صالح الصالحي
صالح الصالحي


يوميات الأخبار

حوار بضمير وطنى

صالح الصالحي

الإثنين، 13 يونيو 2022 - 05:03 م

الحوار الوطنى المصرى ليس حوارا بين فرقاء ودولة.. إنما حوار بين شعب ودولته ليرسم بضميره الوطنى ملامح جمهوريته الجديدة

لم تنقطع الأحاديث ولم تكف الأقلام عن الحديث حول الحوار الوطنى منذ اعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى ابريل الماضى، مؤكدا انه دون تمييز.. ورغم حملة التشكيك من أعداء الوطن إلا أن هذه الدعوة خلقت زخما وحراكا وطنيا على كافة الأصعدة، خاصة أن الرئيس اعلنها فى صورة مطلقة، لم يحدد أجندة مسبقة ولا حتى المشاركين، فأطلق الجميع عنان التفكير لوضع رؤى لإخراجه فى أبهى صورة تناسب المرحلة الحالية من عمر الدولة المصرية باستقبالها للجمهورية الجديدة.. خاصة بعدما استعادت الدولة عافيتها واكتملت المؤسسات الدستورية.

وفى تصورى أن البلاد فى الفترة الماضية كانت تمر بمرحلة انتقالية شملت إنهاكا لكافة مؤسساتها فى ظل فوبيا من العمل السياسى اصابت جميع المصريين نتيجة الخلافات السياسية التى شهدتها البلاد أعقاب ثورة ٢٥ يناير، الكل تعلم الدرس جيدا وانخرط فى توحد مع خطة الدولة لاعادة البناء واحتواء الجميع فى ركب الوطن ودعم مسيرته.. وعلى الرغم أن الملف السياسى لم يغب عن القيادة السياسية فى أى فترة من الفترات لكن البلاد كانت بحاجة لحالة من النضج والاستقرار لتستوعب امكانية حوار بضمير وطنى لا يشمل الجانب السياسى وحده، الذى يعتبره المصريون تمزيقا للجسم الوطنى بعدما قاسى الويلات من انفلات وفوضى تحت دعاوى سياسية خلال الفترة التى أعقبت ٢٥ يناير.

ويستطيع أى مراقب أن يرصد تطور الدعوة لهذا الحوار فى ضوء كافة المستجدات سواء من جانب الدولة باعلان الأكاديمية الوطنية للتدريب بأنها ستلتزم بالتجرد والحيادية التامة.. وان دورها تنسيقى مع جميع التيارات السياسية والحزبية والشبابية وصولا لإعلان د. ضياء رشوان نقيب الصحفيين منسقا وإسناد أمانة المؤتمر لأمين المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المستشار محمود فوزى وهو ليس بعيدا عن مطبخ العمل السياسى والتشريعى ولديه من الخبرة الفائقة بتوليه أمانة المجلس وقبلها أمانة مجلس النواب ما يسهل إدارة أعمال الحوار الوطني.. نأتى للأطراف المشاركة حتى الآن كل الرؤى المطروحة المعلنة والتى تم ارسالها من الأحزاب والمؤسسات المشاركة هى بالفعل على طاولة الدولة سواء الحكومة أو حتى مؤسساتها السياسية.. ولا أبالغ أن الدولة قطعت أشواطا فى هذه الملفات فى ضوء الطروحات التى أعلنها أطرافها الممثلون من لأكثر من ٤٠ حزباً والتى دارت حول إصلاحات اقتصادية للبطالة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.. والمنظومة الصحية.. والحماية الاجتماعية.. كذلك الحال بالنسبة لقضايا الرأى وحقوق الإنسان والحبس الاحتياطى والتى قطعت الدولة فيها خطوات سباقة تستكمل بباقى الأطروحات.. والتى من المفروض أن يتم تقديم رؤى بناءة لتطوير أداء الحكومة ومؤسسات الدولة.

دعوة الحوار الوطنى لم تكن لحظية أو صورية كما كان يحدث من قبل حيث إن المدة التى سبقت اعلان توقيت انطلاقه خلقت حوارا مجتمعيا شمل حالة جدلية على نطاق واسع فى طرح رؤى وأفكار لتحقيق هدف أمثل فى استعادة الشخصية المصرية والحفاظ على الهوية الوطنية.. والذى أتصور أن العمل سيكتمل بإطلاق دستور جديد للبلاد ولا يخفى على أحد أن الدعوة مطروحة منذ وقت سابق على الدعوة للحوار الوطني.. وفى رأيى أن الحوار سيكون داعما لتنفيذها.
الدولة المصرية الآن وبفضل الله تشهد استقرارا سيتوج بحراك سياسى ديمقراطى ناضج.. كل الامنيات لخروجه فى أبهى صورة.

ثورتنا المجيدة
تتزاحم الأعياد وتزحف علينا تذكرنا بأوقات عصيبة نجحنا فى تجاوزها كان لطف المولى عز وجل حليفنا ليخرج البلاد من نفق مظلم وتقاتل بين أبنائها لبر الأمان.. حتى غدونا مثالاً يحتذى به فى المنطقة.. فرغم مرور ثمانى سنوات على تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد الحكم ومن قبلها سنوات عجاف من الفوضى فى أعقاب ثورة ٢٥ يناير، ومرور دول جارة لنا بظروف مشابهة ومازلوا فى نفس الحلقة المفرغة لم يحققوا استقراراً أو حتى توصلوا لصيغ سياسية متوافقة ومتوائمة يستطيعون بها حكم البلاد ناهيك عن الأزمات الاقتصادية الطاحنة التى تمر بها بلادهم فى ظل هشاشة لاوضاع اقتصادية فضحتها وكشفتها أوضاع عالمية أكثر قوة من ركود وتضخم بسبب أزمة فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية التى لا يعلم مداها سوى الله.. إلا أننا فى مصر وعينا الدرس منذ اليوم الأول.. وكنا من الوعى الذى سبقه فطرة المصرى ووطنيته فى الحفاظ على أمن واستقرار بلاده بالوقوف بكل قوة وحسم فى وجه مخططات خارجية أحيكت للبلاد وسُلمت لجماعة إرهابية لتفعل بها ما تفعل.. إلا أن المصريين كانوا من اليقظة والوطنية ما جعلهم يرفضون الراديكالية والاصولية وكل الأمور والمصطلحات الغريبة على المصريين المخلصين لبلادهم.. المصرى بفطرته البسيطة يعلم عدوه من حبيبه.. تربى على حب أرضه وربطها بعرضه.. وتعلم وعلم أبناءه التضحية فداء للوطن.

فتهل علينا أعياد ثورة المصريين المجيدة ٣٠ يونيو هذا العام ونحن بفضل الله فى مكان أفضل من العام السابق وكل الأعوام السابقة عليه.. نعيش وسط تحديات ونواجه ونتحمل لتعبر بلادنا لبر الأمان.. وعلى ما يبدو أن الأحوال الصعبة التى فرضتها الهيمنة العالمية وظروف المنطقة المتعثرة التى لا تخفى على أحد ستطيل أمد هذه الظروف، صحيح هناك محاولات للعبور وتأمين احتياجات البلاد ونحن فى أفضل حالاً من الآخرين سواء بلاداً جارة أو حتى فى منطقة الشرق الأوسط عموما، لكننا نعلم أيضا أن هذه الجهود لم تأت من فراغ بل وراءها قيادة سياسية واعية تعمل ليل نهار.. قبلت المسئولية وتفويض الشعب الذى خرج بالملايين للشوارع.. ويعلم المصريون ايضا أن طريق الكفاح مازال طويلا يحمل معه صعوبات يجب على الجميع أن يستعدوا له بالعمل والصبر ويتطلب من الحكومة ووسائل الإعلام المكاشفة والشفافية والصراحة حتى ينخرط الجميع فى العمل الوطنى.. فمن الخطأ أن نحمل أحد الطرفين الحكومة أو الشعب كل المسئولية.. هى مسئولية مشتركة بين الطرفين والإعلام طرف ثالث بينهما يتولى التوعية والشرح والتوضيح لخطط التنمية والصعوبات التى تواجه الحكومة لتنفيذها والاعباء التى يتحملها  المواطن فى نفس الوقت.. حيث يحتاج المواطن دائما وفى كل دول العالم أن يتم مصارحته بكل الأعباء ليتحمل الدور المنوط به فى عملية التنمية.. وهذا أمر ليس ببعيد عن الشعوب، فبالأمس وقت أن كانت مصر تخوض حروبا وتمر بأزمات اقتصادية واعلنت البلاد انها تطبق اقتصاد الحرب استجاب المصريون وتحملوا كل مشقة فى سبيل تحرير أرضهم من المعتدى.

المواطن دائما يحتاج من يشركه ويشرح له.. وأتصور أن الإعلام الوطنى الواعى لابد أن يقوم بهذا الدور بحرفية ومهنية لأن هذا الأمر شائك للغاية فى ظل سوق يعتمد على العوامل النفسية وتؤثر فيه الشائعات بالدرجة الأولي.. وسأضرب لك مثلا فى الماضى كانت الحكومات لا تعلن عن الاحتياطى الاستراتيجى من السلع الأساسية وكانت هذه الأرقام سرا حربيا لا يجوز البوح به باعتبار  أن مصر دولة كبيرة السكان ومستهدفة ويمكن ضرب احتياجاتها من السلع فتتعرض الأسواق لأزمات واختناقات سواء باحتكار السلع أو حتى فى رفع أسعارها ، وحتى الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية وقت ما كانت تمر البلاد بأزمة فى توفيره وخاصة لاستيراد السلع كانت تخفى هذه المعلومات.. لكن الآن الحكومات على مدار السنوات القليلة الماضية بدأت تعلن هذه الأرقام ولا تخشى أى تلاعب  لأنها متمكنة من أدواتها فى مواجهة هذا الأمر.

واتصور اننا الآن فى أمس الحاجة لربط أطراف المنظومة الوطنية الثلاثة ببعضها البعض، الحكومة والإعلام والمواطنين فى فلك واحد بشفافية وحرفية ومهنية فى نفس الوقت.. مع الأخذ فى الاعتبار كل العقبات والتحديات التى تواجه البلاد داخليا وخارجيا.. ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد من حيث استعداد المواطن فقط لتحمل أعباء التنمية بل إنه سيتوحد مع الحكومة لتنفيذ خططها متى شعر أن هذه المشروعات ستغير وجه الحياة، وأن الأعباء لفترة معينة وهذا دور الإعلام الوطنى الذى يعتبر جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية العمل الوطنى وإحدى أذرعه المخلصة.. ولا نستطيع ان نغفل أن هناك مشروعات ضخمة تتم على أرض الواقع استثماراتها بمليارات الجنيهات تتم رغم حالة الركود وعزوف القطاع الخاص عن المشاركة فى مشروعات غير مدرة للربح لكن الحكومة اخذت على عاتقها الرعاية والحماية الاجتماعية لتغير وجه الحياة فى مشروعات اسكان ومرافق ما كانت لتتم عبر عشرات السنوات واعتبرته جزءا أصيلا من العمل الحكومي.. وفى الوقت نفسه اعلنت اندماج القطاع الخاص فى مشروعات عهدت إليه بإدارتها واستغلالها ليحصل الجميع على ثمار التنمية والتى يأتى فيها المواطن فى المقام الأول وكذلك باقى شركاء التنمية.. الآن نحن بحاجة للاعلام أكثر من أى وقت.. الاعلام الذى يدخل كل البيوت ويشاهده ويسمعه ويقرؤه المواطن لنكون جميعا أنشودة وطنية فى حب البلاد.. وحتى لا تنهدم هذه الجهود، وينعم بثمارها كل المصريين.. هنيئا للمصريين عيدهم التاسع لثورة يونيو المجيدة وانجازات ثمانى سنوات من عمر حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى التى لا ينكرها إلا جاحد استطاعت خلالها الدولة فرض هيبتها فى الخارج بعد عام الإخوان الأسود الذى قطع أواصر كل العلاقات الخارجية مع الدول خلالها الشقيقة والصديقة.. وتحقيق استقرار اقتصادى ايجابى مستقر بعد ما كانت تصنيفاتنا الائتمانية بالسالب. ومشروعات ضخمة على رأسها استصلاح ٢٫٥ مليون فدان.. وزيادة سنوية دورية للأجور والمعاشات تراعى الظروف الاقتصادية الصعبة.. وخطة لمضاعفة الصادرات المصرية لـ١٠٠ مليار دولار.. واقامة ١٧ مجمعا صناعيا بـ١٥ محافظة.. واجراءات  تحفيزية للنهوض بالصناعة تصل لنحو ١٠٠ اجراء.. ومشروعات غيرت الوجه الحضارى للبلاد من طرق وكبارى ومترو وقطار سريع.. وتطوير الموانئ باستثمارات تصل لنحو ١٫٧ مليار دولار.. وطفرات غير مسبوقة لكل أوجه التنمية وحلول لمشكلات مزمنة فى التعليم والصحة.

نؤمن بأن المشوار طويل ومشاكلنا مزمنة ونزداد سنويا بالملايين لكن هذه الاشكالية تعلمها القيادة السياسية وقبلت التحدى ونجحت فى الخروج بالبلاد لبر الأمان ، وبدعم المصريين سنكمل مشوار الأمن والأمان والاستقرار ونحقق حلم التنمية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة