عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

«السقا» يخلد «الفارس»!

عمرو الديب

الأحد، 26 يونيو 2022 - 09:31 م

بدا بقامته المديدة، وجسده الفاره، وقوامه الممشوق، وقسماته العذبة، كأحد فرسان العصور الوسطى النبلاء، وحملت إلينا الصور القديمة التى يظهر فيها ببزته العسكرية طابع تلك العصور السابحة فى محيطات الرومانسية، لذا لم يكن بمستغرب أن يجنح قارب صاحبنا - وهو يتمايل على أمواج الكلمات - إلى شواطئ المشاعر الإنسانية الدافئة والأحاسيس المرهفة المحلقة فى أفق الغرام والهيام والعاطفة المشبوبة الملتهبة، ومن هنا أشرقت شهرة الفارس، وأصبح يحمل لقب فارس الرومانسية، وقد ترجل الفارس عن جواد عطائه مغتالا بيد الغدر أثناء حضوره مؤتمرا فى إحدى المدن القبرصية الكبرى باعتباره أمينا لاتحاد الكتاب الأفرو آسيوى، وقد تلقت أجيالنا الصاعدة إنذاك نبأ اغتيال أديب مصر الفذ يوسف السباعى بألم بالغ وحزن عميق، ربما طال حتى من لم يقرأ له حرفا،

وهكذا شاركت النهاية المأساوية فى نسج ملحمة الفارس المترجل عن جواده فى نهاية صادمة مفاجئة تشابه أحداث ومفاجآت وفواجع ما اشتهر من رواياته التى أسهمت السينما فى تسليط الأضواء عليها، مما أسهم فى تكريس الصورة الذهنية لأديبنا الفذ باعتباره فارس الرومانسية، وقد أكدت عناوين الكثير من رواياته هذا الانطباع مثل «إنى راحلة»  و»رد قلبي»، و»نحن لا نزرع الشوك»، والحقيقة أن هذه العوامل رسخت فى الوجدان صورته الرومانسية، ولكن كل هذا ظلم إبداع ذلك الأديب الفذ يوسف السباعى الذى احتفلنا بذكراه منذ أيام، وهذا التكريس للصورة المنقوصة  تسبب فى إهمال الجانب الأهم من حصاد إبداع الفارس المقاتل المخلص فى صفوف القوات المسلحة المصرية، فالسباعى أبدع أدبا بالغ العمق والثراء، وترك تجربة إبداعية مذهلة فى عذوبتها عبر نصوص أخاذة بدا فيها الفارس حكيم

العصور الذى خلص إلى لب الحقائق وأدق المعانى بعد طول تجربة، وما نصه الخلاب «السقا مات» سوى مثال على ذلك فهو أحد تجليات الأدب العالمى الإنسانى الذى يخلد اسمه على مر الأجيال رغم أنف تباين الأمكنة واختلاف الأزمنة، فهذا النص يمثل -من وجهة نظرى- قمة تجربة السباعى الإبداعية، فقد طرح سؤال الموت وحاول الإجابة عنه إبداعيا، وأيضا تبرز نصوصه الأخرى التى أدعو الأجيال إلى إعادة قراءتها مثل: «نائب عزرائيل» و«أرض النفاق»،و«بين أبو الريش وجنينة ناميش».


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة