هشام مبارك
هشام مبارك


الصحفى «البرنس» خالد جبر !

هشام مبارك

الأربعاء، 13 يوليه 2022 - 06:00 م

عندما حزمت حقائب أحلامى فى منتصف الثمانينيات واتجهت من الجنوب للشمال،كانت لدى فكرة عن الصحفى تبينت فيما بعد أنها خاطئة تماما،كنت معتقدا أن الصحفى الحقيقى والناجح لابد أن يكون صعلوكاً، والصعلكة التى كنت أفهمها من قراءاتى وربما مشاهداتى السينمائية فى ذلك الوقت تعنى الفوضى فى كل شيء،أن يكون نهار  الصحفى إما فى مكتبه أو فى الشارع باحثا عن خبر او محققا لقضية،أما ليله فهو بالتأكيد على المقاهى والمنتديات غارقا بين فناجين الشاى والبن ودخان السجائر والشيشة.كان هذا يستلزم بالطبع ألا يهتم الصحفى الصعلوك الناجح بمظهره،فهو فى تصورى أشعث أغبر طويل الشعر بغير هندام،لا وقت لديه لتسريح شعره أو حتى قص أظافره.

كل هذا الوهم تغير عندى منذ اللحظة الأولى التى وطأت فيها قدماى جريدة الأخبار،والتقيت لأول مرة بأستاذى أولا وزميلى ثانيا خالد جبر،والذى كان فى ذلك الوقت واحداً من القوة الضاربة للجريدة من الجيل الذى يسبقنا بسنوات قليلة،جيل كله أسماء رنانة عرفتهم كقارئ  قبل أن أتشرف بزمالتهم فى العمل،سألت الزملاء ممن سبقونى للتدريب فى الأخبار عن هذا الفتى الشيك المتأنق دوما كنهر النيل،ذهبى الشعر شرقى السمات،من صاحب هذه الطلة التى تبدو وكأنها لأمير من أمراء الحواديت؟!.ويبدو أنه لاحظ ذلك حيث تقدم منى هو ويقدم لى نفسه بكل تواضع ليزيل عنى رهبة كانت تنتابنى كلما التقيت فى الأخبار بأحد نجومها البارزين،ومنذ ذلك التاريخ احتل خالد جبر مكانة خاصة فى عقلى وقلبي،فالرجل أثبت لى أن الصحفى الناجح ليس بالضرورة أن يكون صعلوكاً،بل تعلمت منه أن مظهرك كصحفى من أهم عوامل النجاح وأنك لو كنت ذاهبا لمقابلة أحد المصادر فلابد أن تكون أشيك منه خاصة فى القسم الاقتصادى الذى كنا نعمل به سوياً،فمصادر الاقتصاد أغلبها وزراء ورجال أعمال وبنوك،ومهما كانت ظروفك الاقتصادية فلابد أن تعطى لمظهرك أولوية،خاصة أن الحكم على الناس فى كثير من الأوساط مع الأسف يكون من خلال المظهر قبل أى شيء.وهكذا كان خالد جبر ولا يزال حتى الآن لا يأتى لمقر الجريدة إلا وهو فى كامل أناقته،كأنه عريس فى ليلة زفافه.وكلما حاولت تقليده فى ذلك يداعبنى قائلاً:ماتحاولش يا شومة.والحقيقة التى أكتشفتها منذ أن عرفت خالد جبر أن شياكته وحسن مظهره وابتسامته التى لا تفارق وجهه ما هى إلا انعكاس لدواخله حيث لم يعرف قلبه الجميل يوما حقدا أو غيرة أو حسدا.فكان الدرس الأهم الذى علمنى إياه:كن جميلا من جوه يا شومة سيراك الناس جميلا من بره حتى لو ارتديت ملابساً عادية.فأرد عليه مداعباً:ياريس إنت لو لبست أى هدوم فتبدو مثل نجم السينما العالمى ريتشارد جير أما أنا فمهما ارتديت فلن أزيد فى أحسن أحوالى عن شكل النجم المصرى أحمد زكى فى مدرسة المشاغبين!

أما عن خالد جبر الصحفى الاقتصادى الكبير والمتميز فى تغطية أخبار البترول والطاقة فحدث ولا حرج، والغريب أن خالد جبر ورغم ضغوط العمل الصحفى التى مرت به منذ أن كان محررا ثم مديرا للتحرير وحتى وهو رئيس تحرير بوابة أخبار اليوم ثم تفرغه للكتابة إلا أننى أشهد الله أننى طوال معاشرتى له  لم أضبطه يوما متلبسا بتكشيرة أو منفعلاً، بل ظل كما هو منذ أن عرفته وحتى الآن بشوش الوجه جميل الطلة، صاحب نفس هاديء لا ينفعل أبدا، ويقول لى معلما:الانفعال لن يجدى نفعا يا شومة و يجعلك متوترا غير قادر على معالجة أية مشكلة.

كل سنة وانت طيب يا استاذ خالد يا نجم الاخبار وفتاها اللامع، متعك الله بالصحة والعافية وعشت بيننا  دوما مصدرا للطاقة الإيجابية شكلا وموضوعا، فبمثلك عاشت وستظل «الأخبار» دائما عروس الصحافة المصرية بلا منافس.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة