الأحد، 05 يونيو 2022 - 07:24 م

اشتعلت الحرب الأوكرانية و معها ضجت وسائل الإعلام بالحديث عن عقوبات اقتصادية و سياسية فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية و حلفاؤها الغربيون ضد روسيا باعتبارها الطرف الذى شن الحرب على أوكرانيا البلد الأقرب للمعسكر الغربى رغم كونها خارج أطر العضوية الرسمية لكل من الاتحاد الأوروبى و حلف الناتو .

العقوبات التى أعلن عنها ربما تكون الأقسى فى تاريخ العقوبات التى تفرضها الولايات المتحدة وأتباعها الغربيون على دول و أنظمة حول العالم هذا إذا ما استثنينا الحالات السورية و الإيرانية والكوبية وهى البلاد الثلاث التى تخضع لعقوبات خارج حدود المنطق و القانون الدولى و حتى الأعراف الإنسانية و لكن الاختلاف الجوهرى بينها و بين العقوبات المفروضة فى هذه الحالات هو فى القدرة الروسية على المواجهة و تحمل العقوبات و مقارعتها بعقوبات مماثلة ، و الأخطر أنه ليس بالضرورة أن تكون قوى الغرب التى فرضت العقوبات على روسيا هى من ستدفع ثمن حالة العداء القائمة بين المعسكرين .

و صحيح أنه فى حالة الغاز و النفط تتحمل أوروبا الغربية الضغوطات الروسية و التى تصل حد منع صادراتها من المحروقات إلى دول الاتحاد الخاضعة للإرادة الأمريكية ، إلا أنه فى حالات أخرى و مؤسف أنها أشد تأثيراً تتحمل دول ما لها من ناقة و لا جمل بالصراع و العقوبات نتائج تقليص روسيا صادراتها من القمح غير انقطاع صادرات أوكرانيا الدولية من المحصول الاستراتيجى ذاته والذى يمثل الانتاج الروسى و الأوكرانى ثلث الانتاج العالمى منه .

الدول البائسة والفقيرة من بلاد العالم الثالث التى تعتمد فى غذائها على استيراد الحبوب هى إذن من تدفع ثمن العقوبات و تدفعه غالياً جداً من قوت شعوبها ، إذ هى لا تقدر على استبدال القمح الشرقى بأقماح أمريكية أغلى و أعلى كلفة ، سيما و أن الولايات المتحدة تفضل التخلص من القمح بإلقائه فى البحر عن أن تخفض قيمة تداوله عالمياً.
و أخيراً يدعو العبث بورقة العقوبات دون سقوف قانونية و أخلاقية إلى بحث المضارين من الأطراف المباشرة وغيرها عن بدائل للمواجهة ، وربما على الدول المضارة من غير أطراف الصراعات الدولية الإقليمية ، اسقاط النظر إلى هذه العقوبات كلها من كوريا الشمالية مروراً بسوريا و حتى روسيا ، فبهذا فقط تتفادى الوقوع ضحية فى صراعات لاشأن لها بها .