توم كروز
توم كروز


توم كروز

في فيلمه الجديد«المنشق Top Gun: Maverick».. توم كروز يتفوق على نفسه

أخبار النجوم

السبت، 11 يونيو 2022 - 01:41 م

إنچى ماجد

فى أحد المشاهد الأولى من فيلم Top Gun: Maverick ؛ يتلقى النقيب “بيت ميتشيل” انتقادا لاذعا من أحد الضباط؛ بعدما أخبره الأخير أنه لا يعجبه مظهره؛ وهو جالسا في قمرة القيادة لتجربة طائرة جديدة؛ تماما كما هو الحال فى فيلمTop Gun  الأول الذى صدر عام 1986 ؛ فإن النقيب “ميتشيل” - أو مافريك كما يلقبه الجميع - على وشك عصيان الأوامر. وهذه المرة ؛ ينوي أن يأخذ طائرته السوداء الأنيقة في رحلة تجريبية بسرعة قياسية؛ المثير أن المظهر الذي لا يحب الضابط “هوندو” رؤيته في عيون مافريك الخضراء؛ هو مظهر جريء يعكس عزم متهور والتزام لا تشوبه شائبة؛ إلى جانب ثقة متناهية فى النفس؛ وهى الثقة التى أكدها رد “مافريك” عليه قائلا” ذلك هو المظهر الوحيد الذى أمتلكه فحسب”. 

هذا الرد يصف كذلك صاحب شخصية “مافريك” - النجم توم كروز - الذى كان من الصعوبة الشديدة التفكير فى ممثل آخر غيره؛ قام بتجسيد كل شخصية قدمها على مدار حياته المهنية؛ بشكل استثنائى دون أن تتشابه أى شخصية  منها مع الآخرى. 

كان كروز دائما يحمي صورته كفنان شديد الالتزام؛ لكنه اعتاد كذلك على أن يكون طموحا ومتعطشا بدرجة كافية؛ للاعتراف به كممثل على استعداد دوما لتحمل المخاطر. في ذروة الثمانينيات من القرن الماضي؛ كان يعمل وفق قاعدة محددة وهى “لا مكان لسينما الأجزاء” لإجبار نفسه على الاستمرار في تقديم اعمال درامية مختلفة؛ وعدم الاستناد على نجاح العمل الواحد؛ لقد عمل مع مخرجين أسطوريين مثل مارتن سكورسيزي وستانلي كوبريك وستيفن سبيلبرج؛ وتحدى صورته الذاتية في أعمال مثلMagnolia لبول توماس أندرسون و Collateralلمايكل مان؛ ومع ذلك لم تأت إليه أبدا الأوسكار التي كان يحلم بها.

ومع إدراكه أن السلاسل الجماهيرية ستكون هى مستقبل السينما القادم؛ تخلى توم عن القاعدة التى كان يسير عليها؛ وقام بتأسيس سلسلة Mission: Impossibleالتى حملت اسمه كنجم ومنتج؛ وجعلت منه اسطورة فى سينما التسعينيات وبداية الألفية الجديدة؛ ومع ذلك واجه كروز بعض السقطات فى أعمال مثل Tropic Thunder و Rock of Ages؛بعدما جفت محاولاته لتقديم أعمال جيدة عن التجارب الانسانية التى تتجاوز البطولة والعزيمة؛وفي أفلامه فى السنوات القليلة الماضية نراه يحرص على اختيار المخرجين المتمرسين؛ ويمارس سيطرة غير عادية على الأفلام التي يقوم ببطولتها؛ولا يخشى مواجهة الموت فى مشاهد الأكشن الخطرة التى يصمم على أدائها بنفسه؛ ليتحول إلى شخصية جريئة أنيقة مناسبة لأيامنا الحالية؛ أكثر من كونه ممثل سينمائى.. نجم استعراضي ينطلق بنفسه إلى أماكن لم يطأها ممثل غيره؛ غير مباليا بالمخاطر التى قد تواجهه فى طريقه. 

ولكونه فنان مجازف من الدرجة الأولى ولا يخشى المغامرة؛ أصبح اسم “كروز” علامة تجارية بإمتياز؛ كما تم الاشارة إليه في آخر جزءين من سلسلة Mission: Impossible Filmsتحديدا؛ فأصبحت أفلامه وكأنها نوعا نادرا من السينما التى لا تقدر بثمن؛ ورغم أنها سينما تجارية فى الأساس؛ الا أنها تهتم بشدة بالحرفية القديمة؛ التى تضمن تقديم سينما أكشن لا يوجد مثلها؛ و” ساسبينس” قادر على حبس الأنفاس دوما؛ وهى الخلطة التى تضمن بشكل مؤكد الاستمتاع أثناء المشاهدة فى قاعة العرض. 

وقد أبدع توم فى تقديم نفس الوصفة بفيلمه الأحدث Top Gun: Maverick ؛ الذى شهد عودته لشخصية “مافريك” التى قدمها عام 1986 ؛ والتى جعلت الجمهور يشعر بالحنين الملحمي تجاه الفيلم من جديد.المثير للسخرية؛ أن الفيلم الأصلى لم يكن متوقعا له النجاح الكبير؛ ولكنه كسر كل التوقعات وحقق نجاحا هائلا؛ ليصبح من أشهر الأفلام على مدار الخمسين عاما الماضية؛ ومع هذا النجاح أجمع الكثيرون أنه سيليه جزءا ثانيا على الفور؛ ولكن هذا الجزء لم يأت الا بعد مرور 36 عاما.

وتعامل كروز فى الجزء الجديد مع فريق يثق فيه ثقة عمياء؛ بدءا من المخرج جوزيف كوسينسكي - الذى تعاون معه توم فى فيلم Oblivion - ومنتج Top Gun الأصلى جيري بروكهايمر؛ ومعهم الذراع الأيمن لكروز كريستوفر ماكوري الذى تولى مسئولية كتابة السيناريو؛ وحرصا على أن يحقق الفيلم نجاحا كبيرا موازيا لنجاح الجزء الأول؛ كان لابد أن تكون القصة شيقة للغاية قادرة على جذب الجمهور بشدة؛ وكذلك درجة “الأكشن” التى تعد السمة المميزة فى مسيرة كروز الفنية؛ ليأتى الفيلم بمثابة تحية شديدة الوضوح للفيلم الأصلى؛ والمثير أن الجزء الجديد قد يتفوق على الأول فى عدة عناصر؛ فقد جاء أجمل بكثير؛أكثر نضجا؛ وأكثر ثراءا؛ وأكثر روعة؛ بما يتماشى مع النضوج الفنى الكبير الذى وصل إليه نجمه.

بعد أكثر من 30 عاما على تقديم الفيلم الأول؛ أصبح “مافريك” واحدا من أكفأ الطيارين فى سلاح الجو الأمريكى؛ لكنه لم تتم ترقيته مطلقا إلى رتبة نقيب؛ وهو معرض لشبح أن يظل مهمشا في عالم جديد شجاع؛ ونجد منافسه القديم “آيسمان” - ويستمر فى لعب دوره النجم فال كليمر -والذى وصل إلى رتبة “أميرال”؛ يستدعي “مافريك” للعودة إلى قاعدةTop Gun لتدريب الطيارين الشباب المقاتلين على المهارات التي سيحتاجون إليها؛ للقيام بمهام خطرة خلف خطوط العدو؛ من بين هؤلاء الطيارين “برادلي برادشو”- نجل نيك برادشو - صديق مافريك الراحل ومساعده؛ ولكن نجد برادلى الصغير مستاء من “مافريك”؛ لأنه يحمله مسئولية موت والده؛ وكذلك الوقوف أمام طموحاته الشخصية بسحب أوراقه الخاصة من طلبات الالتحاق بمدرسة الطيران؛ ويجد “مافريك” نفسه حائرا إما بمعاملة الطيار الشاب باللين الذي يحتاجه؛ أما الوقوف أمامه واجباره على معرفة الحقيقة بمفرده.

هذه هي العظام التى تقوم عليها تلك الدراما الهوليوودية؛ وهى عظام بسيطة ومتينة ربما يمكن التنبؤ بها؛ ولكنها تحمل فى جنباتها الكثير من المشاعر؛ وهو العنصر الذى لم يكن موجودا فى الفيلم الأول؛ الذى كان يسوده السعر العدوانى بين البطلين الغريمين. وعلى النقيض منه فإنTop Gun: Maverick يكاد يكون رقيقا بشكل ملحوظ.

وإلى جانب التجسيد المثالى لكروز ضمن الأحداث؛ يأتى كذلك النجم جون هام الذى يتجول بشجاعة فى دور الأدميرال المتشدد؛ ويمنح الفيلم الثقل الفنى المطلوب نيابة عن رجال الدولة الأكبر سنا إد هاريس وكليمر؛ الذين لم تسمح لهما صحتهما السيئة سوى بتقديم كل منهما لمشهد وحيد مع كروز فى الفيلم.

كان من الغريب معرفة أن كروز كان مصرا على عدم تقديم جزء ثان من Top Gun ؛ رغم كونه طيارا ماهرا وعاشقا لقيادة الطائرات؛ ولكن يبدو أنه كان على حق بعدم التعجل فى القرار؛ وخاصة أنه كان يؤكد دؤما أنه فى انتظار القصة الصحيحة؛ ولكنه قد يكون منتظرا لشئ آخر؛ وهو أن يصبح نجم أكشن لا يستهان به؛ وقد تحققت رؤيته بالفعل فى تقديم الفيلم الذى طالما حلم به.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة