والاستيلاء على ممتلكاتهم مقابل وهم الثراء السريع, المسلسل من بطولة أحمد مكى, رحمة أحمد ومحمد سلام ومن إخراج أحمد الجندى وتأليف عز الدين ومصطفى صقر.

 

 

ناقش مسلسل “الريان” أشهر قضايا شركات توظيف الأموال والتي أثارت جدلا واسعا خلال فترة الثمانينات, وهي شركة “الريان” التي تورطت في عمليات نصب ضخمة, وحكم على صاحبها رجل الأعمال أحمد الريان في النهاية بالسجن, العمل من بطولة الراحل خالد صالح وصلاح عبد الله وباسم سمرة, معالجة درامية وسيناريو حازم الحديدي وإخراج شيرين عادل.. ويحكي مسلسل “الخروج من المأزق” قصة رجل يدعى “السيد يوسف” أحد أصحاب شركات توظيف الأموال التي انتشرت خلال فترة الثمانينات في مصر، وتسببت في العديد من المشاكل للإقتصاد القومي, بجانب النصب وسرقة أموال المواطنين, المسلسل من بطولة يحيى الفخرانى, أحمد توفيق, رانيا فريد شوقي، وتأليف نبيل علام وإخراج صفوت القشيري.

 

 

كما ظهر ضمن أحداث مسلسل “العنكبوت” شخصية “النوري” الذي يسرق أهالي القرية لحساب صحفي يدعى “عبده الدسوقي”، من خلال شركة لتوظيف الأموال, والمسلسل بطولة أحمد عبد العزيز ونرمين الفقي وياسر جلال وسلوى خطاب, وتأليف عمرو عبد السميع, وإخراج إبراهيم الشوادي، وفي السينما قدم أحمد مظهر من خلال فيلم “العتبة الخضراء” دور محتال يوهم أحد رجال الصعيد أن بإمكانه أن يبيع له ميدان العتبة, فيصدقه ويضع كل أمواله في سبيل شراء الميدان, شارك في بطولة الفيلم صباح وإسماعيل ياسين، وهو من تأليف جليل البنداري, وإخراج فطين عبد الوهاب.

 

قدم عادل إمام أيضا معالجة للقضية من خلال فيلم “كراكون في الشارع” الذي تناول قصة أسرة تضطر للعيش في مساكن الإيواء بعد إنهيار منزلها, لتنخدع من قبل مقاول يبيع لهم الوهم بتوفير منزل جديد, شارك في البطولة يسرا، ومن تأليف أحمد الخطيب, وإخراج أحمد يحيى, وتدور أحداث فيلم “أبو خطوة” حول النصب تحت ستار شركات توظيف الأموال، من خلال شخصية “أبو خطوة”، مدرس تربية رياضية, الذي يضع أمواله في إحدى الشركات الاستثمارية، لكنه يكتشف أن الشركة ليست سوى وهم, والفيلم بطولة الشحات مبروك وحسين الشربيني وطلعت زكريا.

 

فجوة اقتصادية

عن أهمية التناول الدرامي لجرائم النصب والاحتيال, يقول السيناريست محمد الحناوي: “من مهام الدراما لفت الأنظار حول مختلف القضايا والجرائم، وأن تكون بمثابة جرس إنذار لخطورتها وتداعياتها الإجتماعية والنفسية والاقتصادية, وجرائم توظيف الأموال من أخطر أنواع النصب التي تستهدف أحلام وطموح البسطاء في الارتقاء بمستواهم المعيشي, فضلا عن خلق فجوة اقتصادية وإجتماعية بين أفراد المجتمع, وزيادة معدلات الفقر, فالدراما تعتبر حلقة من حلقات منافذ بث الوعي الجماهيري, وهناك بعض الأعمال التي تمكنت من خلق دراما وعالم مكتمل التفاصيل بشخصيات المحتالين, جعلت المشاهد يستوعب خبايا تلك العوالم وألاعيبهم, وذلك هو سحر الفن الذي يشكل الوجدان ويحاكي الواقع, بل وقد يغيره إذا استدعت الضرورة الدرامية والروح الإبداعية, والانتصار دائما للخيال والحنكة في تقديم العالم الموازي الذي يسعد المتفرج سواء هذا العالم يضج بالمحتالين أو غيرهم, فيكون التوظيف في محله إذا كانت الدراما جيدة تطرح الموضوع بشكل متقن, فمثلا عند معالجة قضية الثأر دراميا تم تقديمها من خلال مسلسل جماهيري حقيقي تمكن من تحقيق الصدى المطلوب، مثل مسلسل (ذئاب الجبل), إنما الدراما الفقاعية التي تهتم بتقديم الترفيه فقط بحجة أنها الوظيفة الأولى والأساسية للسينما والتليفزيون، فهو منطق غير صحيح هدفه خلق فن هزلي ليطمس وظيفة أساسية من وظائف الفن وقدرته على تحريك الوعي تجاه القضايا المختلفة”.

 

وعن أسباب تكرار وانتشار الظاهرة بالرغم من تنوع التناول الدرامي يعلق قائلا: “لأن المشاكل الاقتصادية التي يعيشها الناس أكثر تعقيدا من الدراما، بالإضافة إلى قلة الوعي والحيلة وتراجع فرص العمل ساعدت على تغيير منظومة القيم, فنحن بحاجة إلى ثورة لتصحيح المفاهيم أولا، بعيدا عن الأعمال التي تروج لمفاهيم الثراء السريع وتغذية ثقافة الوهم, كما أن اتجاه معظم صناع الدراما أصبح منصب على أنماط بعينها”.

 

ويضيف: “إذا كان هناك معادلة متوازنة لدى المؤلف وبشطارة المخرج  لمزج المتعة الدرامية بموضوعات شائكة بعيدا عن الاستسهال ونمطية التقديم سواء في تناول الجرائم الاقتصادية أو عالم رجال الأعمال وما يرتبط به من جرائم غسيل الأموال من الباطن, لكن للآسف أصبحنا نفتقد الإتقان والرؤية الفنية القادرة على إحداث الحراك المطلوب، إلا فيما ندر, إضافة إلى ذلك نحن نعاني من مشكلة الكوادر التي تعمل في الدراما، فهي بحاجة إلى دعم وفرص”.

 

حدود و أبعاد

أكدت الناقدة حنان شومان على ضرروة التعامل مع الفن على أنه وسيلة للترفيه في المقام الأول، دون تحميله أي وظائف توعوية, وتقول: “لا يجب أن نضع الدراما والسينما في صياغة، وكأنها أساس التعليم، مهمتها الرئيسية إلقاء الضوء على الجرائم والمشاكل الحقيقة, فمهمة الفن الأولى هي الترفيه وله مستويات ودرجات, فليس معنى الترفيه أن نقدم فن مبتذل، لكن المطلوب هو تحقيق التوازن الفعلي بين الترفيه والمضمون، فقد تقدم أعمال لها رسائل ومضمون، لكنها تفتقد الإمتاع, ومشكلة الدراما في طرح مثل هذه القضايا أن معظمها يجنح إلى النمطية الشديدة، خاصة وإن كانت جرائم اقتصادية ترتبط برجال الأعمال, وتكرار الصورة النمطية رسخ لدى العوام صورة سلبية لرجال الأعمال, فدور السينما والدراما هو عرض هذه النماذج على الجمهور، لكنها لا تقضي عليها, لأن الفن انعكاس لما يحدث في المجتمع وليس دوره منع الجريمة, قد ينجح في تحريك الوعي ولفت الانتباه إلى الفساد بألوانه المختلفة، لكن ليس بالضرورة أن يقدم حلول أو أن يصلح الكون, وتسخير الدراما لخدمة المجتمع ضمن حـدود وأبعـاد المسـئولية الإجتماعيـة للـفن، لا يتم بالتركيز الشديد على العناصر التي تحمل القيم والسلوكيات السلبية”.

 

وأشارت شومان إلى أن الدراما مازالت تستلهم من أحداث حقيقية شخصيات نصابين محترفين يستخدمون أحدث الطرق, ومنها الدينية والعاطفية والنفسية, وكلها في النهاية تلعب على نقاط ضعف, أبرزها الطمع والرغبة في التمرد على الواقع, وفي السينما العالمية أيضا الأمور تسير وفق هذا الإطار بشكل أكثر حرفية ومهارة بحكم تقدم التقنيات والتكنولوجيا واختلاف المكان والشخصيات وأطر التفكير والتنفيذ وطالما تتوافر عناصر الإتقان والمنطق في الفكرة والحبكة والتنفيذ مع عوامل الإثارة القصصية ومحاكاتها لقضايا واقعية ينجح العمل ويتوحد المشاهد مع النصاب.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة