د. سمير فرج
د. سمير فرج


فى أروقة السياسة

وســط البـــلد

أخبار اليوم

الجمعة، 24 يونيو 2022 - 06:53 م

أنا من أبناء ذلك الجيل الذى جاء إلى القاهرة، فانبهر بدرة تاجها، منطقة وسط البلد، التى كانت تضم أكبر وأرقى المحلات التجارية، والمطاعم والمقاهي، ودور السينما والمسرح، والتى وإن تواضع حجمها، لم يتأثر رقيها. ومرت الأيام وأصبحت من سكان حى مصر الجديدة، فابتعدت تدريجياً عن منطقة وسط البلد، وإن لم أنقطع عنها، فشهدت، بحزن، التدهور الذى طال مبانيها، ومتاجرها، وشوارعها، حتى كنت، فى الأسبوع الماضي، فى زيارة لأحد الاقارب بها، فانبهرت بما لمسته بعين من تطوير؛ لقد أعادت الدولة لوسط البلد رونقه وجماله، بأن أعادت ترميم مبانيه الجميلة، فى المنطقة المعروفة بالقاهرة الخديوية، التى تمتد من كوبرى قصر النيل حتى منطقة العتبة.

كان الخديوى إسماعيل، حاكم مصر، قد زار باريس عام 1867، فأبهره معمارها، وطلب من الإمبراطور نابليون الثالث، حينئذ، أن يكلف المهندس الفرنسى هوسمان، الذى خطط باريس، لتخطيط منطقة القاهرة الخديوية، فكان ذلك العصر الذهبى للعمارة، على الطراز الكلاسيكي، وتم تخطيط الشوارع بصورة غاية فى الروعة، حتى بمقاييس عصرنا الحالي، ولم يخل التخطيط من الاهتمام بتشجير المنطقة، ووضع اللمسات الجمالية، ولأن الخديوى إسماعيل استهدف أن تكون القاهرة منارة العالم للثقافة، فقد أنشأ دار الأوبرا بميدان العتبة.

وكانت القاهرة الخديوية أهم المشاريع المعمارية فى القرن التاسع عشر، تم الاستعانة فيها بمهندسين بلجيكيين وفرنسيين وألمان، فشيد كل منهم عمارته، وفقاً لمدرسته الفنية، فكانت الطرازات تنافس أكبر مدن أوروبا، حتى سُميت القاهرة، حينها، «باريس الشرق». ونظراً لمنهجية البناء، فقد ظلت هذه الطرازات صامدة، حتى يومنا هذا، رغم التدهور، حتى بدأت الدولة فى تنفيذ خطتها لصيانة تلك المباني، وإعادتها لما كانت عليه، ليستعيد قلب القاهرة رونقه وجماله.
إن تلك المبانى هى أثار عصرنا الحديث، لما لها من قيمة فنية عالمية، وهو ما كان الدافع وراء الصحوة المصرية للحفاظ على كنوزها التاريخية، والتى بدأت منذ عدة أعوام بتطوير قصر عابدين، وباقى القصور الملكية، مثل قصر القبة، وقصور السلاملك ورأس التين بالإسكندرية، واليوم نستكمل المسيرة بتطوير القاهرة الخديوية، التى أتمنى أن تمتد إلى باقى مناطق القاهرة، وباقى محافظات مصر التى تضم أجمل الثروات الفنية والمعمارية، عبر التاريخ، خاصة ما تحول منها إلى فنادق ليس لها مثيل فى العالم، مثل فندق كتاركت فى أسوان، وونتر بالاس فى الأقصر، ومينا هاوس فى منطقة الأهرامات، التى تشهد حالياً طفرة، ليعود لمصر رونقها المُستحق.
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة