عمرو الخياط
عمرو الخياط


نقطة فوق حرف ساخن

حـوار مـن أجـل الـوطـن

عمرو الخياط

الجمعة، 24 يونيو 2022 - 08:31 م

يعرف الحوار لغوياً بأنه محادثة لفظية بين طرفين أو أكثر، من أجل تبادل الأفكار والآراء والمناقشات، لتحقيق هدفه الأساسى وهو إنشاء نقطة اتصال جيدة بين الأطراف والتوصل إلى أسلوب رشيد لإدارة الاختلاف من أجل تحقيق مصلحة مجتمعية عامة.

عادة ما تكون المبادرة بالدعوة للحوار نابعة من مركز قوة لمن يمتلك أدواته ويسيطر عليها، بل ولديه رغبة حقيقية فى التواصل مع الأطراف المتعددة من أجل الوصول إلى صورة أكثر وضوحاً لمحيطه السياسى والاقتصادى والمجتمعى.

وفى كل مرة تحتاج الدعوات إلى الحوار لإرادة سياسية جادة لضمان المشاركة الفاعلة المطمئنة المتجهة نحو مسارات محددة للوصول إلى رؤى محددة.


 

من هذا المنطلق وعلى أرضية وطن يسع الجميع أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى الدعوة للحوار الوطنى خلال شهر رمضان الماضى وسرعان ما تحولت الدعوة الرئاسية إلى تكليف وطنى حال واجب النفاذ، تلقته الأكاديمية الوطنية للتدريب كمنظم أمين لتفاصيل الحوار ومشرفا على بنيته الإدارية التى تضمن جودة التنفيذ دون تدخل أو وصاية على التفاصيل أو الملفات.

لم تمر أيام قليلة حتى انطلقت الدعوات الكثيفة لكافة الأحزاب والنقابات والشخصيات العامة وقادة وصناع الرأى من أجل المساهمة بمقترحاتهم ورؤاهم كرصيد سياسى وفكرى فى بنك الأفكار الذى ستودع فيه مسودات المناقشات الجادة التى ينبغى أن تتوصل إلى حالة عملية قادرة على تحويل الاختلاف إلى نوع من الاثراء والتنوع وليس نوعاً من الشقاق والتباعد أو التنابذ السياسى.

الأعمال بالنيات والحوارات بالنوايا، فإذا كانت الدولة على المستوى الرئاسى قد عبرت عمليا عن صدق نواياها من خلال الإجراءات الجادة المتتابعة، ومن خلال التوسيع الممنهج لأطراف الحوار بهدف خلق حالة انفتاح سياسى حقيقى، فإن المدعوين للحوار عليهم أن يدركوا جيدا الثوابت التالية:

إن الدعوة للحوار مركز قوة لنظام سياسى منتخب دستورياً ولا يمكن أن تعبر عن نظام منضغط ومترقب مما دفعه للحوار كإجراء دفاعى استباقى كما يروج البعض.

إن الحوار سيتم بين الأطراف المختلفة مع سلطة حكم سياسى لها شرعية دستورية وجاءت بقوة القانون، وليست سلطة احتلال سياسى جاءت بقانون القوة.

إن آداب ذلك الحوار تفرض تحوله إلى مناقشات جادة وليس لمساومات لحظية لتحقيق انتصارات سياسية قصيرة المدى ومحدودة التأثير.

إن أطراف الحوار ستلتقى على أرضية وطنية مشتركة وليست سجالاً بين ما يسمى بمعسكر ٣٠ يونيو فى مواجهة معسكر ٢٥ يناير.

إن أصول النقد البناء تفرض وجود تصورات موضوعية لإنجاز أفضل فى ظل الامكانيات المتواجدة بالفعل.

استناداً لهذه المبادئ فإن نجاح الحوار يتوقف على وعى عام لجميع الأطراف بأهميته وأهدافه واستراتيجيته، على أن تضع النخبة المشاركة فى حسبانها أن ما سيتم تقديمه سيكون قدوة لأجيال ناشئة أو سيتحول لفقدان ثقة بعيد المدى.

إذا كانت النوايا حسنة فلنلتف جميعا حول لحظة توحد مهولة كانت قد حدثت بالفعل، ولكن الشقاق والإهمال أفقدنا الإرادة القومية لاستثمارها، فلنعد جميعاً إلى بيان الثالث من يوليو عام ٢٠١٣ عندما وقف وزير الدفاع آنذاك عبدالفتاح السيسى مستعرضاً خطوات خارطة طريق وطنية تم تنفيذ بعض استحقاقاتها وحالت موجات الإرهاب الضارية دون استكمال بعضها، والآن وبعد أن تجاوزت الدولة مرحلة تثبيت الأركان، علينا أن نعود جميعاً للتوحد حول بنود خارطة الطريق التى شملت دعوات صريحة للمصالحة مع الأطراف الوطنية، كما شملت الدعوة لتمكين الشباب ودمجه فى كافة مؤسسات الدولة، وهى بنود تفرض على شيوخ السياسة الذين سيشاركون فى الحوار أن تكون لديهم إرادة ورؤية لتمكين الشباب المنتمى لتياراتهم الفكرية من حمل راية المعارضة الوطنية.

لقد كانت الدعوة الرئاسية للحوار الوطنى نابعة من إرادة حقيقية لتوحيد صناع ثورة الدولة المصرية فى ٣٠ يونيو، ليس هذا معناه استعلاء ثوريا على ما حدث فى ٢٥ يناير، إنما تصحيح لمسارات قد تكون انحرفت قسرا، فجاءت إرادة الجموع لتصحيح تلك الانحرافات ثم أكدتها بإقرار دستور ٢٠١٤ الذى تعد ديباجته وثيقة وطنية تقر بمعانى ما جرى فى الخامس والعشرين من يناير بل وتحصنها دستوريا من شوائب العبث والغدر الإخوانى المقيت.

على أرضية مشتركة يحب أن ينطلق الحوار مؤمنا بأنه إذا كانت ٢٥ يناير ثورة كاشفة للحالة، فإن ٣٠ يونيو هى الثورة المتممة والمعالجة لما تم كشفه.
نحن الآن مدعوون جميعا إلى كلمة سواء، مدعوون للحظة توحد حتمية من أجل ترميم ما قد يكون حدث من شروخ فى جدران الإرادة الوطنية بفعل الآثار الجانبية لأفعال ثورية متلاحقة فرضت نفسها على الدولة المصرية غصبا أو إنقاذا، نحن مدعوون لإدارة مكتسبات ثورتنا قبل أن نصبح عاجزين عن إدارة مضاعفات فوضاها غير الخلاقة.

تعالوا إلى كلمة سواء وانبذوا نوايا السوء، ساووا الصفوف وسدوا الفرج وتوحدوا يرحمكم الله.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة