المجني عليها
المجني عليها


طلبت زيارة ابنها في السجن.. فذبحها «أبوه»

أخبار الحوادث

الأحد، 10 يوليه 2022 - 05:19 م

حبيبة جمال

  كانت‭ ‬مثالا‭ ‬للزوجة‭ ‬الأصيلة،‭ ‬تحملت‭ ‬الصعاب‭ ‬ووقفت‭ ‬بجانب‭ ‬زوجها‭ ‬في‭ ‬أصعب‭ ‬أيام‭ ‬حياته،‭ ‬خرجت‭ ‬للعمل‭ ‬لمساندته‭ ‬في‭ ‬مصاريف‭ ‬البيت،‭ ‬وفي‭ ‬لحظة‭ ‬غاب‭ ‬فيها‭ ‬العقل‭ ‬وسيطر‭ ‬الشيطان‭ ‬على‭ ‬الزوج،‭ ‬سولت‭ ‬له‭ ‬نفسه‭ ‬قتل‭ ‬زوجته‭ ‬بدم‭ ‬بارد،‭ ‬دمر‭ ‬بيته‭ ‬ويتَم‭ ‬أولاده،‭ ‬ارتكب‭ ‬جريمته‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يفكر‭ ‬أن‭ ‬الضحية‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬هم‭ ‬الأطفال،‭ ‬فالزوجة‭ ‬ذهبت‭ ‬لخالقها،‭ ‬وهو‭ ‬سيقضي‭ ‬باقي‭ ‬حياته‭ ‬داخل‭ ‬السجن‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الإعدام‭ ‬مصيره،‭ ‬ويبقى‭ ‬فقط‭ ‬الأطفال‭ ‬يتامى‭ ‬يحملون‭ ‬عارًا‭ ‬يظل‭ ‬معهم‭ ‬طوال‭ ‬حياتهم،‭ ‬وإلى‭ ‬التفاصيل‭ ‬المثيرة‭. ‬

 

الحكاية‭ ‬بدأت‭ ‬قبل‭ ‬‮٢١‬‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬الآن،‭ ‬داخل‭ ‬محافظة‭ ‬الدقهلية،‭ ‬حينما‭ ‬تقدم‭ ‬ممدوح‭ ‬للزواج‭ ‬من‭ ‬صفاء‭ ‬عبد‭ ‬الحميد،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬يكبرها‭ ‬بـ‮١٤‬‭ ‬عامًا‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬أحبته‭ ‬وهو‭ ‬ايضا‭ ‬أحبها،‭ ‬توسمت‭ ‬فيه‭ ‬الخير،‭ ‬وأنه‭ ‬سيكون‭ ‬سندها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة،‭ ‬ولم‭ ‬تقف‭ ‬أسرتها‭ ‬أمام‭ ‬حبهما‭ ‬ووافقت‭ ‬على‭ ‬الزواج،‭ ‬فـ‭ ‬صفاء‭ ‬كانت‭ ‬أصغر‭ ‬من‭ ‬في‭ ‬البيت،‭ ‬وحظت‭ ‬باهتمام‭ ‬ورعاية‭ ‬الجميع،‭ ‬الكل‭ ‬كان‭ ‬يحبها‭ ‬ويفعل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وسعه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬سعادتها،‭ ‬وفي‭ ‬حفل‭ ‬كبير‭ ‬حضره‭ ‬الأهل‭ ‬والأصدقاء‭ ‬والجيران‭ ‬تزوجت‭ ‬صفاء،‭ ‬وانتقلت‭ ‬للعيش‭ ‬مع‭ ‬زوجها‭ ‬في‭ ‬بيته‭ ‬بقرية‭ ‬الدراكسة،‭ ‬التابعة‭ ‬لمركز‭ ‬منية‭ ‬النصر،‭ ‬عاشت‭ ‬معه‭ ‬أيامًا‭ ‬من‭ ‬السعادة‭ ‬والحب،‭ ‬حتى‭ ‬رزقهما‭ ‬الله‭ ‬بأربعة‭ ‬أولاد،‭ ‬أكبرهم‭ ‬الآن‭ ‬شاب‭ ‬يبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬‮٢٠‬‭ ‬عامًا،‭ ‬وأصغرهم‭ ‬طفلة‭ ‬ذات‭ ‬أربع‭ ‬سنوات؛‭ ‬فجأة‭ ‬انقلبت‭ ‬الحياة‭ ‬بينهما‭ ‬من‭ ‬الهدوء‭ ‬للعاصفة،‭ ‬ومن‭ ‬الحب‭ ‬للكره،‭ ‬ومن‭ ‬العطف‭ ‬للقسوة‭ ‬والعنف،‭ ‬خاصة‭ ‬بعدما‭ ‬توفى‭ ‬والد‭ ‬صفاء‭ ‬ووالدتها،‭ ‬وبدلًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يعوضها‭ ‬زوجها‭ ‬وفاتهما،‭ ‬كان‭ ‬دائم‭ ‬التعدي‭ ‬عليها‭ ‬بالضرب،‭ ‬وهي‭ ‬كانت‭ ‬تتحمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬بيتها‭. ‬

 

وكأن‭ ‬لعنة‭ ‬حلت‭ ‬بالبيت،‭ ‬أصبح‭ ‬ممدوح‭ ‬يذهب‭ ‬لعمله‭ ‬يومًا‭ ‬ويجلس‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬عشرة،‭ ‬فهو‭ ‬يعمل‭ ‬مبيض‭ ‬محارة،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أمام‭ ‬صفاء‭ ‬سوى‭ ‬الخروج‭ ‬للعمل‭ ‬للإنفاق‭ ‬على‭ ‬أولادها‭ ‬ومساندته،‭ ‬تحملت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ألا‭ ‬تحرم‭ ‬أولادها‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬والدهم‭ ‬في‭ ‬حياتهم،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تلك‭ ‬المسكينة‭ ‬تدري‭ ‬أن‭ ‬نهايتها‭ ‬ستكون‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬هذا‭ ‬الزوج‭ ‬وتترك‭ ‬أبناءها‭ ‬يواجهون‭ ‬الحياة‭ ‬ومتاعبها‭ ‬وحدهم‭.‬

 

قبل‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬الآن،‭ ‬تم‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬ابن‭ ‬صفاء‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬القضايا،‭ ‬وحكمت‭ ‬المحكمة‭ ‬بمعاقبته‭ ‬بالسجن‭ ‬ست‭ ‬سنوات،‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الشرارة‭ ‬التي‭ ‬أشعلت‭ ‬وجددت‭ ‬الخلافات‭ ‬بين‭ ‬الزوجين،‭ ‬فكان‭ ‬ممدوح‭ ‬دائم‭ ‬التعدي‭ ‬عليها،‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬ارتكابه‭ ‬الجريمة‭ ‬بيوم‭ ‬واحد،‭ ‬ضربها‭ ‬وطردها‭ ‬من‭ ‬البيت،‭ ‬والسبب‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬تنوي‭ ‬زيارة‭ ‬ابنها‭ ‬داخل‭ ‬السجن،‭ ‬لكنه‭ ‬رفض‭ ‬وطلب‭ ‬منها‭ ‬الأموال،‭ ‬وعندما‭ ‬رفضت‭ ‬طردها،‭ ‬ذهبت‭ ‬صفاء‭ ‬لجارتها،‭ ‬حاولت‭ ‬تهدئة‭ ‬الأمور،‭ ‬ثم‭ ‬عادت‭ ‬لبيتها‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬وفي‭ ‬الصباح‭ ‬كانت‭ ‬نهايتها‭.‬

يوم‭ ‬الجريمة

استيقظت‭ ‬صفاء‭ ‬مبكرًا،‭ ‬تجهز‭ ‬ما‭ ‬ستأخذه‭ ‬لنجلها،‭ ‬بينما‭ ‬باقي‭ ‬أولادها‭ ‬نائمون،‭ ‬استيقظ‭ ‬الزوج‭ ‬والغضب‭ ‬يسيطر‭ ‬عليه،‭ ‬ونشب‭ ‬الخلاف‭ ‬مجددًا،‭ ‬لكن‭ ‬تلك‭ ‬المرة‭ ‬أسرع‭ ‬الزوج‭ ‬نحو‭ ‬مطبخه‭ ‬واستل‭ ‬سكينًا‭ ‬ونحر‭ ‬زوجته‭ ‬من‭ ‬عنقها‭ ‬به،‭ ‬حتى‭ ‬سقطت‭ ‬غارقة‭ ‬في‭ ‬دمائها،‭ ‬ارتمى‭ ‬الزوج‭ ‬فوق‭ ‬جثتها‭ ‬لا‭ ‬يدري‭ ‬ماذا‭ ‬يفعل،‭ ‬دقائق‭ ‬معدودة‭ ‬كان‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الذهول‭ ‬والصدمة،‭ ‬عقله‭ ‬شارد‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬‮٢١‬عامًا‭ ‬عاشها‭ ‬معها،‭ ‬لحظات‭ ‬من‭ ‬السعادة‭ ‬ولحظات‭ ‬من‭ ‬الحزن،‭ ‬فاق‭ ‬من‭ ‬شروده‭ ‬وابنه‭ ‬بجانبه‭ ‬يبكي‭ ‬ويصرخ‭ ‬من‭ ‬الصدمة‭ ‬لما‭ ‬شاهده،‭ ‬خرج‭ ‬الابن‭ ‬مسرعًا‭ ‬يصرخ‭ ‬وسط‭ ‬الشارع‭ ‬‮«‬أبويا‭ ‬قتل‭ ‬أمي‭.. ‬الحقوا‭ ‬أمي‮»‬،‭ ‬لتتحول‭ ‬القرية‭ ‬من‭ ‬الهدوء‭ ‬للصخب،‭ ‬الكل‭ ‬يهرول‭ ‬نحو‭ ‬بيت‭ ‬جارتهم‭ ‬المشهود‭ ‬لها‭ ‬بالطيبة‭ ‬وحسن‭ ‬الخلق،‭ ‬أسرع‭ ‬الابن‭ ‬لمركز‭ ‬الشرطة‭ ‬يبلغ‭ ‬عن‭ ‬الجريمة،‭ ‬بينما‭ ‬الزوج‭ ‬خرج‭ ‬إلى‭ ‬الشارع‭ ‬وجلس‭ ‬أمام‭ ‬البيت‭ ‬واضعًا‭ ‬يده‭ ‬فوق‭ ‬رأسه‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتفوه‭ ‬بكلمة‭ ‬واحدة‭.‬

بلاغ

تلقى‭ ‬اللواء‭ ‬سيد‭ ‬سلطان‭ ‬مدير‭ ‬أمن‭ ‬الدقهلية‭ ‬إخطارًا‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬شرطة‭ ‬منية‭ ‬النصر‭ ‬يفيد‭ ‬قيام‭ ‬زوج‭ ‬بقتل‭ ‬زوجته‭ ‬ونحرها‭ ‬بالرقبة‭.‬

على‭ ‬الفور‭ ‬انتقل‭ ‬رجال‭ ‬المباحث‭ ‬لمحل‭ ‬البلاغ،‭ ‬وتبين‭ ‬مصرع‭ ‬صفاء‭ ‬عبد‭ ‬الحميد،‭ ‬‮٣٨‬‭ ‬عاما،‭ ‬مقيمة‭ ‬بقرية‭ ‬الدراكسة،‭ ‬دائرة‭ ‬المركز،‭ ‬والقاتل‭ ‬زوجها‭ ‬ممدوح‭ ‬أحمد،‭ ‬‮٥٢‬‭ ‬عاما،‭ ‬وذلك‭ ‬لخلافات‭ ‬بينهما‭.‬

تم‭ ‬ابلاغ‭ ‬النيابة‭ ‬العانة‭ ‬لإجراء‭ ‬المعاينة،‭ ‬ونقل‭ ‬الجثة‭ ‬للمشرحة،‭ ‬وألقى‭ ‬رجال‭ ‬المباحث‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬المتهم،‭ ‬وتولت‭ ‬النيابة‭ ‬التحقيق‭.‬

عم‭ ‬الحزن‭ ‬داخل‭ ‬القرية‭ ‬بأكملها،‭ ‬لا‭ ‬حديث‭ ‬للأهالي‭ ‬سوى‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الجريمة‭ ‬البشعة،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬نهاية‭ ‬تلك‭ ‬الزوجة‭ ‬المسكينة‭ ‬بهذه‭ ‬القسوة،‭ ‬الكل‭ ‬يتذكر‭ ‬مواقفها‭ ‬معهم،‭ ‬ووقوفها‭ ‬بجانبهم‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬الشدة‭ ‬قبل‭ ‬الفرح،‭ ‬ودعها‭ ‬الجميع‭ ‬لمثواها‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬جنائزي‭ ‬مهيب،‭ ‬تواصلنا‭ ‬مع‭ ‬سامي‭ ‬شقيق‭ ‬صفاء‭ ‬ليحكي‭ ‬لنا‭ ‬تفاصيل‭ ‬أكثر،‭ ‬فقال‭: ‬‮«‬وقت‭ ‬الجريمة‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬عملي،‭ ‬تلقيت‭ ‬اتصالا‭ ‬من‭ ‬ابنتي‭ ‬تخبرني‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬صفاء‭ ‬اتقتلت،‭ ‬أسرعت‭ ‬كالمجنون‭ ‬للمستشفى‭ ‬عندما‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬هناك‭ ‬قالوا‭ ‬لي‭ ‬أنها‭ ‬وصلت‭ ‬ميتة،‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ذنبها‭ ‬لكي‭ ‬يقتلها‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة،‭ ‬وعن‭ ‬سبب‭ ‬الخلافات‭ ‬بينهما‭ ‬قال‭ ‬شقيق‭ ‬المجني‭ ‬عليها؛‭ ‬‮«‬كانت‭ ‬صفاء‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬ابنها‭ ‬الأكبر‭ ‬داخل‭ ‬السجن،‭ ‬لكن‭ ‬المتهم‭ ‬رفض،‭ ‬فنشبت‭ ‬المشاجرة‭ ‬بينهما،‭ ‬وفي‭ ‬الصباح‭ ‬قتلها‭ ‬بدم‭ ‬بارد،‭ ‬وأولادها‭ ‬نايمين،‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬اتقتلت‭ ‬شقيقتي‭ ‬وتيتم‭ ‬أطفالها‭ ‬وتدمر‭ ‬بيتها‮»‬‭.‬

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة