تدريب الأطفال  على الوقوف أمام الكاميرا
تدريب الأطفال على الوقوف أمام الكاميرا


كنوز الأميرة l تعرف على حكاية أول كورال مصري من الأطفال

آخر ساعة

الأحد، 19 يونيو 2022 - 06:16 م

 

قراءة: أحمد الجمَّال

هى حكاية تروى بواكير الاهتمام بفن الكورال المكون من الأطفال فى مصر.. وهى أيضًا رحلة كفاحٍ خاضتها مغنية الأوبرا العالمية الدكتورة رتيبة الحفنى (1931-2013) لتشكيل هذا الفريق الأول من نوعه فى بلدنا، ورغم ما واجهته من صعوبات خرج الكورال إلى النور، وأبدع فى الغناء بعدة لغات، بل وقام أعضاؤه الصغار ببطولة فيلم تلفزيونى مصرى مأخوذة قصته عن عمل ألمانى شهير.. التفاصيل وردت فى آخرساعة قبل 57 عامًا ونعيد نشرها بتصرف محدود فى السطور التالية:-

 

يتم الآن فى استوديو مصر إنتاج أول فيلم من نوعه. إن كل أبطاله من الأطفال، وتتولى إخراج العمل فنانة ألمانية، وبإعداد هذا الفيلم نكون قد أنتجنا أول فيلم من نوعه فى بلادنا يقوم ببطولته أبطال فرقة كورال الأطفال! ويعد ذلك حدثًا فنيًا، لأنه حتى السينما لم يسبق لها أن اهتمت بمثل هذا المشروع. أما أبطال الفيلم من الصغار فكلهم من أعضاء افريق كورال أطفال القاهرةب الذى لم يمضِ على إنشائه ثلاث سنوات بعد.

 

وقصة الفيلم واسمها هانزل وجريتل وهى من الألمانية، تحكى أن رجلًا وزوجته كانا فقيرين يخرجان طوال نهار كل يوم ليبيعا المكانس ويعودا فى آخر النهار بقوت طفليهما هانزل (ولد) وجريتل (بنت)، وذات يوم عاد الوالدان بدون أن يبيعا شيئًا، وكان الطفلان فى انتظارهما يتلمسان عودتهما لأنهما كانا فى شدة الجوع وليس فى بيتهما شىء يقتاتان به.. وأمام الأمر الواقع ينام الطفلان بلا طعام.

 

وقبل أن يداعب الكرى جفنى الطفلين تجيء فكرة لهانزل، فيقترح فى منتصف الليل على شقيقته وهى أصغر منه سنًا أن يخرجا على ضوء القمر للغابة ليجمعا منها فراولة ونبات عش الغراب، وأخذا معهما سلتين واخترقا الغابة، وأخذا يجمعان فى الفراولة وعش الغراب، وبعد السير الطويل فى الغابة جلسا يستريحان، فناما.. وكان بالقرب من مكانهما بيت الساحرة التى أرسلت جنياتها لتضلل عليهما الطريق، فقد كان هانزل يضع فى الطريق طوبًا منذ خروجهما من البيت كعلامة للسير حتى لا يضلا طريق العودة للبيت، وأخذت الجنيّات تلتقط الطوب وتضعه كعلامة تحوِّل طريقهما إلى بيت الساحرة.

 

ويجذب الطفلين الضوء الشديد الذى انبعث من بيت الساحرة فيسيران إليه ويجدان أن هذا البيت مصنوعاً من البسكويت والسكر والحلوى، فيحومان حوله وتغريهما الحلوى على الأكل منها، وهنا تظهر الساحرة التى سرعان ما تختطف الطفلين وتحبس هانزل فى قفص وتحاول تغذيته حتى يصبح سمينًا، ثم تطلب من جريتل أن توقد الفرن حتى تضع هانزل بداخله لشيه.. وبإيحاء من هانزل لشقيقته تتصنع البلاهة وتظهر عجزها عن إيقاده، فتدخل الساحرة رأسها فى الفرن لمحاولة إشعاله فتدفعها جريتل إلى داخله وتشوى الساحرة، ويخرج هانزل من القفص ويلتقيان بوالديهما وأهل البلد الذين خرجوا للبحث عنهما فى الغابة، ويكون هانزل وجريتل قد حملا معهما من بيت الساحرة ذهبًا وجواهر نفيسة.

 

قصة كفاح

ووراء تكوين فريق كورال الأطفال قصة كفاح سيدة فنانة نحنى لها هاماتنا إجلالًا لما حققته من نجاح لأول مشروع ثقافى لأطفالنا.. فأحلى مذاق لهذه الدنيا أن نرى أطفالنا وقد نشأوا منذ نعومة أظفارهم، وشبوا عن الطوق على مستوى ثقافى فنى  رفيع، وحتى يومنا هذا لم نسمع عن أى جهاز من الأجهزة التى بيدها أن تصنع شيئًا للطفولة، وقد اهتمت بها كما اهتمت محافظة القاهرة بشأنها عندما التقطت أول  مشروع للأطفال وتبنته ونجح.. وكان لهذا النجاح ثمنه بعد أن تعبت فى بادئ الأمر صاحبته، وهى تطرق عددًا من أبواب الجهات الفنية المسئولة، فلا تجد لصوتها أى صدى.

 

وكان هذا المشروع هو تكوين أول فرقة كورال للأطفال.. أما صاحبته فهى الفنانة المعروفة رتيبة الحفنى، فقد كانت فى بعثة لألمانيا سنة 1955 لدراسة فن الغناء، وطرق التدريب على قيادة الكورال.. كورال الأطفال.. وهى الوحيدة فى بلدنا التى أُهِلّت لهذا العمل، ووجدت رتيبة نفسها متجاوبة تجاوبًا كبيرًا مع الأطفال الألمان الذين كانت تتدرب على قيادتهم، ما جعلها تحب هذا العمل.. وتمنت من أعماقها أن تحقق لبلدها تكوين أول فريق للكورال من أطفالنا، وهو من المشروعات الثقافية التى تتميز بها البلاد المتقدمة التى تتعدد فيها مثل هذه الفرق.

وبعد أن عادت رتيبة الحفنى لمصر كانت متحمسة لهذه الفكرة، وظنت أن الطريق  سيكون مفروشًا لها بالورود، وأن أكثر من مسئول سيتجاوب معها لتنفيذ هذه الفكرة الرائعة. وكان من الطبيعى أن تلجأ أولًا إلى معهد أنشئ على أسلوب علمى عالمى، وهو المعهد القومى العالمى للموسيقى (الكونسرفتوار)، فذهبت إلى عميده السابق المرحوم أبوبكر خيرت الذى لم يتجاوب مع المشروع، بل أجّله إلى حين.. وباختصار لجأت للمعاهد الموسيقية المختلفة الخاصة والعامة، وأخيرًا لجأت لدار الأوبرا بصفتها متبنية مشروع فرقة كورال أوبرا القاهرة للكبار، وكافحت مع كل هؤلاء بدون أى صدى لهذا الكفاح!

تحلم بالمشروع

ونامت الفكرة، إلا أن رتيبة لم تنم بل ظلت تحلم بتحقيق المشروع بطريقة أو بأخرى. وفى أحد مواسم إحدى فرق الأوبرا اليوغوسلافية، التى كانت تعمل منذ أربع سنوات على مسرح دار الأوبرا، احتاجت الفرقة لعدد من الأطفال المصريين ليشتركوا معها فى غنائية جماعية قصيرة.. وظهرت من بين الأطفال خلال ذلك عناصر مجيدة، إلا أنها كانت واضحة التقمص وتحتاج للتعليم والصقل.

أخيرا انتصرت

وبدأت رتيبة تحن من جديد لتنفيذ فكرتها، وأعادت الكَرة بعرض المشروع مع تخطيط له على المسئولين، وللمرة الثانية لم توفق.. وسرعان ما انضم للعمل من أجل نجاح المشروع بثينـــة فـــريــد وكيلـــة معهـــد التربية العالى للموسيقى وأحمد عبيد المايسترو المعروف وزوج صاحبة المشروع.

 

وكانت أول سنة عبارة عن تأسيس للفرقة واختيار العناصر الصالحة لتعليمها وتدريبها، وتم اختيار 30 طفلًا وطفلة من حوالى 300 طفل وصل عددهم الآن إلى 100 من الجنسين.

 

والحديث مع رتيبة الحفنى عن الأطفال شائق وممتع، ولأنها تحبهم وتعشق مشروعها معهم فإنها لا تمل التحدث عنهم، فهى تقول إنها عقدت اجتماعات مع بثينة فريد وأحمد عبيد لتخطيط منهج التعليم الذى لم يكن مجرد تدريب على الغناء فقط بل يشمل أيضًا مواد أخرى كقواعد الموسيقى العامة والصولفيج وتاريخ الموسيقى وتذوقها.. كان ذلك فى السنة الأولى، وفى السنة الثانية بدأوا فى عمل حفلات فى حدود ضيقة كأندية الشباب وغيرها من المجالات المحدودة.

 

وفى هذا العام قدموا أول حفلة ناجحة فى قاعة الاحتفالات الكبرى بمحافظة القاهرة. وقالت رتيبة الحفنى: إن الطريف أنه رغم قصر الفترة منذ بدء تكوين فريق كورال الأطفال، فإنهم أظهروا ذكاءً نادرًا، فهم يتغنون بأكثر من عشر لغات منها الصينية والهندية والألمانية واليوغوسلافية والروسية والنمساوية، بالإضافة إلى الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والإسبانية.

 

وبطبيعة الحال تعتبر اللغة العربية هى الأساس الأول فى تعليم الغناء مع الاهتمام بالأغانى الشعبية حتى يصلوا فى النهاية إلى نشر هذه الأغانى بأسلوب وتوزيع بسيط.. والهدف من ذلك خلق غناء شعبى يمكن أن نعبِّر عنه فى المجالات العالمية، كالمهرجانات العالمية، خصوصًا أن طلبة البعثات كثيرًا ما يلتقون فى حفلات مع أبناء البلاد التى يدرسون فيها ويُطلب منهم تقديم أغانيهم الشعبية المميزة.

 

وكانت الصعوبة التى واجهت القائمين على المشروع هى عدم وجود الموسيقى الذى يهتم بموسيقى الأطفال على مستوى علمى. ولم تدم هذه هذه الحالة، فقد تقدم البعض لتلحين هذه الأغانى منهم عواطف عبدالكريم المدرسة بالمعهد العالى  للموسيقى، التى درست التأليف والموسيقى فى الخارج، فلعبت دورًا كبيرًا فى مجال كورال الأطفال.

 

وبدأت رتيبة تعد العدة لتقديم قصة كأوبريت، وكانت قد جاءت معها من ألمانيا رواية هى اهانزل وجريتلب، وعرّبّت القصة تمهيدًا لتقديمها على المسرح.. وعندما علمت ألمانيا الديموقراطية بهذا المشروع طلبوا من التلفزيون العربى أن يصوِّرها كفيلم على أن يكون ضمن برامج التبادل الثقافى بيننا وبينهم.

(اآخرساعة 15 سبتمبر 1965)

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة