تعبيرية
تعبيرية


الميراث الدامي| سلسلة جرائم بشعة بسبب الميراث

أخبار الحوادث

السبت، 18 يونيو 2022 - 05:30 م

الشرقية - إسلام عبدالخالق 

جحود وغل وحقد دفين.. تلك المشاعر والصفات السيئة التي يحملها عدد من الأشخاص في قلوبهم ويضمرونها قبل أن تخرج في تصرفات جرائمية حين يتعلق الأمر بالميراث؛ يبطشون بأقرب الناس إليهم ويقتلون ويُعذبون ويُهلكون الحرث والنسل، لا لشيء إلا لأن شيطان الدنيا أعمى أعينهم وقتل فيهم الإنسانية قبل أن يُزين لهم حب المال والأرض والإرث دون سواه، وهو ما شهدته محافظة الشرقية في عدد ليس بالقليل من الوقائع التي تُجسد جميعها أسوأ رد فعل قد يفعله الشخص حين يتعلق الأمر بالميراث، وخلال السطور التالية نتناول عددًا من القضايا التي وصلت إلى حد القتل والتعذيب بسبب الطمع والخلافات حول الميراث بين أبناء الدم الواحد.

 

بـ 5 طعنات أنهى «محمد»، الشاب الذي تخطت أعوامه منتصف الثلاثينيات، حياة والده المُسن، وذلك بعدما طمع الابن في ميراث والده وهوَّ لا يزل على قيد التحقيقات، قبل أن يُقدم على قتله والهرب والفرار وسط زراعات قريته المعروفة باسم «عزبة النقطة» التابعة لمركز شرطة منيا القمح، قبل أن تتمكن الأجهزة الأمنية من إلقاء القبض عليه.

 

التحريات أفادت بأن الأب المجني عليه «ربيع السيد» 65 عامًا، قد فارق الحياة جراء 5 طعنات تلقاها في الرقبة والصدر على يد نجله المتهم، فيما تبين أن المجني عليه لديه ست فتيات بخلاف ابنه (المتهم)، وأن الأب كان قد اشترى منزلًا للمتهم وتحمل تكاليف نفقات زواجه، ومنحه في سبيل ذلك قطعة أرض، إلا أن الابن باع الأرض وجزءًا من المنزل، وفور علم والده قرر تقسيم الأرض بينه  وشقيقاته ومنح ملكية الأرض لأبناء نجله حتى لا يبيعها، ما تسبب في مشادة بينهما انتهت بمقتل الأب على يد نجله.

 

قابيل وهابيل.. والسبب شقة

واقعة غريبة أخرى شهدتها قرية الشباروة التابعة لدائرة مركز شرطة ابو حماد، حين أنهى عامل وزوجته حياة شقيقه طعنًا حتى الموت؛ إثر نشوب خلاف بينهما حول نصيب كلٍ منهما في شقة داخل منزل الأسرة في القرية، إذ أفادت التحريات بأن مشاجرة نشبت بين زوجتي المتهمين بسبب الميراث، وانتهى الأمر بالمتهم «عمرو ش أ» 33 عامًا، وزوجته بأن قتلا شقيقه «أ» 29 عامًا، فيما أوضحت التحريات آنذاك بأن الشقيقين قد اختلفا حول أحقية كلٍ منهما في ميراثهما من والدهما.

 

ويوم الواقعة تربص المتهم وزوجته بالمجني عليه، وما أن رآه حتى سدد إليه طعنة نافذة أنهت حياته، فيما جرى ضبط المتهم وزوجته والسلاح المُستخدم في الواقعة.

 

طمع

لم تكُن تدري «نهلة» السيدة التي اقتربت أعوامها من تمام الخمسين من عمرها، أن شقيقها «أحمد» الذي تربى على يديها سيكون بتلك الصفات الشيطانية، وأن شيطان المال والطمع سيعمي عيناه إلى الحد الذي يجعله يشرع في قتلها ودهسها عدة مرات بسيارته بسبب خلافات حول الميراث في قرية «المناجاة الكبرى» التابعة لمركز شرطة الحسينية.

 

المجني عليه اتهمت شقيقها، أمام جهات التحقيق، بالشروع في قتلها ومحاولة دهسها بسيارته عدة مرات لوجود خلافات بينهما سببها الميراث، في الواقعة التي تسببت في إصابتها بجروح وكسور ولاذ شقيقها بالهرب حال تدخل المارة، فيما أكدت «نهلة» على أن صدمتها في شقيقها وطمعه تفوق ما عانته من دهس اسفل عجلات سيارته، فيما جرى ضبط المتهم واتخاذ كافة الإجراءات القانونية.

 

خلافات

الطمع.. كان الوصف والمحرك الرئيسي للمتهم «م ذ ال» العامل ابن مركز فاقوس بمحافظة اشلرقية؛ بعدما أقدمَّ على حرق ابنة شقيقه الطفلة «منة» البالغة من العمر أربع سنوات، لا لشيء إلا لأجل الطمع في الميراث ووجود خلافات بينه وشقيقه (والد الفتاة) بسبب ذلك.

التحريات وأقوال المتهم أمام جهات التحقيق، فور ضبطه، أفادت بوجود خلافات بينه وشقيقه (والد الفتاة) على شجرة في منزل ورث بينهما، قام المتهم على إثرها بإلقاء زجاجة حارقة (مولوتوف) على منزل شقيقه فتصادف سقوط الزجاجة على جسد الطفلة الصغيرة حال محاولتها إنقاذ والدها من الحرق.

 

جحود

بكى أحد القضاة في محكمة الزقازيق، بعد النطق بالحكم على أب يبلغ من العمر 75 عامًا، لصالح نجله، الذي حبسه بإيصال أمانة من أجل تنازل والده عن جميع ممتلكاته له، رغم أن الأب لديه 8 أبناء غيره، وحينها قال القاضي باكيًا، في حديثه للأب فور الحكم: «والله يا حاج ما أعرف إن اللي واقف قدامي ده وعايز يحبسك إنه إبنك».

 

الابن المدعو «السيد» كان قد تقدم برفع دعوى قضائية ضد والده بإيصال أمانة للضغط على أشقائه من أجل التنازل عن ميراثهم، وكانت رغبته حينذاك أن يتنازل والده عن البيت له، فيما وصف أشقاء «السيد» ما جرى ودار بأنه «حيلة وخداع» بعد اتفاق «السيد» مع المحامي دون علمهم، وهو ما تفاجأ به القاضي وبكى عليه بعد علمه بذلك.

 

شقة

أقدمَّ المتهم «ياسر.م.إ» موظف، على إشعال النيران في عمه وشقيقه ونجل شقيقه؛ بسبب خلافات على الميراث، وأثناء محاولة عدد من الأهالي السيطرة على النيران، لقي 5 أشخاص مصرعهم فيما أصيب آخر بحروق بالغة، وتبين وقوع الواقعة بسبب خلافات على شقة (ميراث).

حيثيات القضية التي حملت رقم 44412 جنايات مركز شرطة الزقازيق لسنة 2014، دلت على أن المتهم قد قتل 5 من أقاربه وشرع في قتل السادس بسبب خلافات على الميراث، فيما أحالت المحكمة أوراق المتهم إلى مفتي الديار المصرية لما اقترفته يداه من جُرمٍ وسفك للدماء.

وأنهى سائق حياة نجل شقيقه ذبحًا بالسكين؛ لخلافات على الميراث؛ إذ استقبل مستشفى الزقازيق الجامعي المجني عليه «محمد ع» 21 عامًا، طالب جامعي، مُقيم في منطقة «حسن صالح» التابعة لنطاق ودائرة قسم شرطة ثانٍ الزقازيق، جثة هامدة إثر إصابته بطعنة نافذة في الرقبة (جرح ذبحي).

 

التحريات الأولية أفادت بأن المتهم عم الطالب ويُدعى «ع .م» سائق، قد أنهى حياتها على خلفية خلافات بينهما بسبب الميراث.

 

د‭. ‬مصطفى‭ ‬سعداوي: ‬جريمة‭ ‬عقوبتها‭ ‬الإعدام

محمود‭ ‬صالح

‬ولأن‭ ‬قضايا‭ ‬المواريث‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الشائكة،‭ ‬والتي‭ ‬فيها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجدل‭ ‬القانوني‭ ‬المحيط‭ ‬بها،‭ ‬خصوصًا‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تقترن‭ ‬بالقتل،‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬الدكتور‭ ‬مصطفى‭ ‬سعداوي‭ ‬أستاذ‭ ‬القانون‭ ‬الجنائي‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬دعنا‭ ‬أولا‭ ‬نؤكد‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬قانونية‭ ‬ثابتة‭ ‬لا‭ ‬خلاف‭ ‬فيها،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬القاتل‭ ‬لا‭ ‬يرث،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬تحمل‭ ‬شقين،‭ ‬الشق‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬الميراث‭ ‬وحده،‭ ‬وأمام‭ ‬تلك‭ ‬القضايا‭ ‬حرص‭ ‬المشرع‭ ‬المصري‭ ‬مدعومًا‭ ‬من‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬حجب‭ ‬الميراث‭ ‬والامتناع‭ ‬عن‭ ‬تسليمه‭ ‬جريمة‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيها،‭ ‬لذلك‭ ‬أضاف‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬‮٢٠١٧‬‭ ‬مادة‭ ‬رقم‭ ‬‮٤٩‬‭ ‬لقانون‭ ‬المواريث‭ ‬رقم‭ ‬‮٧٧‬‭ ‬لسنة‭ ‬‮١٩٤٣‬‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬يعاقب‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬امتنع‭ ‬عن‭ ‬تسليم‭ ‬الميراث‭ ‬لأحد‭ ‬الورثة‭ ‬بالحبس‭ ‬من‭ ‬‮٦‬‭ ‬أشهر‭ ‬إلى‭ ‬‮٣‬‭ ‬سنوات،‭ ‬وغرامة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬‮٢٠‬‭ ‬ألف‭ ‬ولا‭ ‬تزيد‭ ‬عن‭ ‬‮١٠٠‬‭ ‬ألف،‭ ‬أو‭ ‬بإحدى‭ ‬هاتين‭ ‬العقوبتين،‭ ‬وأزيدك‭ ‬بأن‭ ‬المشرع‭ ‬المصري‭ ‬لم‭ ‬يكتفِ‭ ‬فقط‭ ‬بتلك‭ ‬العقوبة‭ ‬وحدها‭ ‬على‭ ‬حالة‭ ‬الامتناع‭ ‬عن‭ ‬تسليم‭ ‬الميراث،‭ ‬بل‭ ‬عاقب‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬حجب‭ ‬مستندا‭ ‬يؤكد‭ ‬نصيب‭ ‬الوارث‭ ‬وامتنع‭ ‬عن‭ ‬تسليمه‭ ‬للمحكمة‮»‬

 

وأضاف‭: ‬‮«‬أما‭ ‬الشق‭ ‬الثاني،‭ ‬وهي‭ ‬جرائم‭ ‬القتل‭ ‬التي‭ ‬يكون‭ ‬السبب‭ ‬فيها‭ ‬اختلاف‭ ‬على‭ ‬الميراث،‭ ‬فإنها‭ ‬تخضع‭ ‬لأحكام‭ ‬الجرائم‭ ‬الواقعة‭ ‬على‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬وتلك‭ ‬عمومًا‭ ‬يعاقب‭ ‬عليها‭ ‬وفقا‭ ‬للمادة‭ ‬‮٢٣٤‬‭ ‬فقرة‭ ‬‮١‬‭ ‬بالسجن‭ ‬المؤبد‭ ‬أو‭ ‬السجن‭ ‬المشدد،‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬اقتران‭ ‬جريمة‭ ‬القتل‭ ‬بظروف‭ ‬مشددة‭ ‬مثل‭ ‬سبق‭ ‬الإصرار‭ ‬أو‭ ‬الترصد‭ ‬أو‭ ‬القتل‭ ‬بالسم‭ ‬فإن‭ ‬العقوبة‭ ‬تكون‭ ‬هي‭ ‬الإعدام،‭ ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬المواريث‭ ‬والقتل‭ ‬بسببها‭ ‬فهذا‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬سبق‭ ‬الإصرار،‭ ‬لذلك‭ ‬فالعقوبة‭ ‬هي‭ ‬الإعدام‮»‬‭.‬

د‭. ‬أحمد‭ ‬ربيع‭: ‬آثم‭.. ‬ولا‭ ‬يرث

 

‭‬ تشغل‭ ‬قضايا‭ ‬المواريث‭ ‬حيزًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬خصوصًا‭ ‬وأن‭ ‬بسببها‭ ‬ترتكب‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجرائم؛‭ ‬لذلك‭ ‬حرص‭ ‬الإسلام‭ ‬على‭ ‬ضبطها‭ ‬ضبطًا‭ ‬لا‭ ‬إخلال‭ ‬فيه،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤكده‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬ربيع‭ ‬عميد‭ ‬كلية‭ ‬الدعوى‭ ‬السابق‭ ‬بجامعة‭ ‬الأزهر‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬من‭ ‬المعلوم‭ ‬من‭ ‬الدين‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬تنتقل‭ ‬ملكية‭ ‬التركة‭ ‬إلى‭ ‬الورثة‭ ‬الشرعيين‭ ‬بمجرد‭ ‬وفاة‭ ‬المورث،‭ ‬لذا‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬المال‭ ‬تحت‭ ‬يده‭ ‬أو‭ ‬تصرفه‭ ‬أن‭ ‬يبادر‭ ‬إلى‭ ‬توزيع‭ ‬التركة‭ ‬على‭ ‬أصحابها‭ ‬دون‭ ‬تأخير‭ ‬أو‭ ‬مماطلة،‭ ‬فإن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬عذر‭ ‬قهري‭ ‬لتأجيل‭ ‬توزيع‭ ‬التركة‭ ‬على‭ ‬مستحقيها‭ ‬عقب‭ ‬وفاة‭ ‬المورث‭ ‬فإن‭ ‬الإثم‭ ‬يلحق‭ ‬بمن‭ ‬يؤخر‭ ‬إيصال‭ ‬الحقوق‭ ‬إلى‭ ‬أصحابها‭ ‬ويعتبر‭ ‬غاصبا‭ ‬لمال‭ ‬غيره‮»‬‭.‬

وأضاف‭: ‬والإسلام‭ ‬كما‭ ‬إنه‭ ‬يحرم‭ ‬أكل‭ ‬الحقوق‭ ‬فإنه‭ ‬أيضًا‭ ‬يحرم‭ ‬القتل‭ ‬ويعد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الكبائر،‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬خلاف‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬القاتل‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬متسلحًا‭ ‬بذريعة‭ ‬الإرث‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬آثم،‭ ‬واستخدم‭ ‬حقا‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يرتكب‭ ‬جريمة‭ ‬بشعة‭ ‬نكراء‮»‬‭.‬

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة