الخميس، 07 يوليه 2022 - 07:17 م

كتب: محمد طلعت

مع الحكم على المتهم بقتل نيرة أشرف بالإعدام شنقًا تخيل الجميع أن تلك القضية التي شغلت الرأي العام لبشاعتها قد انتهت وأغلقت صفحاتها، لكن فجأة ظهرت حملات مجهولة تدعو لجمع ملايين الجنيهات لدفعها لأسرة القتيلة كدية لها فمن وراء هذه الدعوات؟، ولأجل من يتم الترويج لها عن طريق لجان إلكترونية تحاول تشويه الضحية؟، هذا ما سنحاول الإجابة عنه في السطور التالية.

رسالة إلكترونية من أحد الأشخاص المجهولين أرسلت على هواتف أسرة الضحية تطلب منهم الموافقة على قبول دية ابنتهم بمبلغ ٥ ملايين جنيه سيتم تجميعها عن طريق جمع تبرعات بها من بعض الأشخاص المهتمين بتخفيف العقوبة عن المتهم محمد عادل، لكن أسرة نيرة من جانبها رفضت مثل تلك الدعوات التي ظهرت واكدت على القصاص العادل وأنهم سيتخذون كافة الإجراءات القانونية ضد من يروج لمثل تلك الأمور ويحاول أن يشوه صورة ابنتهم من أجل أهداف غريبة عن طريق صفحات إلكترونية مجهولة المصدر.

إقرأ أيضًا | فريد الديب يبدأ كتابة أسباب الطعن على حكم إعدام قاتل نيرة أشرف

ليكون السؤال هو؛ من هؤلاء ولماذا ظهروا فجأة على هيئة لجان إلكترونية ومن يدعمهم ليفعلوا ذلك؟، تلك الأسئلة كانت البداية لبحثنا عن هذه الصفحات ومن ورائها وهل ظهرت فجأة، كانت المفاجأة الاولى أن من أوائل الصفحات التي دعت لذلك على مواقع التواصل الاجتماعي كانت صفحة لأحد المحامين - المعروفين في الأوساط الإعلامية بأن آراءه متشددة في كثير من القضايا -  دعا فيها لجمع تبرعات لصالح دفع الدية نيابة عن القاتل وأكد على تبرعه بمبلغ ١٠ آلاف جنيه.

بعد تلك الدعوة التي روج لها ذلك المحامي ظهرت عدد من الصفحات المجهولة التي دعت هى أيضا لجمع تبرعات من أجل دفع تلك الدية دون أن يظهر من وراء تلك الصفحات، لكن كان من الملاحظ أنهم تمكنوا من جمع مبالغ مالية دون وجه حق ولم يعرف أحد مصير تلك الأموال، ولمن يتم دفعها ولأي غرض يتم تجميعها، وهل ما يتم جمعه في تلك الصفحات يدخل في مسألة دفع الدية كما يتم الترويج لها أم أن لها استخدامات اخرى بعيدا عن عيون أجهزة الدولة خاصة مع دخول بعض الصفحات التابعة لتيارات سلفية وبعضها الآخر محسوب على الجماعة الإرهابية استثمرت في الموضوع ودعت لتجميع أموال من أجل الدية، ولم تكتفِ بذلك بل زادت تلك الصفحات في الهجوم على الدولة والنظام القضائي بأكمله في محاولة منهم لإثارة الفتنة داخل المجتمع من خلال ما يتم الترويج له بمحاولات شيطنة المجني عليها ولأجل صالح الجاني المحكوم عليه بالاعدام.

هذه الصفحات وما جاء فيها يشكل جريمة مكتملة الأركان يجب أن تستدعي تدخل الجهات المعنية لمواجهة ما يتم الترويج له سواء عن طريق جمع الأموال بصفة غير قانونية ولجهات غير معروفة أو ما يتم الترويج له بإثارة القلاقل في قضية شاهد الجميع فيها بشاعة ما فعله الجاني بالمجني عليها وقتلها بدم بارد، ثم ما يتم حاليا من محاولات لتدمير سمعة الضحية من خلال هذه الصفحات التي أصبح ما يتم نشره خلال الأيام الأخيرة فيها أمرا مثيرا للجدل خاصة مع لغة الخطاب التي من الواضح أن من سطرها قرأ في علم النفس والاجتماع.

بلاغ رسمي
على الجانب الآخر تقدم أحد المحامين ببلاغ رسمي ضد هذا المحامي الذي دعا لتجميع ديه من أجل دفعها لأسرة نيرة، حمل البلاغ رقم 174555 لسنة 2022 اتهمه فيها بمخالفة القانون لأن ترويجه لإنقاذ قاتل من الإعدام عن طريق دفع الدية يعد بمثابة جريمة نصب مكتملة الأركان  وفقا للمادة ٣٣٦ من قانون العقوبات لأن القانون لا يعترف بالدية من الأساس.

وأضاف مقدم البلاغ؛ أن قانون الجنايات لا يوجد به تصالح لأن العقوبة التي يفرضها تمثل حقا عاما يخص المجتمع في ضبط الأمن وحق المواطنين في الشعور به، بالإضافة لحق الضحية وأهلها في الحصول على حقها.

ذلك البلاغ الذي تقدم به المحامي ضد زميله يتهمه بالنصب والاحتيال لن يكون الأخير في ذلك الموضوع خاصة أن الدعوات للتبرع مازالت مستمرة على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي دون توقف، لكن قانونًا حتى ولو تم تجميع تلك الأموال وحتى إن وافقت أسرة الفتاة وهذا أمر مستبعد فإن ذلك لن يكون له أي موقف قانوني لأن الجريمة التي وقعت هى جريمة قتل عمد مع سبق الاصرار كجناية وليست جنحة قتل خطأ كما يقول القانون وأهل الضحية هم مدعين بالحق المدني فقط وليس لهم دخل قانونا بالقضية، فمن يرفع القضية هى النيابة العامة وهى المسؤولة عن حق المجتمع في تلك القضية دون غيرها ولذلك ما يحدث هو محاولة استثمار الأمر في جمع الأموال للنصب بها أو لتوجيهها في أمور أخرى بعيدة عن ما جمعت لأجله.

على الجانب الآخر ظهرت أصوات تطالب أسرة نيرة بتقديم بلاغات ضد هذه الصفحات التي تسيئ للفتاة وتدعو لتجميع أموال لدفع الدية حتى يتم التحرك قانونًا في ذلك الأمر ويتم التحقيق في طريقة جمع تلك الأموال التي يمكن أن يتم استخدامها في كثير من الأمور غير القانونية، بالإضافة لمعرفة الجهات التي تقف وراء ذلك الأمر ولماذا يتم استخدام تلك القضية بالذات لخلق حالة من الجدل في المجتمع؟، هذا ما سوف يتكشف خلال الأيام القادمة.