الجمعة، 15 يوليه 2022 - 08:20 م

ثمة أحداث وشخصيات وتفاصيل فى حقب منسية يصبح العثور عليها.. وكأنها أرشفة جديدة لزمن قديم، يشكل ذاكرةً ومرجعاً للأجيال الحالية والمقبلة.

ورغم أن المخرج مروان حامد كتب فى تيترات فيلمه «كيرة والجن»، بأنه خيال مستوحى من وقائع حقيقية، ولا يعد وثيقة يستند عليها، إلا أنه برع مع المؤلف أحمد مراد فى صنع رواية بديلة، وثقها بصور ومعلومات أرشيفية قدمها مع مشاهد حية، جعلت المتفرجين داخل الحدث بدلاً من الاضطرار إلى تخيله فى حال قرأوه أو سمعوه.

فى ثلاث ساعات، تناول فيلم «كيرة والجن» صفحة من صفحات المقاومة ضد الاستعمار البريطاني، بدءاً من حادثة دنشواى 1906، مروراً بثورة 1919، ثم جلاء آخر جندى بريطانى عن مصر فى 18 يونيو 1956، مازجاً بين مشاهد درامية وأخرى توثيقية - بالأبيض والأسود - تظهر فيها وقائع مذبحة دنشواي، والزعيم سعد زغلول إبان ثورة 1919، والرئيس جمال عبد الناصر وهو يتحدث عن جلاء الاحتلال تلك اللحظة الخالدة، كما قام الفيلم بالتركيز على فريق من الفدائيين المصريين قادوا مغامرات بطولية ضد جيش الاستعمار، وتصدوا بقوة للانتقام بعد قتل الإنجليز للمصلين بمسجد الحسين الذى راح ضحيته 12 قتيلاً و30 مصاباً، فأخذوا بثأرهم من القائد البريطانى «كييف»، وكذلك حادث الاعتداء على قرية «ميت القرشي» التى قتل فيها الإنجليز بالطائرات مائة فلاح مصرى رمياً بالرصاص، فكان الانتقام بقتل الكولونيل «دوجلاس»، و«السير لى ستاك» سردار الجيش المصرى فى ذلك الوقت.

توقف الفيلم عند هذه الحوادث التاريخية بعينها ليُعرف الأجيال الجديدة بشاعة هذا الاحتلال، والتضحيات التى بُذلت لإنهائه، حتى شخصيتى كيرة والجن مستوحاة من قصص أبطال حقيقيين.

كريم عبد العزيز جسد شخصية الطبيب «أحمد عبد الحى»، وهى شخصية حقيقية عُرفت بـ «أحمد كيرة»، وصفه الأديب الراحل يحيى حقى، بأنه كان بعبع الإنجليز.

بينما جسد أحمد عز شخصية «عبد القادر شحاتة الجن» الذى سعى لاغتيال وزير الأشغال محمد شفيق وحكم عليه بالإعدام، وخفف ليصبح السجن المؤبد.
خلاصة القول عن فيلم «كيرة والجن»، تأكيده أنّ السينما هى ذاكرة الشعوب، بما تملكه من صور مرئية أثبتت تفوّقها مقارنةً بالسجلات المكتوبة والروايات المحكية، والمناهج الدراسية التى تبخرت بفعل نظام تعليمى قائم على التلقين.