عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

نهيق الأوغاد!

عمرو الديب

الأحد، 19 يونيو 2022 - 08:41 م

جميلة ليس لحسنها شبيه، نبيلة لا نعرف لأصالتها مثيلا.. خصبة إلى حدود مذهلة، ثرية لا يضاهى غناها مكافئ، ولا يطاول رقيها، ند أو نظير وطيعة إلى درجة عجيبة لا تضن عن الملتمس من شجراتها بثمرة، مهما سمت، وعلت فهى تلقى على اللائذين بظلها ما لذ وطاب، وروى وأشبع من الثمار الناضجة اليانعة، ولا تبخل على المتطلعين إليها بما يطلبونه أو يرجونه،

ولكن بعض المنتسبين إلى أوطانها للأسف يستخفون بها، ويسخرون من رقيها، ويمزقون فروعها الباذخة، ويقطعون أغصانها الغضة، ويلتمسون الثمار بعيدا عن حدائقها، ولأن المتهجمين عليها، المتنكرين لها من عشاق الانحطاط، والمغرمين بالحضيض يهجرون الجميلة إلى غيرها من الشقراوات، ويستظلون  بأشجار عارية من الأغصان والظلال والأوراق، فيبدو المشهد هزليا أقرب إلى المأساة، أو قل أدنى إلى عروض العبث،

فالعربية الجميلة عبرت العصور والقرون من قديم، ولما تفقد خصوبتها، أو نضارتها، وبدت لكل قرن، بل لكل جيل العين الصافية التى لا ينضب ماؤها أبدا، ولا ينطفئ بريقها يوما، ولكن مع إعصار العولمة التى تعد واحدة من كبريات الأكاذيب التى ضربت ساحة الإنسانية على مر عصورها، ظهر بيننا من يكره جلدته، ويبغض عروبته ويتنصل من جذوره ويتنكر لأصوله يجحد هويته ويهرب من انتماءاته، وقد ابتلينا بهؤلاء واصطدمنا بوجودهم بين ظهرانينا، وشقينا بسلوكهم الشائن، وممارساتهم الدنيئة ومنها احتقار اللسان العربي، باعتباره  شيئا باليا، حان أوان هجرانه وانقلبت ألسنتهم ترطن بالمنحط من الكلام الذى يخلط بين مفردات من لغات مختلفة إلى جانب ألفاظ سوقية منحدرة،

وأخرى مصطنعة مفتعلة لا أصل لها فى أية لغة حتى فى اللهجات الدارجة للبلدان العربية، وللأسف انتشر فى أفقنا المبتلى ذلك الهجين القبيح، والخليط الدميم، وأضحى كالسم الذى تتجرعه الأجيال الصاعدة رغم أنفها، فقد تسلل هذا المسخ اللسانى إلى الواجهات، واقتحم الشاشات، وتمدد على مايسمى بمواقع التواصل الاجتماعى التى كرست هذه الظاهرة البشعة، ورسخت للانحطاط اللغوى والتسمم اللساني، والنهيق البشرى القبيح، ويبدو أن الغرض الدنئ كان هو اغتيال الفصحى، واللهجات المتفرعة عنها، وتحمل روحها وبعض نبلها، ورقيها كالعامية المصرية مثلا، وللأسف لا نزال إلى الآن غير منتبهين إلى خطورة ضرب اللسان، واغتيال العربية.. أعرق لغات الدنيا وأجمل ألسنة العالم.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة