محمد حسن البنا
محمد حسن البنا


يوميات الأخبار

«الأخبار» ذاكرة الأمة فى 2013

محمد حسن البنا

الأربعاء، 15 يونيو 2022 - 07:48 م

 

حقيقة لم أكن أنوى التقدم بأوراقى للجنة المشكلة بمجلس الشورى. لكننى علمت بأن جماعة الإخوان لا تنوى إعادة اختيار أخى الكاتب الكبير ياسر رزق

فرق شاسع ما بين يونية 2022 ويونية 2013، 9 سنوات، شهدت إنجازات حولت مصر من شبه دولة إلى دولة قوية، صاحبة كيان وتاريخ وحضارة علمت ومازالت تعلم البشرية. وأنا اليوم أتذكر مع حضراتكم ما حدث بين ليلة وضحاها فيها انتصرت إرادة الشعب على الحكم الأسود لجماعة الإخوان الإرهابية.

كانت جريدة «الأخبار» الصحيفة القومية الوحيدة التى واجهت الإخوان بالقلم، وواجه محرروها الجماعة الإرهابية بأخطائهم وجرائمهم فى حق الشعب. 
 ليس هذا فقط بل دعمت «الأخبار» تمرد الشعب ضد حكم المرشد.

كنا الصحيفة الوحيدة التى استضافت قيادات حركة تمرد بمنتدى حوار داخل الجريدة، نشرنا فيه على صفحتين، كل ما قاله قيادات تمرد فى وقت كان الإخوان يسيطرون على الدولة المصرية. وتحملنا كل الهجمات الإخوانية ضد الجريدة وقياداتها.

لا أقول هذا من فراغ، بل الإرشيف موجود ورقياً وإليكترونياً. ومن السهل الاطلاع عليها، وتحليل مضمونها لنكتشف أنها الجريدة القومية الوحيدة التى عبرت عن الشعب المصرى.

وأنا أتذكر كيف كانت عبارات الإعجاب من الزملاء بالصحف الأخرى تشيد بالأخبار والمانشيتات والموضوعات التى تنشرها وقت حكم الإخوان.

وفى المقابل كانت جماعة الإخوان تهاجمنا وتسعى للضغط علينا، وكان مبررهم أن الأخبار جريدة الدولة ويجب أن تعبر عن الرئيس والحكومة.

وكان ردى الثابت أن «الأخبار» جريدة الشعب وتعبر عنه وعن مشكلاته وطموحاته. باختصار كان صراعا بيننا وبينهم، انتصرت فيه كتيبة «الأخبار» لأنها تدافع عن مصر وشعبها.

من حسن الطالع أن يأتى مقالى متزامنا مع احتفالنا بالعيد السبعينى على صدور معشوقتنا جريدة «الأخبار».. تشغلنا المصلحة العليا لمصر وشعبها. وإذا كان مسلسل «الاختيار» قد سجل واقعيا ما حدث فى السلطة، فإن من واجبنا أن نسجل ما حدث فى الصحافة عامة، و«الأخبار» على وجه الخصوص.

اختيار رؤساء التحرير

 لم يكن الأمر سهلا حين توليت رئاسة التحرير فى أغسطس 2012، فقد تقدم للمنصب أكثر من 10 مرشحين من الزملاء وكان مطلوبا مع البيانات الشخصية، مشروع لتطوير الجريدة.

تقدمنا كلنا بطلباتنا وتشكلت لجنة بمجلس الشورى تضم شخصيات عامة صحفية وفكرية وأعضاء من السلفيين وجماعة الإخوان. أذكر من بينهم ثلاثة من كبار الصحفيين هم الأساتذة صلاح منتصر وهدايت عبد النبى وفايز بقطر، رحمهم الله.

كان صدور القرار مفاجأة لى، وربما للزملاء. كنت وقتها مديرا للتحرير.

والحمد لله أعيش بسمعتى المهنية والنقابية والأخلاقية فى الجريدة والوسط الصحفى والإعلامى. لم أكن فى يوم من الأيام ساعيا لمنصب.

فقط أقوم بعملى على أكمل وجه، ولتأتى المناصب بقدر الله. ولم أكن يوما عضوا بجماعة الإخوان، ولا غيرها من الأحزاب والتيارات الأخرى، لكن البعض من أصحاب المصالح الشخصية، للأسف، يربط بين اسمى والجماعة لأغراض دنيئة وشخصية. رفضت الانضمام إلى حزب الوسط وحزب مصر أيام الرئيس السادات، كما رفضت الانضمام إلى الحزب الوطنى أيام الرئيس مبارك.

وقد تربيت على ذلك من والدى رحمة الله عليه. وقبل أن أعمل بالأخبار نصحنى الراحل العظيم موسى صبرى بأن اكتب اسمى محمد البنا أو محمد حسن خاصة وأن اسمى الرسمى ليس فيه «البنا» إنما هو اسم شهرة، ورفضت قائلا اسمى محمد واسم والدى مركب «حسن البنا». ليتنى سمعت كلام أستاذنا موسى صبرى صاحب النظرة الثاقبة، حيث مازلت أعانى من الاسم حتى الآن، للأسف.

حقيقة لم أكن أنوى التقدم بأوراقى لمجلس الشورى.

لكننى تأكدت أن جماعة الإخوان لا تنوى إعادة اختيار أخى الكاتب الكبير ياسر رزق، رحمة الله عليه. وقد كان بيننا مودة كبيرة حتى تمكنت جماعة المصالح من إيغار صدره ضدى لأهدافهم الخبيثة، التى أحبطها الله سبحانه وتعالى.

المهم، تقدم ياسر بطلبه مع حوالى عشرة من الزملاء الراغبين فى منصب رئيس التحرير.

وكنت مدير التحرير التنفيذى باختيار ياسر نفسه حين تولى مهمته رئيسا للتحرير فى نهاية عصر مبارك. وقد بذلنا مع كافة الزملاء بالجريدة أقصى الجهود لتتصدر «الأخبار» المكانة الأولى بين الصحف القومية والخاصة، منذ ثورة يناير 2011 حتى جاء الإخوان للحكم. لهذا تقدمت رغبة فى الحفاظ على «الأخبار» والعاملين بها، وهويتها وشعبيتها. وأيضا الحفاظ على أسرة الأخبار منذ نشأتها.

أسرة تحرير «الأخبار»

واجهت فى البداية مشكلة امتناع الكتاب الكبار عن أعمدتهم، تفهمت موقفهم الرافض لحكم الإخوان، كانت وجهة نظرى أن القارئ لا ذنب له. كيف تصدر الصحيفة خالية من أعمدة الرأى؟!. سارعت بطلب كتابة أعمدة جديدة من شباب «الأخبار»، الكل سارع وكتب، وصدرت الجريدة كاملة.

ثم عاد الكتاب الكبار إلى أعمدتهم. وللتاريخ أذكر أننى حافظت على كتاب الأخبار ولم استجب لمطالب الإخوان بإنهاء عقودهم. بل قلت لهم: «الكتاب الكبار أعمدة الجريدة، لا يمكن الاستغناء عنهم».

وكان من بينهم الأساتذة «أحمد رجب ومصطفى حسين وجلال دويدار وإبراهيم سعدة وجلال عارف وجمال الغيطانى ومحمد بركات»، بل طلبت من الصديق العزيز رئيس التحرير السابق للأخبار ياسر رزق أن يكتب عمودا يوميا، لكنه فضل التفرغ لجريدة المصرى اليوم. كل ما طلبته من الكتاب البعد عن السب والقذف. وقد أوقعنى الكثير منهم فى تحقيقات النيابة العامة أكثر من مرة.

وأشهد أن مقالة «نص كلمة» للعظيم أحمد رجب وكاريكاتير العظيم مصطفى حسين وكتابات جمال الغيطانى كانت كفيلة برفتى من رئاسة التحرير أكثر من مرة.

وكانوا يشفقون علىّ من جماعة الإخوان. ولم نمنع نشر مقال إلا إذا كان به سب وقذف برأى المستشار القانونى للمؤسسة.

أما الرأى الآخر فحدث ولا حرج، حيث كانت «الأخبار» منبرا لكل الآراء والاتجاهات. كما كانت المانشيتات والموضوعات والصفحات تعبر عن الناس والدولة المصرية. وكانت جلسات مجلس تحرير الأخبار حوارا مفتوحا وصريحا بين الشباب والقيادات الصحفية من دون أية انتماءات سوى للوطن والجريدة.

شباب الأخبار يكتبون

كان من سياستى التوسع فى استكتاب أبناء الأخبار، والدفع بالمواهب من شباب الأخبار إلى الأمام. واليوم نراهم قيادات المؤسسة، وكتابا بارزين. كنت أفضل توفير ما يحصل عليه الكتاب من خارج الجريدة لصالح مكافآت الإجادة والتميز وكانت فى حدود 50 ألف جنيه شهريا. روح الأسرة بين الزملاء بالأخبار كفيلة بإذابة أى تخوف فى العمل، لأنها باختصار أقوى من أى أسرة عائلية عادية.

وأدلل على هذه الروح بما كتبه الزميل العزيز الراحل عبد القادر محمد على فى الأخبار فى زاويته المميزة «صباح النعناع» فى 10 أغسطس 2012 «الفتى الذهبى ياسر رزق سلم الراية لشقيقه الأكبر محمد حسن البنا على مائدة إفطار جميلة جمعت أسرة الأخبار فى صالة التحرير ليواصل مسيرة النجاح والتميز من بعده.

كلهم من نجوم دار أخبار اليوم، تلاميذ العمالقة. دائما ستظل دار أخبار اليوم الدار العريقة تحلق منفردة فى سماء صاحبة الجلالة الصحافة. تتحمل مسئولياتها التاريخية تجاه الوطن والقارئ مهما كانت التضحيات.

وستبقى عزيزة شامخة. لا صحافة نظام ولا حزب ولا حاكم، إنما صحافة لكل المصريين». كما كتب الصديق العزيز فوزى مخيمر مقالا بعنوان «خير خلف لخير سلف». وعاد الكاتب الكبير والزميل العزيز والصديق ممتاز القط إلى الكتابة ببيته الأخبار. وتزينت أعمدة ويوميات ومقالات «الأخبار» بأقلام شبابها ومواهبها من دون تمييز.

هكذا ظلت «الأخبار» لسان حال الشعب ونبض الشارع. تنشر همومه وآلامه ومشكلاته. تتوسع فى نشر ما يهم المواطن، وتهتم بالأزمات التى يواجهها فى الخدمات والمرافق المختلفة، وتهتم بصعوبة الحياة وقسوة الظروف المعيشية. كما كانت مانشيتات الأخبار داعمة لمصالح الوطن العليا، وداعمة للقوات المسلحة والشرطة. وتنبأت الأخبار بخروج الملايين إلى الميادين ضد حكم الإخوان.

أذكر أنه، وقبل ثورة 30 يونية 2013 بأيام تمت دعوة رؤساء التحرير إلى مقر الرئاسة لاجتماع وتقييم للمظاهرات وحركة تمرد. ولما تحدثت ردا على سؤال كم تتوقع من أعداد المتظاهرين؟!.

قلت على الفور سيخرج الملايين من الشعب فى كل محافظات مصر. وكان الرد كالصاعقة عليهم. فقالوا تقديراتنا حوالى 300 ألف أو 500 ألف على أقصى تقدير، وأنهم جاهزون بأضعافهم لوأد المظاهرات.

فكررت لهم كلمتى بل ملايين الشعب ستخرج ضدكم لأنكم لم تستجيبوا لطلباتهم. وأكدت أنا أعمل فى الشارع وليس فى المكتب. ولا أفضل النشر لتقارير تقول: تمام يافندم!.

كما أذكر خناقة على الصبح مع وزير التربية والتعليم الإخوانى، كان ينتقد نشر صرخات أولياء الأمور أمام لجان الثانوية العامة، واهتمام الأخبار بتصوير ما حدث أمام اللجان. قلت له أنا أنشر ما يحدث فى الشارع المصرى. أما أنت فتتلقى تقارير «كله تمام يافندم». وزارنى بمكتبى من يعتذر عما حدث من الوزير. وكتبت صفحة كاملة بعنوان «وزير التربية والتعليم من المدبح».

 وجاء مقالى «هيهات.. هيهات» بالصفحة الأولى بالأخبار فى  25 يونية 2013 كاشفا وصريحا عن مساوئ حكم الإخوان، وتأكيدا لدور الأخبار وصحفييها ضد الإخوان وحكمهم الأسود ومقولتهم الشهيرة «يا نحكمكم يا نقتلكم!». لكن ثقتنا وإيماننا بالله وقواتنا المسلحة وشرطتنا الباسلة وشعبنا العظيم مكنتنا من الحفاظ على مصر، التى اختارت قائدها عبد الفتاح السيسى، بعد فترة انتقالية عشتها مع المستشار المحترم عدلى منصور رئيسا شجاعا لمصر لمدة عام كامل.. ثم استمر عملى مع الرئيس السيسى لحوالى 5 أشهر تقاعدت بعدها فى يونية 2014، لتجاوزى سن الستين!. لكن الحمد لله ابنى وتلميذى النجيب خالد ميرى رئيس التحرير أعاد إلىّ مقالى اليومى، لألتقى مع قراء الأخبار الأعزاء.    

هذه بعض ذكرياتى، التى أود كتابتها فى هذه المناسبة العظيمة.

وإن كان من فضل لموقف الأخبار من الإخوان المجرمين، فإنه يعود إلى توفيق الله سبحانه وتعالى أولا. ثم الزملاء الأعزاء الذين شكلوا كتيبة مقاتلة بالقلم، تواجه جرائم الإخوان تحت اسم «الأخبار» أذكر منها أخى الراحل العظيم مصطفى بلال، والراحل العظيم رضا محمود والقائد الحالى للجريدة خالد ميرى. وأيضا العديد من الزملاء الأعزاء، أرجو أن يقبلوا عذرى لعدم ذكر الأسماء خشية النسيان. 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة