طاهر قابيل
طاهر قابيل


يوميات الأخبار

أنت تستطيع.. وتجربتي مع التدخين

طاهر قابيل

الإثنين، 06 يونيو 2022 - 05:31 م

 

« لقد أثر بى  الشيخ «الشعراوى» عندما قال إن التدخين حرام شرعاً، لان جسدك ملك الله، وأنت مؤتمن عليه، وحذرمن إهماله والابتلاء بإحضار الأمراض إليه عامداً»

بدأت «التدخين» منذ اجازة الصف الاول الاعدادى.. عندما كان والدى-رحمة الله عليه-يعلمنى عمليا ميزة التعليم وصعوبة الحصول على الرزق وبذل العرق بدون الاهتمام بالتعليم، وأن الفاشل فى الدراسة مصيره العمل الشاق.. كنت وقتها أنعم ببراءة الطفولة والدلع وعلى أبواب الشباب، وجذبنى «التقليد الأعمى» والرغبة فى الإحساس الوهمى بأنى «كبير» فى السن وتخطيت الطفولة..

وأصبحت رجلاً!.. كان «الكبار» من حولى يمسكون دائماً «السيجارة» وأحياناً نادراً «السيجار».. والمشاهد التى أراها فى «التليفزيون» والأفلام ولقطات وصور نجوم السينما المحلية والعالمية فى الصحف تحاصرنى وتطاردنى وهم يدخنون بصورة ممتعة تدفعنى لذلك.. بالاضافة لمشاهدتى جارنا «عم فتحى» الكهربائى، وهو يدخن رغم ان والدى وأخى الأكبر- رحمة الله عليهما-لا يدخنان ويكرهان رائحة الدخان .. المهم اشتريت سيجارتين من نوع «الكيلوبترا» ..واشعلتهما واحدة تلو الاخرى ولم استطع استكمالهما وأخذت «اكح» فأعلنت رفضى لهما .. ومرت الايام والاسابيع والسنوات وانا بعيد عنها وامارس الالعاب الرياضية المختلفة من «كاراتيه ومصارعة رومانى وكرة القدم والسباحة» .. واتذكرعندما كنت تلميذا فى الصف الثانى الاعدادى أن جاء لزيارة المدرسة «الكابتن محسن صالح» وكان زميلا وصديقا للاستاذ «عزت» مدرس «التربية الرياضية».. فقد كانت المدارس الحكومية بها ملعب ودورى بين الفصول ومعامل ومزرعة وانشطة وتدريب على الهوايات وغرفة للتربية الموسيقية نستعير منها الآلات.. وشاهدنى الكابتن «محسن صالح» واختارنى لألعب بالنادى الاهلى بعد مشاهدتى.. وطلب ان احضر والدى لانه يرى فىَّ لاعبا ماهرا وحارس مرمى له مستقبل.. ولكن والدى رفض ان تأخذنى «كرة القدم» من الدراسة..

وقال انه يوافق اذا كان التدريب بالصيف فى الاجازة المدرسية.. ولكى يسعدنى والدى استخرج اشتراكا للتدريب على السباحة فى «نادى الشرطة» بجور قصر «عابدين».. ولكنى استمررت متعلقا بكرة القدم وامارسها بعيدا عن عيون والدى والذى قبض علىَّ اكثر من مرة وانا استعد للعبها.. فاضطررت للعب بعيدا عن البيت.. واحيانا كنت اقول اننى اذاكر عند صديق او استلف منه كتاب او كشكول.. وفى الحقيقة كنت ألعب «كرة القدم» وتدارى على امى-رحمة الله عليها- والتى كانت تعرف ذلك من ملابسى المتسخة.

مرت المرحلة الإعدادية.. وانتقلت إلى الثانوية.. وكان لى اصدقاء يدخنون منهم «اشرف فتحى» والذى اصبح ضابطا من خريجى الكلية الفنية العسكرية، و»اشرف دخانه» الذى التحق بكلية التجارة.. وهشام ضابط الشرطة وغيرهم.. وكنا فى خلسة نشترى «سجائر فرط» ونذهب الى بيت «دخانه» ونصعد الى حجرة فوق السطح خصصها له اهله ليذاكر بها.. ويلتقى بزملائه وكنا نتجمع بها بدعوى المذاكرة ونقضى وقتنا فى شرب الشاى والحكاوى والتدخين ولا تأخذ المذاكرة منا وقتا إلا قليلا.. وعند عودتى اطهر نفسى من رائحة الدخان.. واذا تم قفشى ابحث عن اى مبررات.. وخصوصا اننا نضع قطعا من اللبان بأفواهنا لتمحو جريمتنا .. مرت الايام واعتقدت فى المرحلة الجامعية اننى نضجت واستمررت فى عادة التدخين السيئة بصورة خفيفة وخصوصا بعدما حصلت على شبه مرتب وزادت قدرتى على شراء «علب» واحيانا كنت اجلس على مقاه قريبة واحاول واقرانى تقليد «الكبار» وتدخين الشيشة واتذكر صديقا بالجامعة صمم ان يدخن شيشة غليظة «المبسم» رغم صعوبتها لانه رأى اخواله من كبار التجار وهم يفعلون ذلك، فقد كان التقليد الاعمى والتمرد، وعدم سماع النصائح والتوجيهات والتعصب للرغبة والرأى الشخصى هو ما يحكمنا فى شبابنا.

الذل فى سيجارة
مع بداية التحاقى بمهنة الصحافة بدأت رغبتى تزداد فى التدخين رغم ما كنت اسمعه من «الكاتب الصحفى الكبير» واستاذى مصطفى «بيه» امين عن انه كان يدخن 120 سيجارة يومياً.. وانه توقف عندما وجد ان السيجارة ستكون البيضة والجزرة له والوسيلة للتحكم فيه. وهو فى السجن بتهمة ملفقة ايام الرئيس «جمال عبد الناصر».. ومن يومها لم ولن يدخن ولا يسمح لاحد بالتدخين فى مكتبه.. وكنت انا وزميلى من المدخنين نستغل فرصتنا فى الذهاب لصلاة الجمعة حتى ندخن سيجارة سريعة قبل استكمال الاجتماع الاسبوعى بعد انتهائنا من الصلاة .

استمرت رحلتى مع التدخين لتوافر الشركاء من الاصدقاء والزملاء واتاحة هذا فى كل وسائل المواصلات حتى فى الطائرات والوصول بتخصيص مكان للمدخنين كرهته بسبب رائحته الكريهة و»العفنة» التى كانت تكسو البشر والحجر.. وقد سعدت باختفاء هذا التخصيص.. وكانت فترة تجنيدى فرصة لادخن بكثافة ووصل تدخينى الى 3 علب يوميا.. وكانت الشيشة ضيفا فى كل جلساتى على المقاهى.. ولم اسمع كلام من هم اكبر منى سنا بانهم توقفوا عن التدخين بعد شعورهم بالمرض لشرب القهوة والسجائر.. واستمرت «العادة السيئة» رغم اننى اقرأ كتباً تصف الاخطار التى تسببها حتى التقيت مع احد المسئولين.. ووجدته يعلق فى مكتبه لوحات ممنوع التدخين.. فسألته لماذا.. فقال لى انه كان مدخنا شرها حتى رأى حماه رحمة الله عليه لا يستطيع النوم الا جالسا بسبب التدخين.. وسمعت عن الزملاء والاقارب الذين اجروا جراحات «القلب المفتوح» واصيبوا بالسرطان بسبب التدخين .. وتوقفت عن التدخين لمدة عام.. وكنت امارس محاولات لمنعه فى المواصلات العامة.. وانهار صمودى مع جلوسى مع احد كبار المسئولين يدخن السجائر بشراهة.. فاشتريت سجائر من النوع «اللايت» وعدت للتدخين بعنف.. وخوفا علىَّ اهدتنى صديقة شراباً من الاعشاب يمنعنى عن التدخين وكرهت الدخان.. وصمدت 3 اشهر امام منعه.. ثم عدت له مرة اخرى بعنف.

صدقات الدخان
اختلفت تجربتى السيئة مع الدخان والمدخنين والتى استمرت سنوات عديدة.. ومرت بحالات «ضنك» وخاصة فترة التجنيد.. والتى كنا نتبادل اخذ نفس من سيجارة او نغدق على أقراننا من علبة او اثنتين ونسارع بدعوى «الجدعنة» لنوفر له سيجارة او اثنتين واحيانا نقدم له باقى العلبة.. واتجهت فى بعض الاحيان لتدخين «البايب».. ولكنى خشيت من اصابتى بسرطان الفم واللسان.. وايضا لفترة تدخين «الشيشة» ثم عدت للسجائر مرة اخرى بعد فشلى فى ايجاد مكان للاستمتاع بتدخينى «الشيشة» او كما كانوا يقولون «سالكه».. وذلك لاضطرارى للجلوس وتكوين صدقات وسط الدخان وانتهت امورى بأن اعود للسيجارة التى تحيط بى فى مكان ومهام «عملى» من اصدقاء ورفقاء السوء.. وفى رحلتى الى الخارج.. وخاصة انها اصبحت ممنوعة فى رحلات الطيران والاماكن المغلقة وللرحلات.. هذه تجارب يجب ان تحكى .

كانت اول مرة فى رحلات الطيران فى الامتناع عن التدخين الى سويسرا وكان ممنوعا بالمطار والطائرة حتى فى الفندق ومكان المؤتمر.. وخلال جولتى فى»شركة للادوية» والتى كنت مدعواً لحضور مؤتمر عن اختفاء سرطان الثدى بالعلاج والكشف المبكر.. وكان علىَّ الخروج خارج المكان.. والوقوف امام الباب الرئيسى للتدخين.. ووجدت هذا يتكرر فى جميع المهام حتى الوحدات العسكرية الامريكية.. فهناك مكان للمدخنين يعلمك من قذارة الرائحة ان تتوقف.. ولكن المدخن الشره سريع النسيان.. ويكون سعيدا عندما تغيب تلك القواعد.. واول ما يفكر فيه فى اى مطار هو اين غرفة المدخنين.. ورغم شراهتى فى تلك الاوقات.. ولكنى ارفض نصائح عمال الفنادق بأن اتحيل على اجهزة الانذار بالخروج خارج «الشباك».. واضطر للخروج للشارع او الجلوس فى «اللوبى» المسموح فيه بالتدخين وكنت افضل فى رحلاتى الى الصين التى يمنع التدخين فيها 11 ساعة.. غير الانتظار بمطار القاهرة وانهاء الاجراءات فى «بكين او جونزوا» بأن يكون فيها «ترانزيت» فى دبى حتى اشترى «خرطوشة» سجائر وانعم بالتدخين فى حجرة المدخنين التى تدفعك الى كراهية التدخين.. واتذكر اننى كنت فى رحلة عمل الى «سنغافورة» وكنت اذهب الى الاتوبيس مبكرا لادخن قبل ركوبه واتأخر مع صعود الزملاء لادخن سيجارة قبل صعودى وانزل مسرعا لادخن قبل وصولهم .. هكذا كانت حياتى مع العادة السيئة حتى تخلصت منها بعد ان كنت متردداً بين حرمتها ام لا.. ولم اتعلم ممن توقفوا قبلى.. وعلى رأسهم الاستاذ عبد القادر محمد على-رحمة الله عليه-والذى امره الطبيب بالتوقف بعد تركيب انبوبة للتنفس وقد كان مدخنا شرها .. لقد اثر حديث للشيخ متولى الشعراوى فىَّ عندما قال ان التدخين حرام لان الجسد ملك لله واننى مؤتمن عليه، وحذر من اهمال الصحة بإحضار المرض عامدا ومتعمدا.. لقد مر على توقفى عن التدخين ما يقرب من عام.. وانا متوقف عن تلك العادة السيئة.. واقول لنفسى اننى استطيع مثلما «مصر تستطيع».. وانت ايضا تستطيع التوقف عن التدخين.. وخاصة ان اصدقائى ورفقاء رحلة السوء توقفوا وامتنعوا عن التدخين.. ويتمتعون بالصحة الجسدية والعقلية.

فقد نظمت وزارة الهجرة بالتعاون مع التجارة وقطاع الأعمال والدولة للإنتاج الحربى وهيئتى العربية للتصنيع والعامة للاستثمارالنسخة السادسة لمؤتمر «مصر تستطيع بالصناعة» بمشاركة نخبة متميزة من خبرائنا المصريين بالخارج المختصين فى مجال الصناعة وممثلى شركات أجنبية للحديث عن فرص الاستثمار الصناعى وتوطين الصناعة. ناقش آلية دعم وتطوير المجتمعات الصناعية لتحقيق التنمية المستدامة والذكاء الاصطناعى وتكنولوجيا الرقمنة والبرمجيات وتعميق المكون المحلى وصناعات المستقبل والمدن الصناعية الذكية.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة