آمال عثمان
آمال عثمان


تنوء بحمله الجبال!

آمال عثمان

الجمعة، 08 يوليه 2022 - 06:05 م

 

أفاضت علينا الليالى العشر من شهر ذى الحجة بنفحاتها، تلك الأيام المباركة التى أقسم بها الله عز وجل فى كتابه الكريم، واختصها بمزيد من الفضائل وزيادة فى الأجر، وشهد النبى - صلى الله عليه وسلم- بأنها أعظم أيام الدنيا، فيها يوم عرفة، يوم مغفرة الذنوب، والعتق من النار، والمباهاة بأهل الموقف، وفيها أيضاً يوم النحر، الذى امتثل فيه الخليل سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء لأمر تنوء بحمله الجبال، واستجاب لربه، وأطاعه ابنه الوحيد آنذاك سيدنا إسماعيل، ففداه الله بذبح عظيم.

تحمل خليل الله من البلاء والأهوال الكثير، وتعرض لاختبارات ومعجزات عديدة، جعلته فى المكانة العليا، فقد أُلْقِيَ فى نار الجحيم وعمره 16 عاماً، بعد أن جمعوا له حطباً عظيماً، وحينما نزل إليه «سيدنا جبريل» وقال له: «لو أمرتنى لأطفأت النار وأهلكتهم جميعاً». فرد عليه قائلاً: «عالمٌ بحالى غنىٌّ عن سؤالي». فرغم أنه كان أعزلَ وحيداً، إلا أن قلبه كان يطوف حول «عرش الرحمن» فصَغُرَت الأهوال، وهانت النيران التى تذيب الجبال أمام عينيه، وأخذ يردد: «حسبنا الله ونعم الوكيل»، فحدثت المعجزة. ومكث إبراهيم فى النيران40 يوماً، ولما هدأت النار وجدوا «سيدنا إبراهيم» فوق ربوة خضراء يسبح بحمد ربه، ولم تحترق إلا القيود فقط، وقال سيدنا إبراهيم: إن هذه الأيام أفضل أيام حياتي، لأننى كنت فى «عناية الله». لذلك وصفه الله فى القرآن العظيم بقوله: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)، سورة النحل آية (120).

وترك ابنه الرضيع وزوجته فى صحراء مكة الجرداء القاحلة، متيقناً أن الله لن يضيعهما أبداً. وحين أمره الله بذبح إسماعيل لم يتردد، وأدار السكين على رقبة ابنه وقرة عينه، واجتاز اختبار «التضحية والفداء»، فحصل على درجة «خليل الرحمن». وحينما أثبت أن «الله تعالى» أحب إليه من روحه وولده، فحصل على الرفعة فى الدنيا والآخرة، وصارت النبوة فى ذريته من بعده، واكتملت بمجىء حبيب الرحمن سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين.

وبعد مرور السنوات جاءه «ملك الموت» ليقبض روحه، فقال له الخليل إبراهيم: «هل رأيت خليلاً يميت خليله». فأوحى إليه الله تعالى: «وهل رأيت خليلاً يكره لقاء خليله؟!»، فتبسم واستعد للقاء ربه.
اللهم اجعلنا مقبولين بكرمك، مكفولين بذكرك، مشمولين بعفوك، ناظرين لوجهك، واجعلنا من ورثة جنتك.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة