الجمعة، 10 يونيو 2022 - 08:15 م

كانت السمات المميزة للشخصية المصرية هى التسامح والهدوء وقبول الآخر وعدم اللجوء إلى العنف، ثم فجأة هبت عليها متغيرات حادة، تقتضى إعادة بحث الأسباب التى أدت إلى ذلك.

 لم نكن نرى العنف فى القتل أو التشفى والشماتة والتجريس فى فيس بوك، وكان الجار يحافظ على جاره والصديق يصون صديقه والبنت تحفظ سر صديقتها.

وفجأة أصبح الجار يعتدى على جاره والبنت تنتهك أسرار صديقتها، والشباب يرتكبون أفعالاً توصف بالعيب، وهلم جرا، أشياء وصفات تحتاج طوابير من علماء النفس والاجتماع يعتكفون ساعات طويلة للبحث والتنقيب.

منح الله مصر نعمة تلاحم النسيج الشعبى التى يجب الحفاظ عليها، والتمسك بها وعدم السماح باختراق قانونها الراسخ فى وجدان الأمة، وانعكس فى أسلوب حياة هادئة توحد المصريين فى الشدائد والأزمات، وتجعلهم روحًا واحدة فى جسد واحد، كما تقول الحكمة الفرعونية القديمة، ضد كل صنوف الصراعات القبلية والمذهبية والعرقية والدينية، التى مزقت دولًا وأفنت شعوبًا.

النيل الذى تجرى مياهه فى عروقنا، جعلنا شعبًا متجانسًا فى طباعه، متسامحًا فى حياته، فقد وحدهم المجرى حوله، ولم يتشتتوا فى الصحراء جماعات وقبائل، ولم يتحاربوا من أجل المياه فلديهم كل الخير والخضرة والنماء، واكتسبوا تجانسًا وانسجامًا وتعاونًا وسلامًا، ولم يحدث على مدى التاريخ، أن دخل المصريون حروبًا ضد بعضهم البعض، كما فى معظم الدول والشعوب، وكانت حروبهم ضد أعدائهم والغزاة، صونًا للاستقلال والكرامة والعزة، وحفاظًا على وحدة التراب الوطني.

 > > >

لم تفهم الجماعة الإرهابية الرسائل الكثيرة التى خرجت من الجيش أثناء حكم الإخوان، وأهمها البيان الذى صدر عقب أحداث الاتحادية وأكد فيه «لن ينحاز الجيش إلا لشعب مصر العظيم، فنحن جزء من نسيجه الوطنى وترابه المقدس» فجيش مصر لن يكون إلا عصا الشعب يضرب بها من يعتدى على الشعب.

المضمون هو أن الجيش كتلة صلبة وليس لقمة سائغة، وليس قابلا للتمرد أو العصيان أو الانقلاب، وهو ملك للشعب ويضم كافة الأطياف والألوان الاجتماعية، وسلاحه الأقوى ليس فقط أنه الأول عربياً وأفريقياً والعاشر على مستوى العالم، ولكن أيضاً عقيدته الوطنية التى لا تخضع للقوانين ولا تحسب بالأرقام، وإنما تظهر على شكل قوة دافعة تمنح مقاتليه زخماً فى الهجوم وصلابة فى الدفاع.

أو على حد العبارة البليغة التى قالها السيسى للإخوان «هذا الجيش نار لا تلعبون بها ولا تلعبون معه».. ولما لعبوا معه حرقتهم النار.