حكايات| حرب الورود.. صراع دموي انتهى بموت الآلاف 
حكايات| حرب الورود.. صراع دموي انتهى بموت الآلاف 


حكايات| حرب الورود.. صراع دموي انتهى بموت الآلاف 

هناء حمدي

السبت، 02 يوليه 2022 - 08:33 م

أيهما تفضل الورود الحمراء أم البيضاء؟.. تحتاج بالتأكيد إلى لحظات من التفكير فالورود جميعها جميلة تأسر القلوب وتجذب العيون سواء كانت حمراء أو بيضاء فمعاني ورسائل الورود المليئة بالحب لا تنتهي.

مختارات إذاعية| ليه ما نجربش نمط الملابس والموضة في حياتنا؟

ولكن مع إصرار الإجابة على السؤال عليك أن تكون على أتم الاستعداد للحرب فهذا السؤال هو مجرد خدعة وإجابتك عليه باختيار أي لون يعني أنك دخلت في صراع دموي امتد لعصور وانتهى بالقضاء على سلالات حاكمة ظن الجميع أنها الأقوى ليكون تاريخ الورود في انجلترا هو الدم داخل لعبة العروش.

 

فقبل قرون من الآن وتحديدا في عام 1453 دخلت الورود في انجلترا تاريخ الصراعات وانضمت على غير العادة إلى التاريخ الدموي لتكون شعار حرب امتدت لسنوات بين عائلتين متنافستين للسيطرة على العرش في سلسلة طويلة من التنازع المدفوع بمنافسات عائلية شرسة. 

 

فإذا كنت مازلت تريد الاختيار بين اللونين فعليك أن تعرف أية هذه الورود فازت في النهاية بعرش انجلترا فقد تغير رأيك في الاختيار لتكون مع الفائز.


 

ولأن الفائز دائما ما يكون الأقوى باعتبار أن مهام العرش الصعبة تحتاج إلى ملك قوي يتميز بذكائه ويتمكن من السيطرة على مجريات الأحداث حتى أصبحت تلك القاعدة هي الأساس الذي سارت عليه إنجلترا في عصور الاستقرار.

 

غير أنه مع تولي ملك لانكاستر هنري السادس أمور العرش انقلبت الأحداث رأسا على عقب فكان هنري ملك بعيدا عن الحرب على عكس والده المحارب هنري الخامس كما أنه اشتهر بعدم اتزانه ونوبات جنونه التي ينهار خلالها ويصل إلى درجة عدم قدرته على التواصل مع من حوله وكأنه يتحول فيها إلى قطعة من الحجر فخرجت الأمور عن سيطرته وعلم مستشاريه ضعفه.

 

ليبدأ معها صراع السلطة بين مستشاريه "ريتشارد" دوق يورك والذي اتخذ الوردة البيضاء شعارا لاتباعه وخصمه اللانكستري "إدموند بوفورت" دوق سومرست الذي اتخذ الوردة الحمراء رمزا لكل مؤيديه بحسب موقع " sky history".

 

بداية الحرب

 

لتكون بداية الصراع في عام 1453 مع اللحظات الأولى من استسلام الملك هنري لنوبة طويلة من المرض العقلي انفرطت خلالها حبات العقد وظلت الأحداث تتراكم حتى تم تعيين " ريتشارد" دوق يورك اللورد الحامي للملك ليحقق معها ريتشارد طلبه الدائم في العرش.

 

 كان ينحدر من نسل الملك إدوارد الثالث من خلال والديه ويرى نفسه هو الأحق بالحكم ومع حصوله على المنصب الجديد أصبح ريتشارد الملك الفعلي بحكم الأمر الواقع وتفكيرها كأي ملك قرر التخلص من أولى خصومه فأمر بسجن " سومرست" من لانكستر.

 

ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن حيث تحرر الملك هنري من نوبات جنونه مؤقتا وفي لحظة انتعاش عقلي قرر الملك ابعاد ريتشارد واستعادة سومرست من جديد إلى مكان نفوذه جانب الملك لتصل التوترات إلى ذروتها في عام 1455 وتشهد انجلترا على أولى معارك حرب الورود الدموية.

 

معارك لا تنتهي

 

" سانت ألبانز الأولى" هي وابل افتتاح حروب الورود والتي قرر ريتشارد خوضها لإثبات قوته وانه الأحق بالحكم والسلطة وبالفعل نجح دوق يورك في تحقيق هدفه فبعد مقابلة قواته مع قوات لانكاستر في معركة شهدت مناوشة فوضوية وسريعة.

 

وانتهت هذه المعركة بمقتل خصمه الأول سومرست أكد ريتشارد المنتصر موقعه في بلاط الملك ولكن مع هذه المعركة والتي تعد بمثابة شرارة إراقة الدماء اصبح التنافس بين بيوت يورك ولانكاستر أكثر مرارة وخطورة من أي وقت مضى.


 

فلم تهدأ الدماء داخل العروق وإثبات ريتشارد لوقته زاد من اضطراب الملكة " مارجريت أنجو" زوجة الملك هنري السادس وام ولي العرش والتي شعرت بخطر ريتشارد واعتبرته تهديد مباشر لصعود ابنها الأمير إدوارد للحكم لتندلع معارك دموية أخرى زادت من خسائر لانكاستر.

 

وحقق منزل يورك بقيادة ريتشارد انتصار كبير عام 1460 في معركة "نورثهامبتون" والتي انتهت بالقبض على الملك هنري السادس لتظن أن اخيرا انتهت الحرب وان الطريق أصبح مفتوحا أمام ريتشارد للوصول إلى العرش.

 

إلا أن الأمر كان أكثر صعوبة فلم يتمكن ريتشارد من الاستيلاء على التاج ما دفعه للجلوس على طاولة التفاوض والوصول إلى اتفاق نص على أن هنري السادس يستمر في العرش على أن يحصل منزل يورك وريتشارد على الحكم من بعده ما يعني أن الأمير إدوارد ابن هنري ومارجريت أصبح خارج سلسال الحكم.


 

وهو ما دفع مارجريت واتباعها في لانكاستر إلى إعلان غضبهم رغم عقد الاتفاق لتحشد قواتها بعد أقل من شهرين من حصول ريتشارد على ملكيته المستقبلية لتكون المواجهة التالية بين يورك ولانكاستر في معركة "ويكفيلد" والتي انتهت بقتل ريتشارد دوق يورك وتم تعليق رأسه على مسمار مرتديا تاج ورقي ليكون مثال لكل من يطمع في العرش.

 

تنصيب إدوارد

 

لم تكن تلك النهاية هي نهاية حرب الورود وان كانت الأكثر منطقية ولكن رفع " ادوارد الرابع" ابن ريتشارد دوق يورك سلاح رد الكرامة لوالده لتتجدد المعارك والتي شهدت هزيمة مؤيدي لانكاستر في أكثر من موقعة أولها عام 1461 في معركة "سانت ألبانز الثانية" والتي اعتبرت بداية النهاية للانكاستر وتلتها انتصار عسكري ساحق لصالح يورك في ملحمة "توتون" أكبر معركة منفردة شهدتها الأراضي الإنجليزية.

 

وبالفعل تورطت خلالها القوات في ساعات من القتال اليدوي اليائس وسط عاصفة ثلجية مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف وبعدها تم نفي هنري ومارجريت إلى اسكتلندا ليعلن تتويج "إدوارد الرابع" ملك للبلاد.

 

 عودة هنري

 

 ظل موقف إدوارد آمن لفترة طويلة حتى ظهرت أولى علامات الخلاف بينه وبين أحد أقوى مؤيديه والذي طالبه بتنظيم زواج سياسي مع أميرة فرنسية إلا أنه اكتشف أن ادوارد قد تزوج سرا من فتاة من العامة تدعى "إليزابيث وودفيل" من أجل الحب والتي أثرت على الملك بشكل كبير ما أدى إلى زيادة الخلاف بين ادوارد ومؤيديه الأقوى "وارويك".

 

 وقد قرر الانتقام ضد آل يورك وشكل اتحاد مع عدو إدوارد السابق "مارجريت أنجو" زوجة هنري فحشدوا القوات الموالية لقضية لانكستر واعلنوا خلع " ادوارد الرابع" من منصبه مع إعادة تنصيب هنري كملك في عام 1470 ولكن هذا الانتصار لم يدم طويلا.

 

من هنا  حشد إدوارد قواته عام 1471 ولملم شتات أمره لينهي على قضية لانكاستر نهائيا في معركة " توكيسبيري" والتي شهدت قتل مؤيده المتمرد وارويك وكذلك قتل إدوارد ابن هنري ومارجريت كما توفى هنري بعد أسابيع في برج لندن لينفرد إدوارد الرابع بالعرش ويعلن انتصار الورود البيضاء.

 

بداية جديدة

 

على الرغم من أن حروب الورود قد انتهت منطقيا بنهاية مؤيدي لانكاستر وسيطرة ادوارد الرابع ابن ريتشارد دوق يورك على الحكم إلا أن لعبة العروش لا تتوقف والصراعات لا تنتهي فبعد وفاة إدوارد عام 1483 تجددت الصراعات من جديد بين ابن ادوارد الرابع الصغير ادوارد الخامس ولي العهد وبين عمه ريتشارد الثالث.

 

فعند إعلان تنصيب " ادوارد الخامس" ملكا خلفا لوالده بدأت القصص تدور حول أن زواج والده من إليزابيث حبه الذي ضحى من أجله هو زواج غير شرعي مما أدى إلى اعتبار إدوارد الخامس فجأة غير شرعي ونتيجة لهذا كان الشخص الذي وصل بالفعل إلى السلطة هو شقيق إدوارد الرابع "ريتشارد الثالث".

 

ليختفي بعدها أبناء إدوارد الرابع في ظروف غامضة أثناء تواجدهما في برج لندن في حادثة تاريخية عرفت باسم "الأمراء في البرج" المحكوم عليهم بالفناء ليعتبر بعضها الكثيرون مع اختفاء الأمراء ان ريتشارد مغتصبا للعرش لتنتهي فترة ولايته مع صعود "هنري تيودور " أحد أعضاء سلالة لانكاستر والذي نشأ في المنفى في فرنسا ليكون الانتصار الفعلي في النهاية لاصحاب الورود الحمراء بصعود أحد أعضاء السلالة للحكم.

 

هنري تيودور وانتهاء حرب الورود

 

قرر هنري خلال فترة حكمه بضرورة توحيد لانكاستير ويورك ضمانا لسلامة حكمه واستقرار الأوضاع ولهذا شهدت نهاية حرب الورود زواج سعيد يجمع بين هنري تيودور من لانكاستير واليزابيث يورك ابنة ادوارد الرابع من يورك.

 

 لتنتهي حروب الورود عام 1485 بمقتل ريتشارد الثالث ومنها أصبح هنري تيودور "هنري السابع" وتم الجمع بين الورود الحمراء والبيضاء من لانكاستر ويورك لتشكيل شعار جديد: تيودور روز.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة