زوج .. وعشيق
زوج .. وعشيق


رفعت الجلسة| زوج.. وعشيق

جودت عيد

الخميس، 09 يونيو 2022 - 07:59 م

كان ينظر إلى عينيها اللامعتين بحسرة وحزن، هو يريد أن يخبرها حقيقة الشخص الذى تتحدث معه عبر الفيس بوك، لكنه لا يستطيع، فسعادتها بالمحادثة تقتله، إلى جانب أنه مازال لم ينتزع منها كل الاعترافات التى يبحث عنها..

اكتفى بالجلوس بجوارها على الفراش، يراقب سعادتها الطاغية، كلما كتب كلمة «حب وإعجاب» تتبسم خجلا، تبادله بنفس الكلمة، بل وتزيد من البيت شعرا،.، لكنه لم يستطع الاستمرار بعد أن أصبحت الخيانة قاب قوسين ..

قرر إخبارها الحقيقة.. وهنا كانت المفاجأة

قصة صغيرها ألقاها زميله فى العمل على سبيل الدعابة، أخبره أن جاره اكتشف خيانة زوجته صدفة، شاهدها تجلس مع جارهما فى أحد الأندية الكبرى، تتبعهما خلسة، وعلم أنهما يتقابلان يومين فى الأسبوع، تستغل خروجه للعمل، ترتدى ملابسها، تترك حجابها فى البيت، وتتوجه للنادى للجلوس مع جارهما.

هبط عليهما زوجها وهما جلوس فجأة، ضربها وسحلها أمام الجميع، وأحضر أهلها وأولادهما إلى البيت، قص عليهم ما شاهده وعلمه، جعلهم يتصفحون الرسائل المتبادلة بين الزوجة والعشيق على هاتفها، ثم ألقى عليها يمين الطلاق، طردها من المنزل وأغلق باب بيته على أولاده.

لم يكتفِ الزميل بذلك، بل تساءل بدعابة، قائلا: «أعتقد أن الفيس بوك.. هو الاختبار الأمثل، أى زوج إذا أنشأ حسابا على الفيس بوك وتحدث مع زوجته على أنه شخص غريب هنا قد تكون النتيجة خيانة أو إخلاصا».

وسط انتباه الزوج للحديث، أطلق زميله المتحدث قهقهته المعتادة، قائلا للجميع: «هذه دعابة، ليس هناك رجل عاقل يفتح أبواب الشيطان على نفسه».

وقعت القصة والكلمات كالجليد على رأس الزوج، الذى أكثر عيوبه، ضعف الشخصية، الشك يساوره فى كل شىء، لا يثق بأحد، حاول بقدر الإمكان أن يذهب لطبيب نفسى، لكن لا علاج له، أخبره الأطباء والأقارب والزملاء، أن ثقته بنفسه هى العلاج، لكنه فشل، وأصبح ما يعانيه مرضا لا دواء له.

عاد الزوج إلى منزله، وقصة ذلك الجار وزوجته لم تفارقه، جلس بمفرده فى حجرة الصالون شارد العقل، حتى حضر الشيطان وسيطر عليه، لينتهى السيناريو إلى قرار باختبار زوجته.

لم يفكر الزوج كثيرا، عاد بذاكرته قليلا إلى دعابة زميله، لقد وضع له الخطة كاملة دون أن يدرى، أخبره أنه يكفى فقط إنشاء حساب على الفيس بوك لاكتشاف الحقيقة الكاملة.

لم يتردد الزوج، أمسك بهاتفه، أنشأ حسابا على موقع التواصل الاجتماعى «الفيس بوك» واختار له اسما تحبه زوجته، ووضع صورة ممثل تعشق مشاهدة أفلامه، وفى أيقونة المفضلات اختار الأغانى والأفلام التى تحبها، واشترك فى معظم الجروبات التى هى عضو فيها.

ومع صباح اليوم الثانى، وبعد أن أخذ رشفة من فنجان القهوة، أرسل لزوجته الرسالة الأولى، وكان مضمونها.

«صباح الخير.. هذه الحياة جميلة، لكن الكثيرين لا يبحثون عن مفاتيح سعادتهم».

وبعد أن اطمأن أنها قرأت الرسالة.. تابعها بأخرى

«عذرًا.. قليلون من أرسلت لهم هذه الرسالة، أعلم أنك لست صديقة عندى، لكننى بحثت عن اسم فى الفيس بوك، واخترته تلقائيا ليشاركنى سعادتى.. صباح الخير».

لم تجب الزوجة على الرسالة، اكتفت فقط بالقراءة، كان الزوج يتابع رد فعلها، شعر أنها انجذبت للكلمات وكان ذلك ظاهرا على تشتتها عندما طلب منها زجاجة الماء، تلعثمت عند الرد عليه، بعد دقائق ليست بكثيرة، أمسكت بهاتفها، جلست بجواره على السفرة، وكتبت بتردد ردا على الرسالة:

«عندك حق.. كثيرون لا يبحثون عن مفتاح السعادة.، بعيدا عن كونى لا أعرفك، لكننى كنت فى حاجة لمثل هذه الرسالة حتى أبدا بها صباحى.. صباح الخير».

كان رد الزوجة صاعقا بالنسبة للزوج، بدأ الشك يساوره أكثر، تساءل فى حيرة من أمره، هل أكمل ما بدأته أم أكتفى بذلك وأخبرها أننى ذلك الأديب الذى أرسل لها كلمات «مفاتيح السعادة»، لكن شيطانه تغلب عليه، طلب منه ان يكمل خطته لذلك تابعها برسالة أخرى.. قال: «قد يكون القدر هو من جعلنى أتعرف عليكى، لكن هذا لا يعفينى من أن أطمع بكرمك، وأحلم أن نكون أصدقاء، لقد أرسلت لك طلب صداقة فهل تقبليننى صديقا».

لم تتردد الزوجة، قبلت الصداقة بسرعة، بعدها غادر الزوج فى ذهول إلى عمله، ظل يتحدث مع نفسه طوال الطريق، ويتساءل فى حسرة، إلى أين ستقودنى هذه الخطة، لقد فتحت على نفسى أبواب الشك.. لكنه عاد سريعا، وتساءل فى غيظ وتكبر، أليس كل هذا اللوم يوجه إلى تلك الزوجة، التى قبلت أن ترد على رسالة شخص غريب، بل وتقبل صداقته بهذه السرعة.

واستكمل حيرته متسائلا، هل الحرية التى منحتها إياها هى السبب؟

وأجاب بحسرة: «نعم اتفقنا على الخصوصية، لكن ما يحدث يؤكد أنه تكرر كثيرا، مع أشخاص آخرين، لذلك يجب أن أستمر حتى أعرف إلى أى باب من أبواب الخيانة ستصل».

ظلت الحيرة مصاحبة لذلك الزوج طوال ساعات عمله، أصبح تائها لا يعرف ماذا يفعل، وسط هذه الحيرة تلقى رسالة أخرى من زوجته على حسابه الوهمي، أخبرته أنها تريد أن تتحدث معه، قالت: «شعرت من المكالمة الصغيرة أنك تستطيع ان تقدم لى مفاتيح سعادتى وترشدنى إلى الطريق الصحيح».

وأضافت فى رسالة أخرى: «لا أكذب عليك أنا سيدة متزوجة ولست سعيدة مع زوجي، هناك حيرة تراودني، ورجل لا يشعر بي، ودائم الشك والريبة».

لم يكن أمام ذلك الزوج مفر، قرر أن يستكمل مابدأه، ترك عمله، وألقى بجسده على كرسى متهالك أمام النافذة، وبدأ يستمع إليها، وهى تكتب معاناتها من زوجها.

وقالت: «لم أشعر بيوم سعادة معه، هو زوج لا يؤمن بالحرية، يريد أن يقيد زوجته، أنا جميلة، والغيرة تقتله، حاولت معه كثيرا، لكنه يسعى إلى سجنى فى المنزل، ليس بخيلا وهذا أمر أحبه فيه، لكنه بارد المشاعر، لا يعطينى فرصة أنتقده فيها، يسعى دائما إلى الحديث عن نفسه، دون أن يسمعنى.

وأكملت الزوجة: «لا أنكر أننى تزوجته عن حب، كان لديه بعض المقومات، منصب ومال، وبعض العواطف المتبادلة بيننا، لكن 3 سنوات مرت لم يرزقنا الله بأولاد، والسبب فى كل ذلك هو، مازال يرفض الذهاب للأطباء.. أشعر معه أن علاقتنا اقتربت من نهايتها، أصبحت مشاعرنا متبلدة، نحن غرباء نسكن فى حجرة واحدة، هو مدير كبير، وأنا ربة منزل لا يجمعنا سوى طاولة الطعام، غير ذلك كل واحد منا يصاحب هاتفه يتحدث معه، ويتخذه صديقا له».

ولم يحزن الزوج لكلام زوجته عنه، هو لم يعد زوجها، بل ذلك الرجل المثالى الذى يسكن عقل زوجته، قرر أن يقوم بدور المصلح، قدم كل الحلول للزوجه حتى تغير صورتها عن زوجها، أخبرها أنه قد يكون حب زوجها الكبير لها سبب مأساته وغيرته عليها، طلب منها أن تقف بجواره، أن تفتح معه الحديث، أن تهيئ له الجو للفضفضة، لكن رد الزوجة كان صاعقا له.

قالت: «دع زوجى بعيدا، أنا لم أعد أهتم به، أشعر أنه سعيد بهذه الحالة التى نحن عليها، لكن ما أريد إخبارك به أننى استرحت لك كثيرا، أنت عكس زوجى تماما، صورة مغايرة، تعطينى مساحة للتحدث، تتحاور معي، ليس لديك مشكلة فى خروجى للعمل، تمنحنى الثقة الكاملة، ولا أنكر أننى انجذبت لوسامتك، وانبهرت بتعليمك العالى ومنصبك المرموق.. أعتقد أنك رجل أعمال ناجح، تعشق السفر، وتهوى الحرية الشخصية.

ولم يحزن الزوج لحديث زوجته، فقد اعتاد على ذلك منذ أن قرر محادثتها كشخص غريب، لكنه أدرك أخيرا أنه آن الأوان لإخبارها بالحقيقة، أقنع نفسه أنه لا وقت للمخادعة، حتى لا تسقط زوجته من نظره، لكن شيطانه دفعه للتراجع، تزامن ذلك مع «إيموشن القلب» الذى أرسلته الزوجة إليه.

فى هذه اللحظة أيقن أن الأمور خرجت عن السيطرة، بادلها نفس الرسالة، لتخبره الزوجة علنا أنها تعلقت به، وأنها تحتاج هاتفه للتواصل معه واللقاء.

قالت له: «أرسلت لك رسائل صوتية لكنك لم تبادلنى أى رسالة، أريد أن اسمع صوتك، لقد تعلقت بك، أصبحت جزءا من حياتى».

كانت الزوجة تخبر الزوج بمشاعرها وهى تجلس بجواره على الفراش، لقد كتبت له أنها تحبه، وهو بادلها نفس الكلمات، هى واثقة أنه لن يبحث فى هاتفها، فالبردود الذى بينهما جعل كل واحد يبتعد عن خصوصيات الآخر، لذلك لم تحذف الرسائل واكتفت بجعلها «محادثة سرية».

تطور الحديث بين الزوج العشيق والزوجة على الفيس بوك، أصرت على مقابلته خارج المنزل، أرادت رؤيته، فقد عشقت كلماته ونصائحه ونظرته للأمور، وجدته نسخة مغايرة لزوجها، لكنه كان يهرب، يشاهد خيانة زوجته بعينيه ويقف عاجزا عن فعل شىء.

لكنه أخيرا.. اختار الطريق الصحيح، أغلق حساب التواصل الوهمي، وقطع أى وسيلة بينه وبين الزوجة العاشقة.

حاول أن يتعايش معها بشخصية العاشق الولهان، لكنه لم يستطع إسقاط ما حدث من ذاكرته، كلما نظر إليها شعر بالخجل، هو الآن شخص مصطنع يعيش بشخصية رجل آخر، لا يغادر عقل زوجته.

أما هي، ظلت تائهة، لم تستطع أن تتجاوب مع زوجها، أغلقت عقلها وجوارحها أمام كل محاولاته، أخذت فقط تبحث عن ذلك العاشق الذى اخترق حياتها وقلبها فجأة.

لم يستطع الزوجان استكمال حياتهما، قررا الانفصال، ورغم ذلك ظل الزوج محتفظا بسر «ذلك العاشق الولهان»، فكما يقول: «كنت السبب، وسأتحمل النتائج بمفردى».

إقرأ أيضاً|الخائنة وعشيقها أنهيا حياة الزوج بـ 20 طعنة !


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة