الدراما التلفزيونية و المنصات وقنوات اليوتيوب
الدراما التلفزيونية و المنصات وقنوات اليوتيوب


النقاد: المنصات وقنوات اليوتيوب.. التطور الطبيعي للدراما التلفزيونية

أخبار النجوم

الأحد، 19 يونيو 2022 - 06:19 م

كتبت: ريزان العرباوي

مع تعدد وسائط الإعلام المرئي ومنافذ عرض المحتوى الدرامي، سواء من خلال المنصات الرقمية أو يوتيوب, تلك الوسائط التي تتمرد على الشروط الإنتاجية والرقابية, فتوفر لصناع الدراما مزيدا من الحرية والتحرر من قيود وأجندات القنوات الخاصة، وبتكلفة إنتاجية أقل, كما أنها تتيح للجمهور حرية الاختيار والعرض وقت الطلب, وفي ظل هذا التطور المستمر والمميزات التي توفرها الوسائط الرقمية, هل ستصبح الدراما التقليدية إلى زوال؟، أم سيتم تأسيس مفاهيم جديدة في صناعة المحتوى الترفيهي ليتطور وفقا لقواعد المشاهدة الجديدة؟، وهل من الممكن أن تنجح الدراما المستقلة في فرض وجودها على الشاشات الكبرى وشركات الإنتاج؟.. أسئلة تم الإجابة عليها خلال السطور التالية..

 

في الوقت الذي تستقطب فيه المنصات الرقمية كبار النجوم وصناع الفن, والذي أثر بشكل ملحوظ على نسبة الإنتاج الدرامي لصالح القنوات الفضائية, نجد منفذ آخر يستقطب جيل الشباب لتقديم نوع مختلف من الدراما تسمى “الدراما المستقلة”، واختاروا تقديم محتواهم الفني المختلف الغير التقليدي عبر الإنترنت و”يوتيوب” بعيدا عن هيمنة شركات الإنتاج وأجندات الفضائيات, معتمدين على جهود ذاتية في الإنتاج وبتكلفة مخفضة, وكان آخر تلك الأعمال والذي حقق صدى كبير لدى فئة معينة من متابعي “يوتيوب”, مسلسل “نسر السين”، وهو بطولة مجموعة من الشباب من خريجي معهد السينما، منهم محمد عمدة, محمد مداح, أحمد بدران, أحمد فاضل وأحمد هاني، وإخراج كريم مرتضى وكريم الألفي. 

 

ويقدم المسلسل نمطا جديدا من الأعمال الدرامية, حيث ينتمي  إلى الدراما الوثائقية التي يعاد فيها تصوير مشاهد وأحداث حقيقية بطريقة درامية, كما يعتمد على الكوميديا الساخرة, ويتكون من 5 حلقات فقط تعرض على فترات متباعدة، وتتراوح مدة الحلقة من 8 إلى 13 دقيقة, ويحكي عن الشاب عمدة الذي يبحث عن فرصة للنجومية في عالم الراب.

 

وخلال شهر رمضان الماضي, نجح مسلسل “لايف شو” للمخرج محمد جمال الحديني، أن يحقق نجاحا ملحوظا عبر قناة “يوتيوب”, والمسلسل من بطولة مجموعة شباب فرقة “1980 وأنت طالع”، ومن بينهم, حاتم صلاح وعلي حميدة وسالي سعيد، التي شاركت مع مخرج العمل في إنتاجه, والذي حقق أيضا صدى جيد وتفاعل من الجمهور.

 

وحول مردود نجاح تلك التجارب على الدراما التقليدية وقدرة المنصات وقنوات “يوتيوب” على جذب الجمهوروكذلك صناع الفن لما توفره من حرية دون قيود وضمن ميزانية محدودة.

 

ظاهرة صحية

يقول المخرج داوود عبد السيد عن زيادة صناعة الدراما على المنصات و”يوتيوب”: “أي سوق جديد قد يؤثر بشكل ما على الوسائل التقليدية، لكن دون أن تندثر, فكل وسيلة إعلامية جديدة تظهر لا تعني القضاء على القديمة, خاصة أنها تضطر لإيجاد طريقة ما للتكيف والتأقلم من أجل الاستمرارية, فهي أعمال وجدت طريقا بعيدا عن الرقابة ونظم الإنتاج الاحتكاري, أضف إلى ذلك التكاليف الإنتاجية المنخفضة، مما ساهم في تنامي سوق جديد للدراما، وهي ظاهرة صحية قد تدعو المنتجين لتغير نظرتهم لشكل الدراما المعتاد وتطبيعها وفقا لقواعد المشاهدة التي تميل أكثر للسرعة والتقليل من مدة العرض, وأنا مع حرية الإنتاج وحرية المحتوى وأي تجارب تكون بمثابة أحجار لتحريك المياه الراكدة وتأسيس مفاهيم جديدة في الصناعة, فهي باكورة إنتاج إلى حين لفت انتباه المنتجين لهذه النوعية, لكن هناك نقطة مهمة وهي أن المنصات لا تتيح الحرية بمفهومها الشامل، إنما تسعى لتطبق سياسات معينة وتحكمها أجندات خاصة, لذلك لا أعتبر المنصات هي الملاذ أو الإنقاذ لمن يبحث عن حرية الإبداع دون سقف, وبالرغم من ذلك نجحت المنصات في خلق سوق جديد يجتذب مشاهد من مشاهدي التلفزيون, لكن يبقى التلفزيون له مشاهد في توقيتات معينة, لأنه بات جزءا من طريقة ممارسة الحياة, فلن يختفي تماما, نظرا لتقديمه خدمات إخبارية مميزة عن المنصات, تتمثل في تغطية الأحداث المهمة وبرامج التوك شو, بعكس المنصات التي توفر للمشاهد حرية اختيار المادة المفضلة له أينما وجد وفي أي وقت”.

 

ويضيف داوود: “بالنسبة لتجارب (يوتيوب) فقد تجردت من معطيات السوق الفني وشروطه وحسابات النجوم ليفسح المجال للشباب والمواهب الصاعدة, وفتح آفاق لأفكار وأطر جديدة غير مستهلكة”.

الحاجة أم الاختراع

وأشار المنتج والمخرج أحمد نور, إلى أن ثقافة المشاهد تشهد تطورا ملحوظا بين الحين والآخر، موضحا أن الفضائيات كانت تعد التطور الطبيعي للقنوات الأرضية, ثم ظهر موقع “يوتيوب” الذي سحب البساط من تحت أقدام الفضائيات, تلى ذلك انتشار المنصات الرقمية التي جذبت اهتمام المشاهدين والصناع, ويقول: “الحاجة أم الاختراع وشركات الإنتاج تبحث عن الجديد، لكن السوق بآلياته القديمة لم يوفر مزيدا من البراح, لتصبح المنصات الرقمية وقنوات (يوتيوب) هي الملجأ, وطبعا هي مخاطرة للمنتج، حتى ولو كانت التكلفة الإنتاجية محدودة، لأن إيرادات (يوتيوب) ضعيفة جدا, إلا أنها محاولات لإثبات حالة وتحقيق النجاح المطلوب لجذب الأنظار إليهم، فهي قد تكون خطوة لتخطي الصعب”.

 

ويتابع: “تعد المنصات الرقمية التطور الطبيعي لمستقبل وسائل الإعلام المرئيةن وتسهم في تغيير شكل الدراما، وهذا التغيير الذي يتحلى بمزيد من الحرية والانفتاح على الثقافات الغربية يفرض على المشاهدين ضرورة تحليل الموقف وإعمال العقل جيدا, من أجل انتقاء المحتوى المناسب مع مراعاة الحفاظ على القيم المجتمعية ما يؤهله للتعامل الجيد مع المنصات, لكن هذا التغيير لن يصل لمرحلة إلغاء متابعة الجمهور للتلفزيون لسببين, هما متابعة الرياضة والقنوات الإخبارية”.

 

ويضيف: “سيظل محتوى (يوتيوب) خاص به فقط لا يتناسب مع طبيعة العرض التلفزيوني, فليس معنى أنه حقق نجاح وصدى جماهيرى كبير أنه بالتبعية سيحقق نفس النجاح على التلفزيون بنفس الشكل ونفس التوليفة الفنية, فمن أهداف الفضائيات جذب أكبر عدد من المعلنين وبدرهم يبحثون عن أسماء النجوم اللامعة، وبالتالي محتوى (يوتيوب) لا يتناسب أيضا مع المنصات التي تعتمد على الاشتراكات واستقطاب نجوم الصف الأول كأدة جذب لزيادة عدد المشتركين”.

 

وعي وحصانة

وتقول الناقدة خيرية البشلاوي: “كلما تعددت النوافذ أو وسائط عرض الأعمال الفنية, كلما كان ذلك في صالح الدراما ومكسب لها, لأنه يخلق نوع من التنافس الذي يصب في صالح الدراما, فتعدد الوسائط من وجهة نظري لن يؤذي الدراما التقليدية أو يؤثر عليها، بل بالعكس، هو مكسب في حد ذاته, وحتمية يفرضها الوقت والتطور, وأمام هذا التطور والانفتاح الذي يتيح مساحات كبيرة من الحريات نحتاج أن يتسلح المتلقي بالوعي الكافي الذي يؤهله لانتقاء الجيد، ويكون بمثابة حصانة ضد الأفكار الدخيلة التي يروج لها صناع الدراما الموجهين, ولكي نرتقي بالذائقة الفنية، لابد أن نرتقي في المقابل بالوعي العالي, حتى لا تؤثر تلك الأعمال سواء كانت مسفة في أفكارها أو موجهة تروج لأهداف بعينها وبشكل جميل وجذاب, فمن المعروف أن الجمهور المصري أو العربي مستهدف من قوى خارجية فشلت في هزيمته عسكريا، فتحاول أن تهزمه فكريا، حتى تتفكك الشخصية العربية وتكون سهلة الاستقطاب على كل المستويات، بما فيها الاستقطاب على مستوى الترفيه, فالرقابة هي التي إلى زوال الآن، وليس الدراما التقليدية التي ستحاول أن تطور من نفسها لتتكيف مع معطيات العصر الحديث، والرقابة الحقيقة هي ضمير ووعي المتلقي, لذلك لابد من الاهتمام بروافد التعيلم والثقافة المختلفة”.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة